يحل اليوم الجمعة، ذكرى رحيل واحدًا من الجيل الأول المؤسس لشعر التفعيلة، التي انتشرت من بعده في كافة أرجاء الوطن العربي، فهو رائد التجديد الشعري، رغم وفاته في سن مبكرة، هو الشاعر العراقى بدر شاكر السياب.
يعد السياب من أشهر رواد التجديد فى الشعر العربى المعاصر، ومن أوائل مؤسسى مدرسة الشعر الحر، حيث قام بذلك بالاشتراك مع مجموعة من أشهر الشعراء أمثال:صلاح عبد الصبور، وأمل دنقل، ولميعة عباس عمارة، وقد تميزت قصائد السياب بالتدفق الشعري، والخروج عن الشكل التقليدى للقصيدة، كما اتسمت بلمحة حزن سيطرت عليها، وذلك بسبب ظروف حياته الصعبة، من الناحية الاجتماعية والنفسية والجسدية، لا سيما مرضه الذى أدى فى النهاية إلى رحيله عن عالمنا.
كانت حياة السياب كلها خليطا من الفن الشعرى والألم الجسدي، بدأ السياب بواكيره الشعرية عندما كان شابًا صغيرًا، فبدأ بنظم الشعر باللهجة العراقية الدارجة، ثم تحول إلى الشعر الفصيح محتذيًا بشعراء المدرسة الرومانسية، إلا أن شعره لم يتميز بشيء جديد فى تلك المرحلة، ولم يتفرد بشىء لا سيما فى بناء القصيدة، وقد أنتج حينها ديوان (أزهار ذابلة)، وديوان (أساطير).
وتعرض البوابه نيوز اشهر دواوين السياب" أزهار ذابلة" الذي يقول في مطلعها:
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شُرْفَتَان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
يَرُجّه الجذّاف وَهْنًا ساعةَ السحر
أتعلمين أي حزن يبعث المطر
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع.
كما كتب السياب عن الخريف "ليالي الخريف":
فى ليالى الخريف الحزين
حين يطغى على الحنين
كالضباب الثقيل
فى زوايا الطريق
فى زوايا الطريق الطويل
حين أخلو وهذا السكون العميق
توقد الذكريات
بابتساماتك الشاحبات
كل أضواء ذاك الطريق البعيد
حيث كان اللقاء
فى سكون المساء
هل يعود الهوى من جديد؟
عاهدينى إذا عاد.. يا للعذاب
عاهدينى ومرت بقايا رياح
بالوريقات فى حيرة واكتئاب
ثم تهوى حيال السراج الحزين
انتهينا.. أما تذكرين؟
انتهينا.. وجاء الصباح
يسكب النور فوق ارتخاء الشفاه
وانحلال العناق الطويل
أين آلام الرحيل؟
أين لا لست أنساك واحسرتاه؟
كما يقول كتاب "السياب" لـ إحسان عباس "وقد كان من شقاء بدر الذى ورث الضعف الجسمانى عن أبيه أن أنفق حياته القصيرة منذ أدرك الحلم إلى أن مات، وهو يبحث عن القلب الذى يخفق بحبه، دون أن يجده، وكان افتقاره إلى الوسامة هو القفل المصمت على القلوب العديدة التى حاول أن يفتحها، وكم استأنس بومضة عين، ونسج من شعاعها قصة حب يخدر بها أخفافه، ولكنه فى قرارة نفسه واعيا بأن الحب فى كل مرة كان من جانب واحد.
وكما قال " السياب" فى الحب:
ثلاثون انقضت وكبرت، كم حب وكم وجد
توهج فى فؤادي،
غير أنى كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف أرقب ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبى مقبلة إلى وعدي.
ثقافة
بدر شاكر السياب.. شاعر النبوءات والفقد
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق