حذر جنرال أمريكي بارز من مخاطر التهاون مع "التهديدات السيبرانية" واستهدافها للحكومات والشركات والبنى التحتية الأساسية بهجمات إلكترونية خبيثة بغرض الابتزاز أو التجسس، ودعا إلى تحرك جماعي مشترك في إطار مفهوم عالمي مجتمعي، وأن يتم التصدي لتلك التحديات وفق نمط "الرياضات الجماعية ".
وأكد قائد "سَيبركوم" ومدير "وكالة الأمن القومي" NSA، الجنرال بول ناكاسون، أن التهديدات السيبرانية تعد مشكلة ضخمة للغاية في مداها وحجمها بحيث لا يقوى أي كيان أو منظمة على مواجهته بمفرده، لافتًا إلى أنه بينما تتولي الحكومة الفيدرالية أداء المهمة وتنسيق الأدوار، وقيادة المعركة في وجه التهديدات، فإن أكثر من 85 في المائة من البنية الأساسية الحيوية، بما فيها شبكات السايبر والاتصالات، تبقى في أيدي القطاع الخاص. لهذا، فإننا نعمل بشكل يومي على تحفيز الشفافية في الوقت الذي نتكامل فيه بفعالية ونتواصل مع المحترفين والمتخصصين في قطاع الأمن السيبراني.
جاء ذلك في مقال للجنرال بول ناكاسون، قائد "سَيبركوم" ومدير "وكالة الأمن القومي" NSA، نشرته مجلة "ديفينس نيوز" الأميركية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية لعام 2022، استقطب أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.
وقال الجنرال بول ناكاسون في مقاله: " في كثير من التحديات السيبرانية الكبرى التي تواجه عصرنا الحالي، تقابلنا تهديدات تعترض مصالحنا الجماعية، لذا فإن مواجهتها يستلزم عملًا جماعيًا متصلًا.
وأضاف أنه في ظل عصرنا الراهن الذي يتسم بالتنافس الاستراتيجي، تستخدم دول أجنبية العمليات السيبرانية لسرقة المعلومات، والتأثير على الشعوب، وتدمير الصناعة، فالتهديدات والتأثيرات باتت متشاركة: فأعداؤنا يستهدفون كل شيء- الحكومة، والصناعة، والمجتمع المدني وغيرها- وعصابات الجرائم السيبرانية تحتجز شركاتنا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، كرهائن وتبتزها وتطالبها بسداد أفدية، كما أنها تهدد البنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها الملايين.
لكي نحصل نحن الأميركيين على بيئة إنترنت آمنة وأكثر ضمانًا في المستقبل، يستلزم الأمر تعاوناُ مشتركًا بين القطاعين العام والخاص على حد سواء.
وتسعى قيادة "سَيبركوم" و"وكالة الأمن القومي" إلى مواجهة تلك التهديدات المتطورة عبر تقوية قدراتنا وجاهزيتنا ومرونتنا، ونتولى أداء تلك المهمة، جزئيا، من خلال تعزيز القدرة على اللعب في أرض الخصم.
وتقف قيادة "سَيبركوم" على أهبة الاستعداد أمام نطاق واسع من الأعداء في مجال الفضاء السيبراني. نقوم بحماية "شبكة المعلومات العالمية" لوزارة الدفاع، ونجري عمليات عبر النطاق الدفاعي والهجومي، ونوفر لوزير الدفاع والقادة الميدانيين خيارات سيبرانية أصبحت ذات أهمية متزايدة في عصر التنافس الاستراتيجي.
تنصب مهمة الأمن السيبراني لـ"وكالة الأمن القومي" NSA على منع التهديدات والقضاء على ما يمس منها أنظمة الأمن الوطني، ووزارة الدفاع، والبنية الأساسية الحيوية، مركزة جهودها على حماية ركائز التصنيع الدفاعي. وتسخر الوكالة "قوتها العظمى" المتمثلة في الرموز الاستخباراتية الأجنبية، والتحليلات المعمقة، والخبرة الفنية لأداء تلك المهمة.
الأمن السيبراني في جوهره يحاكي الرياضات الجماعية: فالمشكلة ضخمة للغاية في مداها وحجمها بحيث لا يقوى أي كيان أو منظمة على مواجهتها بمفرده. لذا ينبغي أن يعتمد كل من القطاعين العام والخاص، بما تشمله من الولايات والكيانات المحلية التابعة، على بعضهما البعض ويكمل كلاهما الآخر عند مواجهة تلك التهديدات ومن أجل تحسين قدراتهما على الدفاع الجماعي.
وبينما تتولى الحكومة الفيدرالية أداء المهمة وتنسيق الأدوار، وقيادة المعركة في وجه التهديدات، فإن أكثر من 85 في المائة من البنية الأساسية الحيوية، بما فيها شبكات السايبر والاتصالات، تبقى في أيدي القطاع الخاص. لهذا، فإننا نعمل بشكل يومي على تحفيز الشفافية في الوقت الذي نتكامل فيه بفعالية ونتواصل مع المحترفين والمتخصصين في قطاع الأمن السيبراني. وبالعمل سويًا، نستهدف إنجاز الهدف المشترك، ولعل من أكثر مجالات العمل أهمية بالنسبة لقيادة "سَيبركوم" USCYBERCOM و"وكالة الأمن القومي" NSA: الدفاع عن الأمة.
وفي ضوء الوتيرة الهائلة للتكنولوجيات التخريبية، ولاسيما على صعيد نظم تعلم الآلة الاصطناعي والحركة الذاتية، فإن قيادة "سَيبركوم" و"وكالة الأمن القومي" لا يقفا بمفردهما في مواجهة التحديات الراهنة، كما أنهما ليسا بحاجة إلى تعريف حلول مشكلات الغد. وهذا يفسر لماذا جاء استثمار "القيادة" و"الوكالة" في الوعي الفني مع الكيانات الأكاديمية، والصناعة، والشركاء الدوليين على نحو تعاوني، وهو أمر أخذ يؤتي ثماره.
وعبر "مركز تعاون الأمن السيبراني" الذي أطلقته "وكالة الأمن القومي" NSA، تتعاون الوكالة مع القطاع الخاص لمنع التهديدات لمنظومات الأمن القومي، ووزارة الدفاع، وركائز قطاع التصنيع الدفاعي. ويتشارك هذا المركز معلومات التهديدات مع شركائنا الحكوميين في الولايات المتحدة للمساعدة في جهودهم لحماية البنية الأساسية الحيوية، ولتقديم ميزة مقارنة في قدرتها على القيام برد فعل على التهديدات المعلوماتية الأجنبية للحيلولة دون حدوث تهديدات سيبرانية والقضاء عليها. وتعد استخبارات التهديدات السيبرانية، التي طورتها "وكالة الأمن القومي" كجزء من مهمتها الخاصة بالرموز الاستخباراتية، محركًا محوريًا في التبادلات المعلوماتية ثنائية الاتجاه.
كما أن العمل مع معهد ميرلاند للابتكار والأمن ضمن المرفق التعاوني التابع لنا "دريم بورت"، ستتمكن قيادة "سيبركوم" الأميركية من زيادة تطبيق سيناريو "ماذا لو حدث؟"، ومشاركته مع الصناعة والكيانات الأكاديمية فيما يعد تطويرًا تكهنيًا للأدوات والتقنيات في هذا المجال. وعلى سبيل المثال، فإن بوسع الأعداء خلق محتوى إنترنت اصطناعي مقنع باستخدام تقنيات "تعلم الآلة الاصطناعي"، فيما يعرف بالـ"التزوير المحكم أو العميق". ولكي نكتشف هذا المحتوى المزيف ونفضحه، يتعين على قيادة "سَيبركوم" أن تهيئ تقنياتها الخاصة "تعلم الآلة الاصطناعية وقدراتها لكي تواجه مثل ذلك. فالتحليلات اليدوية بمفردها لم تعد كافية من حيث السرعة والمدى لمواجهة المواد التي يبثها أعداؤنا.
وتعد الهجمات الإلكترونية الخبيثة بغرض الابتزاز وسداد الأفدية، من التهديدات الخطيرة والمتصاعدة التي تواجه البنية التحتية الأساسية الحيوية، وهو تحد آخر للأمن القومي للبلاد يجب علينا التصدي له من خلال نهج عالمي مجتمعي. وتعمل استراتيجية "الدفاع المتقدم" التي أطلقتها وزارة الدفاع الأميركية، وأعدتها "سَيبركوم"، على إعداد حملات سيبرانية لردع الأنشطة العدائية ووقفها وإجهاضها. وبتعاون شركائنا، فإن مهمة التأثير السيبراني ستتمتع بالقوة.
الحرص على توفير بيئة إنترنت مضمونة وآمنة لكل الأميركيين هي مصلحة مشتركة وجماعية؛ والتمتع بمثل تلك البيئية يستلزم جهدًا موحدًا ونشطًا وسريعًا. وتواجه وكالة "سَيبركوم" و"وكالة الأمن القومي" تحديات تتمثل في أن الفضاء السيبراني ليس ملكًا لنا بمفردنا- فالمجتمع بأسره يجب عليه الدفاع ضد الهجمات السيبرانية الخبيثة بدءًا من الهجمات السيبرانية البسيطة، وصولًا إلى الهجمات الإلكترونية الخبيثة بغرض الابتراز، والهجمات بغرض التجسس. وتلك البيئة المتطورة تمثل تهديدًا مشتركًا لنا، كما أنها سبب منطقي يجعلنا نصطف خلفه.
ومثلما تتصاعد التهديدات وتتطور، فإن المقاربات المبتكرة للتصدي لها تتخذ المسار ذاته. وإذا تمكننا من التعاطي مع فكرة السايبر كما لو كان نوعًا من الرياضات الجماعية، فإن تحديات اليوم يمكن أن تصبح فرصًا للغد تمنحنا حلولًا متشاركة وناجحة.