يعد المؤرخ الفلسطيني أحمد صدقي الدجاني، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأربعاء، أحد مفكري الأمة في القرن العشرين، ورمز اللسان العربي، والعمل الوطني الفلسطيني، وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، حيث عمل مدرساً وهو في الرابعة عشرة من عمره وهي المرحلة التي ألزم نفسه خلالها بالتحدث باللغة العربية الفصحى حتى وفاته.
ولد الدجاني في السابع من مايو 1936 في يافا، وهاجر مع أسرته من يافا عام ١٩٤٨، واستقر مع عمه في اللاذقية، حصل الدجاني، على درجة الإجازة في التاريخ عام ١٩٥٩ من الجامعة السورية، ثم انتقل إلى ليبيا ليعمل في الإعلام والإذاعة، وهناك حصل على الماجستير عن الحركة السنوسية، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الآداب من قسم التاريخ في جامعة القاهرة عام ١٩٦٩ أسهم في ١٩٦٤ في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكان عضوًا بالمؤتمر الفلسطينى التأسيسى، وشغل منصب مدير عام دائرة التنظيم الشعبى بالمنظمة عام ١٩٦٦، ثم أصبح عضوًا باللجنة التنفيذية، وظل عضوا بها حتى ١٩٨٤ إذ أعلن تركه اللجنة التنفيذية لاختلافه مع قيادة المنظمة حول الخط السياسى العام.
ترأس "الدجاني" المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم بمنظمة التحرير الفلسطينية لمدة طويلة، وظل عضوا بالمجلس الوطنى، وعضوا بالمجلس المركزى بالمنظمة منذ عام ١٩٧١، وعضو الصندوق القومى منذ عام ١٩٧٤، وعضو الوفد الفلسطينى للأمم المتحدة بين عامى ١٩٧٧ و١٩٨٤، وكان مسؤول الحوار العربى الأوروبى بين عامى ١٩٧٥ و١٩٨٥، عمل الدجانى مدرسًا في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، ثم رُشح واختير عضوًا عن فلسطين بأكاديمية الملكة المغربية، وظل عضوا بها حتى رحيله.
أسهم الدجاني في تأسيس المؤتمر القومى العربى، وكان عضوًا لأمانته العامة واختير ليشغل منصب المنسق الأول للمؤتمر بين عامى "١٩٩٤ و١٩٩٧"، وعضوا بلجنة المتابعة للمؤتمر.
شارك الدجانى أيضا في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وعضوا بمجلس أمنائها وعضوا بلجنتها التنفيذية، ونائبا لرئيسها، كما شغل منصب عضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربى، وأسهم في فعاليات مركز دراسات الوحدة العربية، وقد نشر مقالاته في عدد كبير من الجرائد العربية منها "البلاغ" في ليبيا، و"الجمهورية" بمصر، "الخليج" بالإمارات، "الأهرام" بمصر، اختير عضوا مراقبا بمجمع اللغة العربية في مصر وسوريا، له نحو ستين كتابا في التاريخ والفكر السياسى والدراسات المستقبلية والعلوم الإنسانية.
وأقام في مصر منذ عام ١٩٦٨ قضى حياته مدافعا عن قضايا الأمة العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية خاصة.
عايش الدجاني المفكر الفلسطيني "منير شفيق" وعملا معا لمدة طويلة في منظمة التحرير الفلسطينية، فأضاء بكلمته أبعادا مهمة من شخصية الدجاني، ودوره القيادي البارز في حفظ توازن المنظمة، في أجواء الصراعات والاستقطابات الكبيرة، التي عرفتها الساحة الفلسطينية، مشيرا إلى قدرته على تحدي التيار، من دون أن يقطع علاقات الود مع الناس، مؤكدا أن التزامه الحديث باللغة الفصحى طيلة حياته، كانت من العلامات الكبرى لأصالة شخصيته وقوتها في آن، حيث كان قادرا على إدارة مؤتمرات تضم المئات، أو الندوات، التي يشارك فيها العشرات، من مشارب واتجاهات مختلفة، دون غضب أو تجهم. قائلا عنه: "إنه كان عميق الفكر، مدققا للأخبار، محبا للتاريخ، وثيق الصلة به، جلودا على الاستماع".