«أولادنا متربيين»، لعل هذه الجملة أبلغ رد على أى اتهام لأى شخص، فالتربية هى أساس الشخصية ومحاورها الأساسية، وبالبحث وراء كل جريمة تحدث فى المجتمع تجد الكثير من الأسباب المتعلقة بالتربية والتنشئة الاجتماعية، فهناك قاتل وإرهابى، تربى بطريقة خاطئة، وكذلك النصاب والمحتال، وأيضا عديم الضمير الموظف الهارب من عمله، وأيضا غير المتقن والمهمل فى عمله، وأيضا انتشار بعض الظواهر مثل التنمر والسخرية من الآخرين، والتعصب الدينى والرياضى والاجتماعى.
الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أكد فى أحدث تقرير له، نوفمبر 2021، أن عدد أطفال مصر بلغ 41 مليون طفل منهم 21 مليون ذكر و20 مليون طفلة، وأن الأطفال فى الفئة العمرية 4 سنوات وأقل يمثلون نسبة 14% بينما الأطفال من عمر 5-17 سنة يمثلون 6%من إجمالى السكان.
«البوابة»، فتحت ملف التربية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة وآثاره على المجتمع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالسلبيات التى تنشأ من ضرب الأطفال من ناحية، والتهاون فى أخطائهم من ناحية أخرى، وكذلك غياب القدوة الأبوية، وتعلم الأطفال السخرية والتنمر من الآخرين، والتعصب الدينى والرياضى، كلها لها أضرار كبيرة على المجتمع.
قضايا وجرائم كثيرة هزت المجتمع يكون أبطالها أطفال أو شباب تربوا وعاشوا فى ظروف تنشئة اجتماعية خاطئة، وصلت إلى أن هناك أطفالا محكوما عليهم أو محبوسين احتياطيًا، فى قضايا وجرائم قتل عمد واغتصاب واتجار فى المخدرات، ويقضون فترة أحكام تتراوح ما بين ٣ سنوات إلى ١٠ سنوات فى المؤسسات العقابية.
آخر تلك القضايا كانت قضية الطفل «محمود» صاحب الـ١٤ عاما الذى تعرض للإهمال وسوء المعاملة من والدته التى تخلت عنه ورفضت رعايته بعد انفصالها عن والده والذى توفى لاحقًا، حيث تزوجت بآخر. غير أن المجلس القومى للطفولة والأمومة، تدخل فورا فى الواقعة حتى لا يكون «محمود» أحد الأطفال الذين تؤدى بهم الظروف والتنشئة الخاطئة إلى مصير مجهول، حيث قدم المجلس كافة سبل الدعم للطفل محمود، ولا سيما الدعم النفسى، والقانونى، فضلًا عن متابعة التحاقه بالتعليم.
فى البداية تقول الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذ القانون الجنائى، بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن التنشئة الاجتماعية السليمة تعتبر أساس بناء المجتمع، وكلما كانت قوية وتغرس القيم والأخلاق السليمة فى النشء، قلت الانحرافات والجرائم، لافتة إلى أن انهيار القيم وزيادة معدلات الجريمة وفقد الهوية الوطنية يرجع إلى التربية الخاطئة من قبل الأسر ومؤسسات التنشئة منها المنزل والمدرسة والنادى والمسجد والكنيسة وغيرها. وأشارت أبو شهبة، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أنها أجرت العديد من البحوث والدراسات حول الجرائم فى المجتمع، واكتشفت خلال دراستها لكثير من المجرمين، أن السبب الرئيسى فى انحرافه يرجع إلى تربيته بطريقة غير سليمة، فى طفولته، لافتة إلى أن مؤسسات التنشئة الاجتماعية مسئولة عن غرس قيم المودة والمحبة والسلام النفسى، وعدم الاعتداء على الآخرين، واحترام الآخرين والآباء، وهذا يبدأ من الأسرة، ويتنقل إلى المدرسة عليها دور كبير فى التربية قبل التعليم، فهى التى تعلم الانتماء والحفاظ على الممتلكات العامة وعدم رشها بالطوب مثل الظواهر المنتشرة حاليا، وكذلك غرس الهوية الوطنية وحب الوطن، وحفظ الأمانة وعدم خيانته.
ونوهت إلى أن الجامعات والنوادى والمساجد والكنائس، والسينما والدراما والإعلام، تلعب دورا كبيرا فى تشكيل شخصية النشء، فمثلا المحتوى الثقافى والاجتماعى والفنى الذى يقدم وهو من يرسم الآثار سواء السلبية أو الإيجابية على الشخصية، فالأفلام يمكن أن تخرج جيلا واعيا ومحبا لوطنه، ويمكن أن تخرج بلطجية وتجار مخدرات، وهذا حدث فى المجتمع. وأشارت إلى أن التنشئة الاجتماعية السليمة ليس لها علاقة بحالة الغنى أو الفقر، فتجد طفلا ذكىا نشأ فى أسرة غنية أصبح يقود عصابة، لكن أسرته متصدعة، ويعيش مع الأم المطلقة، فتربى بصورة خاطئة ليست سوية، وأيضا هناك قضية شهيرة لفتاة غنية ومن أسرة مرموقة وكانت خريجة جامعة أمريكية، وتزعمت عصابة لسرقة السيارات الفاخرة، موضحة: «التقيت بهذه الفتاة فى السجن، وبحثت فى حالتها، وجدت أنها تربت فى جو غير صحى، رغم ثراء الأسرة، والمناصب المرموقة، إلا أن التربية الخاطئة جعلتها تتعاطى المخدرات وتسلك الطرق الإجرامية «.
ونوهت إلى أن ضرب وإهانة وطرد الأطفال، تفضيل الأولاد على الأبناء فى المعاملة، يعتبر سببا رئيسىا فى خروج أطفال غير أسوياء ويصبحون منحرفين، موضحة: «هناك آباء يضربون أبناءهم ويهينونهم ويتهمونهم بالفشل، وكذلك هناك أمهات تفضل الأولاد على البنات وتقدم أطعم أفضل من اللحوم، للأولاد وتحرم البنات، ويقولك ده الرجل».
وأكدت أن سبب التربية الخاطئة يرجع إلى جهل الأمهات والآباء أحيانا، والسعى وراء الأمور المادية وسافروا للخارج، وتركوا الأبناء من ناحية أخرى، ويمكن أن يكون بسبب افتقاد الأبناء للقدوة الأسرية، ويكون الأب أو الأم منحرفين، فبالتالى سيخرجون أطفالا على شاكلاتهم، لافتا إلى أن هناك تمزقا فى المجتمع ولا يوجد رقابة أسرية على أفراد الأسرة توجه لما يفيد الأخلاق والمجتمع.
وشددت أبو شهبة على ضرورة تضافر كل جهود مؤسسات الدولة، لوضع استيراتيجية شاملة للتربية السليمة للأطفال، حتى يخرج أجيالا لديها قيم وأخلاق، تحفظ وتصون الوطن، لافتة إلى أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة بدلا من أن تخرج لنا عالما، تخرج لنا مجرما، وبدلا من طبيب، يكون مدمنا، وبدل من أستاذ جامعة يكون تاجر مخدرات، وبدلا من شرطى يحمى الوطن يكون زعيم عصابة، وبدلا من محب للوطن يخرج خائنا.
أجيال عنيفة
وكشفت الدكتورة رحاب العوضى، أستاذ علم النفس السلوكى، أن ضرب الأطفال من أجل تقويم سلوكهم، أسلوب تربوى غير سليم، ويؤثر سلبا على الطفل طوال حياته، ويجعله ناقما على أسرته والمجتمع، ويقتل بداخله المشاعر الإنسانية، ويرغب فى العزلة والانطواء، كذلك يستخدم العنف أيضا مع أولاده وزوجته. وشددت العوضى، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، على ضرورة التحذير من خطورة ضرب الأطفال لتربيتهم، لافتة إلى أن التربية السليمة تكون بالرفق واحتواء المساعر واستثمار الطاقات، والعقاب يكون بطرق أخرى غير الضرب منها الحرمان من بعض الأمور المحببة للطفل.
ونوهت إلى أن تربية النشء بصورة سليمة يخدم الوطن ويخرج أجيالا واعية، تبنى ولا تهدم، يكون لديها ذوق رفيع، متفاعلة فى جميع الأمور، وبالتالى لا بد من استراتيجية كبيرة لتعليم الأمهات على التربية السليمة حتى إن كان الأمر عبر حملات توعية فى وسائل الإعلام، أو مراكز الأسرة الصحية.
ضياع القيم
وقال الدكتور شحاتة زيان، أستاذ علم النفس، رئيس قسم الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية، إن أساس تكوين المجتمع هى الأسرة، وهى فى من تضع أسس الهوية للطفل، من خلال التربية التى تنشئه عليها، فإذا تربى الطفل تربية سليمة خرج إلى المجتمع سليما، مقاوما لأى انحرافات حتى وإن وضع تحت ضغوط لقبولها، مشددا على أن الانفتاح التكنولوجى، أدى إلى تفسخ القيم فى الأسرة، مما جعل أجيالا كاملة تخرج إلى المجتمع، غير متشبعة بالهوية الوطنية والعادات والتقاليد الأساسية.
وشدد زيان، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، على أن الوظيفة الأساسية للأسرة هى التنشئة السليمة للأطفال، وتعليمهم وإمدادهم بالدفء والحب، والاطمئنان، لكن ما يحدث خلال الفترة الراهنة فى معظم الأسر، هو حالة من الانشغال بأمور البحث عن الأمور المادية، فانشغلت الأم عن تربية أبنائها، وكذلك الأب، فترك الأبناء فريسة سهلة لوسائل التواصل الاجتماعى تربيهم كيفما تشاء، وتضع لهم القدوة التى تسوقها، وتمدهم بالخيرات التى تريد أن تغرسها فى المجتمعات عبر حروب الجيل الرابع.
ولفت إلى أن الهدوء العائلى أصبح غير موجود، ويشعر الأبناء والوالدان بالغربة العائلية، وفقد روح الترابط من تناول الطعام فى جو أسرى حتى ولو مرة واحدة فى الأسبوع، حتى لو هم موجودون داخل البيت الواحد، فالجميع منغمس فى عالمه الافتراضى، داخل غرفته، لافتا إلى أن القدوة الأبوية انعدمت، وحل محلها شخصيات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى.
وأشار زيان، إلى أن الوطن فى مرحلة فارقة وفى غاية الخطورة، ومحتاج إلى استراتيجيات للحفاظ على الأسر من التفكك، ومواجهة تخثر القيم الأسرية، عبر برامج توجه بالتفهم والتقريب دون إفراط فى تدليل فى تربية الأبناء، والرقابة عليهم بوعى دون تضييق وترهيب؛ لافتا إلى أن ترك هذه الظاهرة يؤثر على الانتماء للوطن، ويخلق هوية مشوهة، وجيلا مضطربا نفسيا وفكريا، وهو ما يظهر جليا الآن فى بعض تصرفات الأطفال حيال المرافق العامة، بإلقاء الحجارة عليها، أو تشويه المنشآت، أو التنمر بكبار السن، وعدم احترام الآخرين.
تفكك أسرى
ومن جانبها، شددت الدكتورة هند فؤاد، أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، على أن التكنولوجيا الحديثة والانفتاح على العولمة والإنترنت، فرض واقعا متغيرا ومتطورا وسريعا امتلكه الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب وبالتالى وجدوا فيه بيئة خصبة للحوار والدردشات ولتلاقى ثقافة جديدة لهم دون استيعاب آثاره السلبية عليهم وعلى مجتمعهم.
وأوضحت فؤاد، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن مجتمعا افتراضىا بدون ضوابط ورقابة فى معظم الدول اصبح سهل الاستخدام فيما لا يستطيعون ممارسته فى الواقع الحقيقى، ومن ثم انتشرت العديد من الاستخدامات غير أخلاقية من خلاله وتمتع بسهولة الانقياد والإدمان لهؤلاء الشباب والأطفال.
ولفتت إلى أن زيادة معدلات الطلاق والتفكك الأسرى المنتشرة فى مجتمعنا المصرى ازدادت سطوة العالم الافتراضى على الشباب والأطفال فاصبح الملجأ الوحيد لهم ولغيرهم ناتجى التفكك الأسرى فجعلوه الصديق والشريك وبالتالى أثر فى النسق القيمى لشخصياتهم وابتعدوا عما تربوا وتنشئوا عليه وأصبح كل همهم هو الانقياد وجنى الاموال بغض النظر عن مشروعية وحرمانية الوسيلة وهو ما سبب العديد من الكوارث الاخلاقية بين الأطفال والشباب وظهرت معه جرائم الاعتداءات والعنف المتكرر والتعدى على الاخلاق العامة وغيرها. ونوهت إلى أن الأسر أصبحت أيضا عديمى السيطرة على الأبناء نتيجة إدمانهم للإنترنت وتأثيره عليهم وعدم التعامل الجيد من الآباء معهم فبدلا من صداقتهم يجعلونهم ينفرون منهم ويتجهون لأصدقائهم أو للإنترنت ليستقوا معلوماتهم منهم لذا تكمن الحلول السريعة لهذه المشكلات فى عودة الدور الطبيعى للاسرة فى التربية السليمة والرقابة بقدر المستطاع عما يشاهدونه من برامج عبر التليفزيون والإنترنت ومتابعتهم فى المدارس ومعرفة الاصدقاء ومتابعة سلوكياتهم فدور الاسرة هو التربية والمتابعة فى جميع المراحل وليس تركهم للمجتمع الحقيقى أو الافتراضى بجانب صداقتهم فى مرحلة الشباب واستخدام أساليب متعددة لنصحهم وتوجيههم، كذلك بالتوازى دور المؤسسات الدينية والتعليمية التى يجب ان تغير من أسلوب الوعظ والإرشاد لتخاطب الشباب وتستوعب احتياجاتهم ولغتهم.
وشددت على ضرورة الرقابة المستمرة على الأعمال الدرامية وخاصة فى المواسم المهمة التى توجه الافراد لسلوكيات العنف وقيم الاستهتار واللامبالاة وعدم الاحترام ونبذ الاصيل وتقليد النموذج الاستهلاكى وتعظيم القيم المادية على الاخلاقية وتحقير صورة المرأة فى المجتمع فالواقع الافتراضى والدراما من الادوات التى تستخدمها حروب الجيل الرابع لهدم أسرنا وتفتت مجتمعنا المصرى.
انتشار الفهلوة والفشل الوظيفى
ومن جانبه، أكد الدكتور كامل كمال، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن هناك سمة أساسية فى الأجيال المصرية، وهى التربية على التهكم والسخرية، حتى أصبح الأمر سمة من سمات المجتمع، وبالتالى حالات التنمر، موجودة منذ قديم الأزل، ذلك بسبب التربية الخاطئة للأطفال، وما نشأوا عليه، لذلك تجد هناك تنمرا بالمعاقين وأصحاب الديانات الأخرى، ومن شكل الأشخاص، مطالبا بعمل إستراتيجية لغرس القيم والأخلاق فى المجتمع، ونشر ثقافة الاختلاف والتنوع، وهذا لن يجنى ثماره إلا بعد ٢٠ سنة، حتى يتم تعديل هذه السلوكيات فى التربية الخاطئة.
وشدد كمال، أن من ضمن التربية الخاطئة، هو انتشار «الفهلوة»، وبالتالى تجد عاملا وموظفا معدوم الضمير، يفتقد لثقافة العمل، وهدفه الربح السريع فقط، لافتا إلى أن ثقافة العمل فى مصر ليست بخير، وتجد كثيرا من الشباب أمامهم فرص عمل إلا أنهم يفضلون الأسهل، وذلك لما توارثونه فى التربية والتنشئة التى عاشوا عليها، ومن هنا تبدأ تبحث عن عديم الضمير المرتشى، والموظف الذى يترك مصالح الناس، ليجلس على المقهى، وكذلك الذى لا يراعى الله فى عمله ولا يتقنه، وهؤلاء جميعا يعرقلون مسيرة التنمية التى تقوم بها الدولة.
وطالب كمال، الدولة بعمل تنشيط لدور الثقافة والمسرح المتجول فى كل ربوع مصر، لنشر لغرس القيم والاخلاق فى المجتمع، وكذلك تنمية ثقافة العمل لدى الأطفال والشباب، وأيضا قيام المدارس بعمل رحلات إلى المصانع والتشديد على أهمية قيمة العمل، وليس الحصول على المال فقط، لافتا إلى أن الأطفال يكونوا أرضا خصبة لتلقى مثل هذه القيم، الضرورية فى المجتمعات الساعية إلى تحقيق تنمية شاملة.
المسئولية
فيما رأى الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، أن الكثير من مشكلات المجتمع سببها التربية الخاطئة للأطفال، وهو ما يظهر فى ظواهر انتهاك خصوصية الآخرين والتنمر والسخرية، والهروب الوظيفى، والتعصب الرياضى، وكذلك التعصب الدينى، وزيادة معدلات الطلاق وغيرها. وأشار الضبع، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أن تكوين الشخصية يبدأ من خلال الأسرة ثم المدرسة والنادى والمسجد أو الكنيسة، لافتا إلى أن التربية هى أساس تحمل المسئولية للشاب أو الفتاة، فتجد بعض الأمهات لا يطلبن من أبنائهن الذكور ترتيب غرفتهم، فى حين يطلبن من أبنائهن الإناث ترتيبها وتوبيخهن حال تقاعسهن عن هذه المهمة، بالتالى يخرج لدينا شابا غير متحمل المسئولية ينظر إلى المرأة إلى أنها أقل منه، وهذا نتيجة الموروث الذى تربى عليه أول استقاها من جينات والديه، تجده يضرب زوجته ويعنفها ولا يحترمها ويطلقها ويشردها.
ولفت الضبع، إلى أن الأسرة هى الأساس، فتجد الوالدين يربون أبناءهم على التعصب بشكل فيه نوع من التطرف لناد رياضى أو فئة أو جماعة، وبالتالى يخرج لك شابا متعصبا لناد رياضى يتشاجر مع أصحاب الآراء الأخرى، وتجد آخر لا يحترم أصحاب المعتقدات الأخرى، لافتا إلى أن كل هذه الأمور نتيجة مواريث خاطئة، لا بد من مواجهاتها بصورة حاسمة، فى البيت والتعليم والنوادى وفى الخطابات الدينية، بصورة إنسانية معاصرة.
تدنى الذوق الفنى والأدبي
كشفت الدكتورة شيماء علام، استشارى تعديل سلوك وجودة الحياة، إن التربية والتنشئة الأسرية هى أساس تكوين وتشكيل ذوق ووجدان الأطفال، لافتا إلى أن حال تربية الطفل على ذوق عال من الفن والموسيقى فإنه يرفض المواد الهابطة التى تقدم، مثل أغانى المهرجانات التى أصبحت ظاهرة فى المجتمع.
ولفتت علام، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أن الأسرة يمكن أن تكون ربت الطفل على الذوق الرفيع فى سماع الأغانى أو مشاهدة الفن الراقى، إلا أنه عندما يخرج إلى المجتمع فإنه مجبر على مسيارة الموجود، حتى لا يصبح مختلفا ومنبوذا عن أصدقائه ورفاقه وزملائه سواء فى المدرسة أو النادى، وبالتالى لا بد من مواجهة الفن الهابط فى المدارس والنوادى.
وشددت على ضرورة أن يتم تخصيص أيام بعينها فى المدارس والنوادى، يحضرها مختصون فى الفن والموسيقى، ويقدمون توعية للطلاب والشباب، وكذلك يمكن فى النوادى بعمل ندوات لعلماء الدين أصحاب الخطاب الدينى العصرى المتزن، لكى يتحدثوا مع الأطفال والشباب عن قيمة الفن الهادف الذى يخدم الوطن والمجتمع، وليس الفن الذى يروج للخمور والحشيش.