الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

في عيد اليسوع.. شرح أيقونة الميلاد

ايقونة
ايقونة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أيقونات الميلاد كثيرة ومتعدّدة ، وهي في غالبيّتها روائيّة، أي تروي في لوحةٍ واحدة جميع أحداث الميلاد كما وردت في إنجيلَي متّى ولوقا، فإن أردنا تصنيفها، يمكننا أن نصنّفها انطلاقًا من شخصيّة العذراء مريم. فهي جالسة أو جاثية في بعضها، ومستلقية في بعضها الآخر. تخرج الأيقونة من التاريخ وتغيب فيها المسافة التي تفصل بين مراحل الحدث فنلاحظ تراكم الأحداث رغم أنها وقعت في أزمنة مختلفة:


الرعاة مع الملائكة، المجوس قادمون، الملائكة يسبّحون، الطفل مع أمه، يوسف يستمع الى الشيطان والقابلة تحضّر الماء لغسل الطفل.

شرحها

البنية الهندسيّة للأيقونة هي شبكيّة: تسع مربّعاتٍ متساوية الحجم تشكّل مجمل الأيقونة.


المربّعات الثلاثة العليا تحوي بالترتيب من يسار المشاهد إلى يمينه: المجوس – النجم – ملائكة الرعاة، وتُسمّى هذه المجموعة القسم النبويّ، لأنّها تصوّر أحداثًا ترتبط بنبوءات أو إعلامٍ سماويّ. أما مجموعة الوسط تحوي: ملائكة ساجدين، العذراء والطفل، الرعاة. وتُسمّى القسم العباديّ، ففيها يؤدّى السجود للطفل الإلهيّ. والمجموعة الثالثة في الأسفل وتحوي يوسف – الطبيعة – القابلات، وتُسمّى القسم الدنيويّ أو التراثيّ، لأنّها تصوّر أحداثًا دنيويّة لم ترد في الإنجيل، لكنّ المنطق يستنتجها من الواقع المُعاش.

الجبل الصخري: 
عالي وأجرد يذكرنا بعبارة في صلاة سحر الميلاد :"خرج قضيب من أصل يسّى ومنه نبت زهرة من جبل مظلل مدغل".. يزكّرنا أيضاً بالصخرة التي ضربها موسى بعصا فتفجرت ينابيع مياه.يعلو الجبل نصف دائرة ترمز الى السماء. في حدث الميلاد تصبح الأرض قريبة من السماء لذلك نجد الجبل يكاد يصل بعلوه الى السماء

المغارة:
عبارة عن فجوة مظلمة في جوف الجبل يستريح فيها الطفل الإلهي.. ترمز إلى الجحيم.. دخول المسيح إلى أعماق الظلمة يشير إلى إنتصاره على الموت. إنه نور الحياة, سيبدد بنوره غياهب الظلمة القاهرة. يظهر في المغارة ثور وحمار، تذكيرًا بنبوءة أشعيا في الفصل الأوّل: «عرف الثور مالكه والحمار معلف صاحبه، أمّا شعبي فلم يعرفني» (أشعيا 1: 3). فالثور يرمز إلى قرابين وذبائح العهد القديم، والحمار يرمز لجحش النبي بلعام الوثنيّ الذي رأى الملاك فأخبر صاحبه به. ويربط القديس غريغوريوس النصيصي الثور باليهود المرتبطين بالناموس والحمار بالأمم الوثنيّة.


الشعاع: 
ينبعث من السماء، يخترق الصخور ويهبط إلى أعماق اللجة حيث يربط الشر بكثافة.
النجم وهو في المربّع العلوي الأوسط. شعاع ينحدر من دائرة تدعى بالدائرة الإلهيّة ويظهر في الأيقونة جزء منها. وفي وسط هذا الشعاع دائرة تشبه النجم، وتحوي طائر حمامٍ أبيض يرمز إلى روح الله الذي حلّ على مريم فحبلت بابنٍ من دون زرع رجل. 

 

 

وشعاع النجم ينقسم إلى ثلاثة، الأوسط يمتدّ محوره حتّى رأس الطفل وأحشاء أمّه، ليربط بين الوليد ووالدته. إن الإله قد ظهر بالجسد للجالسين في ظلال الموت ليحمل إليهم شعاع الحياة كما يشير إلى موضع السيد.

الطفل الإلهي:
الطفل الإلهي يسوع المسيح. إنّه محور الأيقونة، فالمسيح مقمّط في الوسط في الظلمة وحده لانه هو من سيجلب لنا الخلاص، "إنه المشرق في الظلمة وظلال الموت " يقول القديس غريغوريوس النيصصي مقارناً. الأقمطة تذكرنا بموت ودفن السيد لأن الذي أمطر الشعب مناً في القديم هو نفسه يصبح اليوم خبز الحياة الأبدية. 
تحيط برأسه هالة من نور تدل على ألوهيته. يظهر بوجه رجل بالغ دليل أنه كان موجوداً قبل الولادة بحكم ألوهيته. يبدو حزيناً كئيباً كرجل أوجاع أشعياء,ملفوفاً بأقمطة على هيئة كفن والمزود على هيئة قبر إشارة إلى أنه مولود لهدف واحد ألا وهو الفداء.

مريم والدة المسيح 
تحتل جزءاً كبيراً من الأيقونة للدلالة على أهمية دورها في التدبير الإلهي للتجسد. نراها مستلقية على الأرض ومحاطة بهالة تشبه حبة القمح لأنها أم الحياة وقد وهبت البشرية خبز الحياة. تشير بيدها اليسرى إلى الفادي وكأنها تقول: "ها هو الطريق والحق والحياة". تحدق في كل واحد منا وتدعوه لكي يلد المسيح بطريقة ما هو أيضاً فيعطيه للعالم. تعابير وجهها تتسم بالحزن والوداعة معاً كإشارة إلى إدراكها للآلام والصليب . تبدو أنها في حالة تأمل هذا السر العظيم. فهي تفكر في هذه الأمور كلها في قلبها. كما انها تجلس بدون ألم أو انفعال دلالة على الولادة العجيبةو طبيعة المولود الإلهية. ملتحفة بالأحمر القاتم دلالة على العفة.

الثور والحمار: 
يظهران بالقرب من الطفل الإلهي .الأناجيل لا تذكرهما لكن الكنيسة تضعهما في الأيقونة مشيرة إلى نبوءة اشعياء النبي " الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم " ( أش 1: 3 ). في الميلاد تمت النبوءة. يقول يوحنا الإنجيلي "كان في العالم والعالم كون به ولم يعرفه. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (1 : 10-11). يرمز الثور إلى القرابين والذبائح التي كان اليهود يقربّونها. والحمار إلى التواضع.

 إطار اللوحه : 
يحكي عن فرح السماء والأرض بولادة المخلص على عكس مجموعة الوسط التي يطغي عليها الحزن والموت.

الملائكة:
نلحظ الحركة الدورانية في الايقونة فنجد انحناء الملاك في الجهة اليمين نحو الراعي المنتصب المتطلع الى العلاء يمثل الرعاة " إني ابشركم بفرح عظيم انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح كما يظهرون الملائكة في أعلى الأيقونة على اليسار يتطلعون الى فوق مسبحين ومحدقين بالنجمة المثلثة الشعاعات التي تشير الى وحدة الثالوث.

 

 

الراعي: 
يحمل بيده عصى يرمز إلى المسيح الراعي الصالح الآتي لخلاص الخراف الضالة كما نجد الراعي الثاني يجلس بين الأغنام يعزف ابتهاجاّ.

المجوس:
المجوس ونجدهم في المربّع العلوي على يسار المشاهد. وقد حفظ لنا التقليد أسماءهم: كسبار، وملكيور، وبلتازار. إنّهم يمثّلون العالم الوثنيّ كلّه كما كان معروفًا في القديم: أوروبا وآسيا وأفريقيا. يشقون طريقهم على أحصنتهم باتجاه المغارة ولم ينحصر وجوده بشعب موسى بل كان حاضرا بكل الشعوب ويدعو الجميع إليه. كما ان المجوس يمثلون ثلاثة مراحل عمر الإنسان: الحداثة، الشباب والشيخوخة. ويظهر هذا من لون أحصنتهم، كما يمثّلون جميع أجيال الجنس البشريّ: شابّ وبالغ وشيخ. فبشرى ولادة المسيح هي للعالم كلّه وليست لليهود وحدهم. إنّه حدث شامل وليس محصورًا بفئة معيّنة من الناس. المجوس يتقدّمون في مسيرتهم ويشيرون بأيديهم إلى النجم الذي يدلّهم إلى المغارة التي ولِدَ فيها الصبيّ.

يوسف النجار: 
من الواضح أنه ليس والد الطفل. يجلس على حدة خارج المغارة بعيداُ عن الحدث. على وجهه طابع مأساوي. في أيقونات قديمة تبدو نظراته باتجاه مريم بشيء من الإرتياب وفي أيقونات أخرى مديراً ظهره لهما كإشارة لرفضه الأبوة للطفل.يوسف في الايقونة لا يمثل شخصه فقط بل كل الجنس البشري.

المجرب:
بالقرب من يوسف يقف رجل عجوز منحني الظهر يرتدي بذلة صوفية. إنه الشيطان يقف مجرباً ومحاولاً زرع الشك في قلب يوسف بشأن هذه الولادة الإلهية.

 القابلتان: 
في المربّع السفليّ الأيسر نجد قابلتَين تغسلان الطفل الإلهيّ بعد الولادة. واحدة شابّة وأخرى بالغة، أو سيّدة وخادمتها. وقد حفظ التقليد لنا اسم السيّدة البالغة وهو سالومي. يشير هذا المشهد إلى أنّ المسيح تجسّد وولد كسائر الأطفال، وهو ليس خيالاً اتّخذ شكلاً بشريًّا كما يقول الغنوصيّون. هذا الغسل مأخوذ من وحي التقليد ويرمز مسبقاً إلى معموديته.

 لأيقونة الميلاد مهمتان أساسيتان:

- الأولى أنها تبيّن حقيقة تجسد المسيح فتضعنا أمام شهادة مرئية للعقائد الأساسية للإيمان المسيحي، إنها تُظهر بتفاصيلها كلا الأمرين الألوهة والطبيعة البشرية للكلمة المتأنس.

- الثانية أنها تظهر لنا تأثير الحدث على حياة العالم الطبيعية، وكما يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: "ميلاد المسيح ليس احتفالاً للخليقة، بل هو احتفال إعادة الخليقة". إنه التجديد الذي قدَّس العالم بأسره. فالخليقة اخذت، بتجسد الكلمة، معنىً جديداً. والكل يقدِّم الشكر على طريقته ... الملائكة بالترتيل السماوات بالنجم المجوس بالهدايا الأرض بالمغارة. وأما نحن فنقدّم أماً عذراء.

يذكر ان اليوم العذراء تلد الفائق الجوهر فتقدم الارض المغارة للذي لا يدنى منه والملائكة يمجدونه مع الرعاة والمجوس يسيرون اليه مع النجم فانه ولد من أجلنا صبي جديد هكذا يصف قنداق العيد الحدث وكأنه يشرح الأيقونة.