الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

بعد سنوات من الإنكار والتخفي.. انكشاف علني لدور حزب الله في اليمن

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

طوال 7 سنوات من النزاع القائم في اليمن، ساهم حزب الله اللبناني في دعم جماعة الحوثي، أحد أطراف ما يسمى "محور المقاومة" التابع لإيران، وكان حضور الحزب اللبناني في دعم الحوثيين يتم بأكبر قدرٍ من السرية، ما جعل زعيمه حسن نصر الله ينفي مرارًا وجود أي دور عسكري للحزب في اليمن.

وفي تحولٍ نوعيٍ في هذا الصدد، استطاع التحالف العربي الذي تقوده السعودية تقديم أدلة مادية دامغة عن مشاركة الحزب المباشرة في النزاع القائم في اليمن، وأزالت هذه الأدلة التي عرضها المتحدث باسم التحالف العربي تُركي المالكي حالة الضبابية التي ظلت مرتبطة بانخراط حزب الله مع الحوثيين دون وجود الأدلة القاطعة في الفترة الماضية.

المالكي قال إن التحالف حقق اختراق استخباراتي ناجز داخل الهرم القيادي للحوثيين، واستعرض في مؤتمر صحفي بالرياض مقاطع فيديو لاجتماعات عناصر من حزب الله مع قيادات حوثية في موقع بمطار صنعاء يستخدم في أجزاء منه لتفخيخ الطائرات المسيرة واختبار صواريخ الدفاع الجوي؛ وما كان مهمًا في مؤتمر المالكي هو تقديم الدليل الدامغ عن وجود نشاط واضح لحزب الله إلى جانب الحوثيين.

ظهر أبو علي الحاكم وهو قيادي حوثي رفيع يدير جهاز الاستخبارات الخاص بالحوثيين يتلقى التوجيهات من قيادي في حزب الله يوصيه بالسيطرة على البحر الأحمر، واستعرض معه طموحات "السيد" بالمشاركة في الحرب في اليمن، في إشارة لحسن نصر الله، ومغبة الخلافات البينية، والأخطار الوشيكة بالحديدة والتي انقضت بتدخل الأمم المتحدة وإقرار اتفاق ستوكهولم، إذ كان واضحًا أن هذا النقاش دار بالتزامن مع نقاشات اتفاق السويد.

ويلتقي الحوثيون مع حزب الله في نقاط كثيرة، أبرزها أن التيارين تابعين لإيران ضمن ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي يضم الجماعات المدعومة من إيران في سوريا ولبنان واليمن والعراق، كما أن الجماعتين تنهلان من نهجٍ فكري وعقائدي واحد، بخلاف أن حزب الله أصبح أمرًا واقعًا في لبنان بينما الحوثيون لا زالوا في حالة حربٍ مع القوى اليمنية المناهضة لهم ولم يتحدد مستقبلهم بعد.

في مناسباتٍ كثيرةٍ ظل حسن نصر الله ينفي تورط حزبه في المشاركة مع الحوثيين؛ لكنه لم يُخفي تأييده للجماعة وتمنيّه القتال إلى جانبها، ومع ثبوت الأدلة القطعية يُتضح أن نصر الله كان يناور في خطاباته مُحاولًا تبرأة الحزب المصنف لدى العديد من دول العالم جماعةً إرهابية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ودول مجلس التعاون الخليجي، وأستراليا.

وخسر الحزب الذي يغذي أنشطته من الدعم الإيراني وتجارة المخدرات العديد من عناصره في اليمن، من ضمنهم 8 عناصر بينهم قيادي أعلن التحالف قتلهم أواخر يونيو 2018م، كما قتل في الـ 9 من ديسمبر الجاري القيادي أكرم السيد في مأرب وفق ما أكد وزير الإعلام اليمني معمر الارياني الذي اعتبر مقتل السيد "ضربة موجعة لنظام طهران ومليشياته الطائفية".

إلى قبل ظهور أدلة التحالف العربي، كان ما يعزز فرضية التواجد الواقعي لحزب الله في اليمن هو تطوّر قدرات الحوثيين على مستوى تقنيات الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وتفخيخ الزوارق وتسييرها عن بعد، وهذه الخبرات التي لم تكن موجودة حتى لدى الجيش اليمني قبل انقلاب الحوثيين لم يرثها الأخيرون بل كانت دليل على وجود طرف فاعل يطورها باستمرار أتضح أنه حزب الله من خلال خبرائه في اليمن.

ومع تأكيد هذا الدور المباشر، إلا أنه لم يعرف بعد عدد العناصر الموجودة في اليمن والتابعة لحزب الله، والتي تتخفى بأسماء حركية وبعضها حصلت على جوازات يمنية استصدرها الحوثيون عبر مصلحة الجوازات في مناطق سيطرتهم؛ لكن طارق صالح نجل شقيق الرئيس الراحل وقائد قوات "المقاومة الوطنية" قال في أحد الحوارات الصحفية إن الحزب أرسل أكثر من 300 خبير الى صنعاء منذ العام 2011م.

يبدو جليًا أن النشاط العابر للحدود لحزب الله ليس سهلًا بل له أهدافًا بعيدة المدى، ويحمل في طياته تهديدًا حقيقًا لأمن المنطقة العربية، سيما وأن الحزب أداة إيرانية تتبع أجندة طهران التوسعية، ولذلك يبدو خطره في اليمن مضاعفًا كون اليمن ترتبط بحدود جغرافية مع السعودية التي تعتبرها إيران العدو اللدود لها ويطلُ على مضيق باب المندب الهام، إذ أن هذا الخطر يمتد حتى إلى التهديدات المزعزعة لأمن الملاحة البحرية كون الحوثيين يسيطرون على مدينة الحديدة المرفئية.

ولا يُستبعد أن يبادر الحوثيون بدعم خبراء حزب الله وتوجيهات من إيران في تنفيذ هجمات ضد خطوط الملاحة الدولية المارة بمضيق باب المندب، خاصة في ظل حالة التوتر القائمة بين إيران والولايات المتحدة من جهة وإيران وإسرائيل من جهة أخرى، في الوقت الذي توشك أن تصل الجولة الثامنة من المفاوضات النووية بين إيران والقوى الغربية إلى طريق مسدود وتلويح الولايات المتحدة بخيارات أخرى لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.