الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الدكتور ﭽورﭺ شاكر يكتب: عام جديد لميلاد مجيد

الدكتور القس جورج
الدكتور القس جورج شاكر نائب رئيس الطائفة الإنجيلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عام جديد لميلاد مجيد
بقلم الدكتور القس ﭽورﭺ شاكر
نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر

نحتفل فى هذه الأيام بعام جديد لميلاد مجيد... ميلاد يسوع المسيح، ويسرنى أن أقدم بإيجاز فى كلمات معدودة وعبارات محدودة نبذة مختصرة عن صاحب الميلاد المجيد.
منذ الأزل وإلى الأبد هو الله، ليس له بداية أو نهاية أيام، إلا أنه تجسد فى ملء الزمان يحمل إشراق فجر عهد جديد، ياله من تنازل فاق إدراك العقول. ما أروعه فى إتضاع ناسوته وما أعظمه فى مجد لاهوته، ما أبهاه فى نور مجده، وما أحلاه فى فيض نعمته.
وُلد من القديسة العذراء مريم وهى لم تعرف رجلًا. نعم.حدث غير مسبوق، إنه العجب العجاب، فلم نسمع عبر التاريخ الإنسانى كله مثل هذا الحدث المذهل الفريد. 
قد نتساءل كيف ؟ والإجابة: هل يستحيل على الرب شيء؟. 
ميلاده شطر التاريخ إلى قسمين قبل الميلاد، وبعد الميلاد، والسؤال: أليس هذا الأمر من أقوى البراهين على عظمة المولود؟!
لم يدر بيوم ميلاده سوى بعض من رعاة الأغنام على مروج بيت لحم... لكن اليوم يحتفل بعيد ميلاده الملايين فى كل بقاع الدنيا. 
لم يكتب كتابًا واحدًا فى حياته لكن إنجيله يملأ الدنيا كلها بكل لغات ولهجات العالم، وميلاده أضحى وحيًا ملهمًا، ونبعًا فياضًا دافقًا لملايين الأقلام عبر الزمان تتحدث عن غنى نعمته وفيض محبته.
فى يوم ميلاده كان فى احتياج إلى مكان ليولد فيه... أما اليوم فأجمل القصور والبيوت مهيأة ومكرسة لاستقباله وإكرامه.
طوال حياته على الأرض لم يضع حجرًا على حجر ليبنى له بيتًا... لم يكن له أين يسند رأسه... لكن اليوم بدائع فن هندسة العمارة تشيد له أضخم وأفخم الصروح لعبادته وخدمته. 
أعتقد أنه لم يلتحق بمدرسة أو جامعة، لكنه كان وسيظل أبد الدهر المعلم الصالح الخالد... تعاليمه وعظاته وأمثاله جمعت إلى عمق المعانى وروعتها بساطة العبارة ورقتها، علمنا أن نحب مَنْ يعادينا، وأن نبارك لأعنينا، وأن نصلى لمَنْ يسيء إلينا... تعاليمه السامية ستظل نورًا لسبيلنا ودستورًا لحياتنا.
لم يسطر قصيدة شعر واحدة فى حياته، ولم ينظم لحنًا موسيقيًا واحدًا... لكن اليوم قصائد نوابغ الشعراء بمصاحبة أعذب الألحان الموسيقية تشكل أروع السيمفونيات التى تشدو تمجيدًا وتعظيمًا لاسمه العظيم، وحبًا وتكريمًا لشخصه الكريم.

لقد كان يعمل قبل أن يعلم... كان يجول يصنع خيرًا، ويشفى كل مرض فى الشعب... كم كفكف من دموع... كم حطم من قيود... كم صنع من معجزات خارقة تفوق الوصف والإدراك أبهرت البشرية جمعاء... معجزات لا تحصى ولا تعد إن كُتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب التى تسطرها الأقلام... وما زال إلى اليوم يصنع معجزات فوق الخيال فهو هو لم ولن يتغير.

اجتمعت فى شخصيته الفريدة المتميزة النعمة والحق، التقت فيه الحكمة والبساطة، كانت له هيبة الأسد مع وداعة الحمل، كان رحيمًا ورقيقًا فى غير ضعف، وكان جبارًا وقويًا فى غير عنف، وكان عظيمًا ومتألقًا ومع ذلك كان وديعًا ومتواضعًا.

اسمه: عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا يلازمنا ويزاملنا عبر رحلة الحياة، فى حلوها ومرها، فى ورودها وأشواكها. فى عواصفها ونسيمها، فى الفرح والحزن، فى الربح والخسارة، فى الرحب والضيق، فى الصحة والمرض، فى القوة والضعف، فى كل مكان وكل زمان، كل الأيام إلى أن يأتى ثانية، أو نسافر إليه أيهما أسبق.

كما أن اسمه يسوع الذى معناه المخلص، أنه يخلصنا من الخطية، الخطية التى تهدر كرامة أى إنسان، وتجعله يعيش فى صراع وضياع وفراغ، الخطية التى هى عار ومرار ودمار، الخطية التى أجرتها ونهايتها موت.