أربعة عشر عاما تمر على إطلاق ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، سنوات من الإبداع شهدتها مدينة طيبة العظيمة قدمها مئات الفنانين التشكيلين من خلال لوحات فنية جسدت مشاهد من الحضارة الفرعونية والمناظر الطبيعية والبيئة الأقصرية وكان نهر النيل مصدرا لإلهامهم.
فهذا الملتقى الذي أسسه الفنان التشكيلي الكبير الدكتور إبراهيم غزالة، شاء الحظ أن أكون شاهدا على غرس أول سنبلة به بمشاركة نخبة من أهم الفنانين التشكيليين آنذاك في مصر والعالم، وعاما تلو الآخر ترعرعت شجره الملتقي وظللت أوراقها علي أهل المدينة العريقة بأعمال فنيه تحاكي الوجدان والعقول وتجذب إليها الانتباه من جميع المستويات وأصبح الملتقى حدثا سنويا ينتظره الجميع.
شهد الملتقى في النصف الأول من عمره انتشارا كبيرا بعدما كانت فعاليات الختام تقام في ساحة أبو الحجاج تزامنا مع ختام مهرجان التحطيب الشهير بالأقصر فكان ذلك فرصة للمتلقي العادي الاستمتاع بلوحات فنية بديعة وكذا الاستمتاع بالفن الشعبي الأصيل.
ولكن في النصف الثاني من عمره بدأ هذا الانتشار في التلاشي بعدما أصبح الملتقى لا يخاطب إلا النخبة مبتعدا عن رسالته وأهدافه الفعلية وهي نشر الإبداع الفني الذي يتحقق بريشيه أبرع الفنانين ليراه الجميع الكبير والصغير والمرأة والفتاة والرجل والصبي سواء كانوا متخصصين أو عشاقا لفن التصوير بالرسم.
وذلك بعد أن انحصرت إقامته بين جدران فندق إقامة الفنانين واقتصر رواده على الفنانين المشاركين من الشباب وأسرهم وأصدقائهم بعيدا عن العامة من أهالي المدينة.
فالملتقى لازال في عمر الزهور ولا نرغب في أن يصاب بتجاعيد الشيخوخة بسبب ابتعاده عن الناس والمتلقي العادي فيصبح التكرار وعدم التجديد سمة تتوجه رغم روح الشباب التي تتوغله من خلال مشاركه طلبة وطالبات كلية الفنون الجميلة ضمن فعالياته.
وهنا لا يفوتني الإشادة بأعمال شباب الفنانين في دورته الرابعة عشرة من بينها لوحات الفنانة هدير رزدق والتي تحمل اسم ترحال واستخدمت فيها الفنانة مادة الأكريليك على خامة توال وهي تعكس التضاد بين القديم والحديث والذكريات المتراكمة.
فاللوحات تحمل فكرة التناقضات والتضاد في الألوان الأبيض والأسود فلقد تأثرت هدير بالطبيعة وقدمت عملا فنيا مميزا.
ومن الأعمال الشبابية أيضا التي لفتت انتباهي لوحة بعنوان مصرية وطائر للفنان بلال حمدي والذي استلهم من خلالها العنصر الإنساني والعنصر الحيواني من طيور وأيضا نباتات على جدران من معابد المدينة القديمة فاللوحة تعبر عن المشاعر المحيطة بجو الأقصر الساحر.
هناك عمل آخر مميز للفنان الشاب خالد العجيزي حيث قدم لوحة بعنوان الحارس مستخدما فيها الزيت على توال والعمل عبارة عن مشهد لفلاح صعيدي يعمل بمسجد حسن فتحي بقرية القرنة بالبر الغربي ويصور العمل اجتهاد الفلاح في العمل وإزالة الشوك من الأرض وبجانبه القط المصري الحارس له واستلهم العجيزي رموزية القط من الحضارة المصرية القديمة حيث اتخذه الفراعنة لهم كحارس للملك وتم تنفيذ العمل بتقنية المونوكرم وذلك لإبراز الجانب القديم للأرض والجانب الحاضر لاستمرارية العمل عن الفلاح المصري .
إذن نحن أمام حدث فني كبير يحتاج لرؤية جديدة تختلف عن طريقة إدارته التي انطلق بها، وهو ما سنتحدث عنه بالحلقة المقبلة.