أصبح الصراع فى إثيوبيا، مادة دائمة تتناولها وسائل الإعلام العالمية، فى ظل تفاقم الصراع بين القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها والتى يقودها رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، فى مواجهة قوات تحرير شعب تيجراي، وانعكاس ذلك الصراع الدموى على الشعب الإثيوبى الذى يعانى من أزمة إنسانية كبيرة وفقا لبيانات المنظمات الإغاثية والإنسانية منذ نحو ١٣ شهرا.
وفى هذا الإطار نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، تقريرا خلال الأسبوع الماضي، حاولت من خلاله قراءة أثر الأزمة على القارة الأفريقية، مؤكدة أن الحرب فى تيجراى أطلقت العنان للكراهية القديمة وأدت إلى انخفاض نموذج النمو، وموضحة أن الفائز الوحيد من الحرب فى إثيوبيا، هو الرئيس الإريترى أسياس أفورقي، الديكتاتور الماهر.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه كان من المفترض أن تنتهى حرب إثيوبيا فى تيجراى بحلول عيد الميلاد الماضي، ولكن بدلًا من ذلك، مر عام ارتكبت خلاله جميع الأطراف انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وفى هذا الشهر فقط، ظهرت تفاصيل عن إعدام بإجراءات موجزة لـ٤٩ مدنيًا على يد جبهة تحرير شعب تيجراي، ووجدت تقارير موثقة بنفس القدر أدلة على مذابح واغتصاب جماعى للمدنيين ارتكبتها القوات الفيدرالية الإثيوبية وحلفاؤها الإريتريون والأمهرة.
وأضافت الصحيفة: «على الرغم من التراجع الأخير من جانب الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى فإن الحرب، التى بدأت فى نوفمبر٢٠٢٠، لا تزال مستمرة، مع تبادل السيطرة بين الطرفين فقبل بضعة أسابيع، قامت جبهة تيجراي، بعودة مفاجئة للحرب وهددت بالزحف إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وإسقاط آبى أحمد».
وتابعت: «الآن تمت إعادة جبهة تيجراى مرة أخرى، بشكل جزئى وبفضل القوة الجوية التى يمتلكها الجيش الإثيوبي، وخلال الأسبوع الماضي، استعادت القوات الفيدرالية السيطرة على مدينة لاليبيلا، فيما تدعى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى أنه تراجع تكتيكى يهدف إلى تمهيد الأرض لوقف إطلاق النار».
وقالت «فايننشال تايمز» إنه قبل بدء هذا الصراع، كانت الدولة الواقعة فى شرق أفريقيا والتى يبلغ عدد سكانها ١١٠ ملايين نسمة من بين أكثر الآفاق الواعدة فى القارة، خلال ما يقرب من ثلاثة عقود من الحكم الفعال، وإن كان سلطويًا للغاية، اتبعت حكومة تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى مسار التنمية الرائد فى شرق آسيا، وبناءً على معدلات الادخار والاستثمار المرتفعة، فقد حققت سنوات من النمو المزدوج والتقدم الاجتماعى المذهل، كانت إثيوبيا واحدة من الدول الأفريقية القليلة التى لديها استراتيجية تصنيع متماسكة، وبمجرد ارتباطها بالمجاعة، كان لديها فرصة للوصول إلى وضع الدخل المتوسط.
وأضافت: «تمزقت إثيوبيا اليوم بسبب الكراهية العرقية وعمليات الثأر القديمة، وحاولت تيجراى حل القضية العرقية من خلال منح المناطق مزيدًا من الحكم الذاتي، بما فى ذلك الحق فى الانفصال، لكن هذا الاتفاق فشل فى الصمود حيث تمردت الجماعات العرقية، بقيادة الأورومو والأمهرة، ضد هيمنة التيجراى وفى عام ٢٠١٨، ظهر رئيس الوزراء الإثيوبى الحالى آبى أحمد، وهو ينتمى لعرقية الأورومو، كقوة تصالحية مفترضة، وكان الأمل أن رئاسته للوزراء ستدعم الديمقراطية الليبرالية المتسامحة فى الدولة الأفريقية».
وتابعت: «اصطدمت رؤية آبى أحمد لإثيوبيا موحدة بالمشاعر القومية فى ١٠ مناطق عرقية فى البلاد، وضاعف آبى مشكلاته من خلال تطهير التيجراى.
وأردفت الصحيفة: «مهما كانت الجرائم التى ارتكبتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، فإنه يتعين على القوات الحكومية الالتزام بالمعايير الأساسية للحرب، حتى أن أديس أبابا جندت قوات من إريتريا، العدو القديم لإثيوبيا، للمساعدة فى سحق شعبها، فإذا كان هناك فائز واحد من كل هذا، فهو أسياس أفورقي، الديكتاتور الإريترى الماهر».
ونوهت «فايننشال تايمز» البريطانية إلى أن الدعوات التى وجهها المجتمع الدولى لإجراء مفاوضات لم تلق آذانًا صاغية حتى الآن، ويعتقد كلا الجانبين أن قضيتهما عادلة، حتى وقت قريب وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت أدلة فى تقرير لها منتصف ديسمبر الجارى تفيد بأن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبى أحمد، كان يخطط للحرب فى تيجراى قبل وبعد حصوله على جائزة نوبل للسلام فى ٢٠١٩، بالتعاون مع حاكم مستبد، مشيرة إلى أن اللجنة المشرفة على منحه الجائزة أخطأت فى تقييمها للزعيم الإثيوبى الذى تحول من صانع للسلام إلى قائد معارك.