بعد مشوار قوامه نحو 23 سنة صحافة إليكترونية، أستطيع بكل أريحية أن أعترف بأن طبيعة العمل في المواقع الإخبارية أوجدت أسلوب خاص في النشر لا يعتمد على الانتقاء والجودة والأهمية، كمحددات أساسية متعارف عليها في العمل الاعلامي، بل أنها نقلتنا إلى مرحلة أخرى شعارها "اللي سبأ كل النبأ".
ولعل هذه العبارة الأخيرة دليل دامغ على طبيعة العمل الجديدة "سبأ"، فكلنا يدرك تماما أن الصحيح في كتابتها "سبق"، لكن استتباعا للهث وراء احاطة القراء بالخبر وقت حدوثه، وأحيانا قبل حدوثه كما تعلمون، فإن هذا يولد حالة يمكن تسميتها "سرعة النشر" التي تتشابه بقوة مع المرض المتعارف عليه الذي يبحث الكثيرون عن علاج له لكن بطبيعة الحال فإن لكل دواء آثار جانبية.. ولعل هذا هو الثمن الذي يدفعه الموقع الإخباري والقارئ معًا.. ففي سبيل سرعة توصيل الطلب، عفوا الخبر، للقارئ.. فإنه ربما يحدث بعض التنازلات عن دقة اللغة وجودة الكتابة بل وصحة المعلومة.
وهذا هو لب المعضلة المستعصية على الحل في طبيعة عمل المواقع الإخبارية.. سرعة الوصول إلى القارئ (الأول إن أمكن).. ومراعاة المعايير المهنية للنشر، ويقاس نجاح أي مؤسسة إعلامية بمقدار تحقيق التوازن بين طرفي المعادلة قدر الإمكان بحيث تجتاز اختبار "سرعة النشر" بأكبر قدر من المهنية التي باتت على المحك أكثر من أي وقت مضى.
ولعل هذا هو أيضا الانجاز الحقيقي لأساتذة الإعلام في الفترة الحالية.. كيفية اعداد جيل من الاعلاميين بقدر لا بأس به من مراعاة الفوز بـ"الحسنيين".