أظن أننا جميعا نتفق أن مسلسل "إلا أنا" الذي يعرض على قنوات "دي إم سي" بحلقاته المتنوعة يمثل نقلة نوعية في قوة السيناريو والحوار والحبكات والإخراج والتمثيل واختيار مواقع التصوير وتوزيع الأدوار، المسلسل فكرة وقصة الكاتب يسري الفخراني، ومن إخراج أحمد يسري. وأكثر ما يثير الإعجاب بهذا العمل الدرامي الذي يحترم المشاهد؛ تناوله لمشكلات واقعية تمس كل بيت مصري وعربي بطلاتها سيدات مصريات لكل منهن صراعها مع الحياة ودواماتها.. تحارب المجتمع والأسرة والقوانين العقيمة والقلوب غير الرحيمة والغدر كلها مواقف ربما تمر على البعض مرور الكرام لأنه يستمع لقشور الحكاية، بينما يطرح المسلسل في كل حكاية على مدار عدة حلقات تفاصيل المعاناة والمشاعر التي تستهلك المرأة وطاقتها.
استوقفتني حلقات "تقلها دهب" التي كتبها حسن كمال، وهي تروي حكاية بطلات مصر هداية ملاك، فريال أشرف وسمر حمزة وحكايتهم مع الألعاب القتالية التي كثيرا ما ترفض العائلات أن تمارسها الفتيات لأنها قد تنتقص من أنوثتهن، فهنا مسلسل يتناول بطلات أولمبيات، ويكشف صعوبة رحلة نجاحهن فهناك عقبات الأسر التي لا تعتقد بأهمية الرياضة وقيمتها للإنسان ولوطنه، وهناك مدربين مستغلين يبحثون عن حصص "برايفيت" كالدروس الخصوصية في المدارس، وهي مشكلة بالفعل تؤرق الأسر التي يمارس أبنائها الرياضة أيا كان مستوى النادي أو المركز الذي ينتمون إليه، هنا المسلسل يطرحها بشكل مباشر مشكورا، كما يطرح مشكلة رعاية الأبطال في الرياضات الفردية، وهي المشكلة الكبرى برأيي في مصر.
فإلى متى سيظل الاهتمام الأول والكبير بكرة القدم فقط في حين أن لدينا عشرات الألعاب تحتاج لدعم الأبطال منذ بداياتهم، لدينا بالفعل طاقات بشرية جبارة في كل المجالات تحتاج لرعاية من القطاع الخاص ومن الدولة. المسلسل هنا يطرح فكرة شركات الرعاية الرياضية الخاصة التي تستثمر في الأبطال الرياضيين. إن الرياضة بالفعل من أهم مصادر القوة الناعمة. فإذا لم نرعى أبطالنا سيتوجهون للعب بأسماء دول أخرى تقدر الألعاب الفردية ومن يتفوق فيها. أجد المسلسل بادرة طيبة للاهتمام بأبطالنا الرياضيين وطرح قصصهم الملهمة للأجيال الجديدة الشغوفة بقصص التفوق الرياضي. تحية لصناع العمل وتحية لبطلاتنا الذهبيات.
