"إنها مأساة ضخمة، مأساة اللاجئين النازحين عن الأرض المحتلة، مأساة حاولت قدر استطاعتي وامكانياتي الفنية أن أعطى أبعادها في اللوحة" تعد تلك أشهر أقوال الفنان التشكيلي السوري لؤي كيالي، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأحد.
بدأ كيالي الرسم وهو في الحادية عشرة من عمره، أولى خطواته بالرسم فى عام 1945 ليعرض أولى لوحاته فى مدرسة التجهيز بحلب عام 1952 وفى عام 1954 أنهى الدراسة الثانوية وبدأ بدراسة الحقوق فى جامعة دمشق.
تابع كيالي في مجال الفن، ولكنه التحق بعد المدرسة الثانوية بكلية الحقوق في جامعة حلب في 1956، ولكنه لم يكمل مرحلته الجامعية وترك كلية الحقوق، وشارك كيالي في السنة التي تلت تركه للجامعة بمعرض يقام في الجامعة وفاز بالجائزة الثانية.
أُرسل كيالي في بعثة من وزارة المعارف السورية إلى إيطاليا بغية دراسة الرسم بطريقة محترفة في أكاديمية الفنون الجميلة في روما، وبعد أن ظهر اسم كيالي بسبب تصدره بين زملائه خلال سنواته الدراسية في الكلية، شارك في العديد من العروض والعديد من المسابقات وحصل على الجائزة الأولى في مسابقة سيسيليا والميدالية الذهبية للأجانب في عام 1959.
وكانت العاصمة الإيطالية، روما، مسرحاً لإبداعات هذا كيالي الذي يتقن اللون والخطوط ويشحنها بطاقات داخلية إنسانية خاصة، فعرف هناك على نطاق واسع، وقبل أن ينهي دراسته الجامعية، فأقام عدة معارض للوحاته، ونال أكثر من جائزة، ثم عاد إلى سوريا بعدما تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في روما، ودرس في المعهد العالي للفنون الجميلة.
نظم كيالي أول عرض شخصي له في روما في عام 1959 فى صالة "لافونتانيلا" ومثل بلده سوريا إلى جانب الفنان "فاتح مدرس " في معرضه بعنوان "لابيناليه" في مدينة البندقية.
نال كيالي الجائزة الثانية في مسابقة بعنوان "ألاتري"، ولم يتوقف بعدها عن تنظيم المعارض فأقام معرضه الخاص الثاني في صالة المعارض في مدينة روما، ثم أقام كيالي معرضه الثالث في صالة الفن الحديث العالمي في مدينة دمشق، وكان ذلك المعرض من أهم المعارض الأولى له في مدينة دمشق بسبب تأثر الوسط الفني بأسلوب وتقنيات وأفكار كيالي، كما أقام كيالي معرضه الثامن في مدينة بيروت، ثم عاد إلى سوريا وأقام معرضه التاسع في صالة الشعب للفنون الجميلة في دمشق، وعاد إلى بيروت بعد فترة وأقام معرضه العاشر هناك في صالة "وان".
نظم كيالي آخر معرضين له في صالة الشعب للفنون الجميلة في مدينة دمشق فكان المعرض الحادي عشر في 1976 والثاني عشر والأخير في عام 1978.
بيعت العديد من لوحات كيالي بأسعارٍ عالية حيث وصل سعر لوحاته التي قدمها في إحدى معارضه في صالة الفن الحديث في دمشق إلى 350 ألف للوحة الواحدة، وبيع حينها ما يقارب 37 لوحة، وكانت تلك المبيعات من أفضل وأعلى المبيعات لأي معرض فني في سوريا حينها، مدح العديد من الفنانين العالميين كيالي وفنه، وشبه أحد الفنانين العالميين الوجوه التي يرسمها كيالي بالوجوه التي يرسمها "موديلياني"، وهو أحد الفنانين الإيطاليين المشهورين، وتميزت لوحاته بأسلوب متفرد من وجوه طويلة وأجساد نحيلة تنبعث من عيونها نظرات حزنٍ وبرود.
رسم لؤي كيالى اللوحات الزيتية بأشكالها فأبدع فى رسم الطبيعة الصامتة والمعاناة الإنسانية كما حلق بفن البورتريه والكروكيه والرسم بالفحم، لكنه لشدة حساسيته لم يستطع تحمل هجمات الناقمين الشرسة التى لم تكن فى حينها مبررة إلا بكونها حاقدة تدفعها الغيرة من فنان مقتدر تملّك ناصية الفن وقدم الكثير وأبدع فى عالم الفن.
ثقافة
لؤي كيالي.. رسام الألم الصامت
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق