بخطى متسارعة تعمل الدولة على تفعيل جهود إعادة تدوير المخلفات، وتتنامى جهود الدولة في الفترة الأخيرة نحو تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الجديدة لإدارة مخلفات البناء والهدم، والتي تلقى اهتماما خاصا من القيادة السياسية، وبحسب أحدث الإحصائيات فإن مصر تنتج 50 مليون طن ويتزايد سنويا بنحو 5 مليون طن، الأمر الذى دفع الدولة اللعمل على استغلال كل هذه الثروات المهدرة.
ولعل أبرز جهود الدولة للبدء في عملية إعادة تدوير مخلفات البناء كان تخصيص حوالى 518،6 مليون جنيه لتوفير 38 كسارة لإعادة استخدام مخلفات الهدم والبناء في جميع المحافظات، وذلك بهدف خلق نظام فعال ومستدام لإدارة مخلفات البناء والهدم، خاصة في إطار النهضة العمرانية والمشروعات القومية التي تشهدها المحافظات، مما أدي إلي تزايد مخلفات الهدم والبناء.
وققال اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية، إن الدولة عازمة على تعظيم الاستفادة من هذه المخلفات بالشراكة مع شركات القطاع الخاص التي تتمتع بخبرة عالية في هذا المجال لإدارتها وتشغيلها لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من هذا الملف، على أن تتضمن عقود التشغيل التي سيتم إبرامها مع الشركات الاتفاق علي إجراءات صيانة هذه الكسارات.
من جهتها، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن إدارة المخلفات الصلبة من الموضوعات الملحة على المستوى المحلي، حيث تم تصميم واعداد منظومة جديدة لإدارة المخلفات في مصر تقوم على ٣ برامج مترابطة تهدف لفاعلية المنظومة واستدامتها، وفي مقدمتها برنامج إقامة البنية التحتية للمنظومة ونستهدف فيه إنشاء ١٢٠ محطة وسيطة و٦٥ مصنع تدوير ومعالجة في كافة المحافظات، والبرنامج الثاني مختص بعقود تشغيل المنظومة.
ولفتت "فؤاد" خلال بيان رسمي صادر عن وزارة البيئة، إلى أن البرنامج الثالث فيتضمن التنظيم المؤسسي والمشاركة المجتمعية من خلال عدة مجالات منها اشراك القطاع الخاص، وإصدار اول قانون لتنظيم إدارة المخلفات في مصر، وتحويل المخلفات لطاقة والذي يعد من المجالات الجاذبة للاستثمار فتقدمت لنا ٢٣ شركة أجنبية للاستثمار في هذا المجال، هذا إلى جانب إشراك القطاع غير الرسمي العامل بادارة المخلفات للعمل رسميا في المنظومة الجديدة بالتنسيق مع وزارة القوي العاملة لتوفير مسمى وظيفي واضح لهم، والتنسيق مع وزارة التضامن الإجتماعي لتوفير الحماية التأمينية، فأصبح لأول مرة لدينا ٣ وظائف رسمية وهي الجمع والتدوير والتخلص الآمن.
خبراء التنمية المحلية والبيئة أكدوا على ضروة الإسراع في العمل على تسريع وتيرة الاستفادة من المخلفات والحصول على عوائد اقتصادية إلى جانب تخليض البيئة من أضرار هذه المخلفات.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور حمدي عرفة، استشاري التنمية المحلية، إن إعادة التدوير في المخلفات الصلبة بشكل عام ومخلفات البناء على وجه التحديد تعد الاستثمار الأفضل من خلال توفير عوادئد اقتصادية كبيرة تعود لخزينة الدولة إلى جانب الحفاظ على البيئة في مصر من الاعباء التي تتسبب فيها هذه المخلفات.
وأضاف "عرفة" فى تصريحات خاصة لـ"البوابة": "في فترات الغياب الأمنى في اعقاب 25 يناير كثيرا ما رأينها المخلفات والقمامة تتراكم في مختلف شوارع مصر، ووإعادة تدوير المخلفات يجنبنا من تكرار هذه المشاهد الموجعة"، وعن مخلفات البناء أكد عرفة أن أحدث دراسة إحصائية صادرة عن نقابة المهندسين، فإن هناك مخلفات بناء تقدر بـ 50 مليون طن سنويًا، ومنها 44% من ناتج البناء والهدم للعقارات.
وتابع: "ما كان ينقصهنا هو تشريعات وأصبحت لدينا بتفعيل قانون إعادة تدوير مواد البناء الصادر عام 2020، بالإضافة إلى توفير الآلات والمعدات اللازمة لإعادة تدوير هذه المخلفات والاستفادة منها اقتصاديا، بعد توفير الكسارات العملاقة لتدوير مواد البناء والتي تشمل: "مخلفات البناء الخاصة بالطرق وإنشاء الكباري، وبلاط الإنترلوك، وكل المواد التي تدخل في بناء العقارات والمنازل"، والتي تحتاج إلى عشرات المصانع لتدويرها وهنا نطالب بالعمل على جذب المزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
من جهته، أشاد الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق، بإشراك شركات القطاع الخاص في عملية إعادة التدوير، حيث تتمتع هذه الشركات بخبرات تمتد لسنوات في مجال النظافة وإعادة التدوير، داعيا إلى مزيد من الجهود من أجل الاستثمار في هذه المخلفات الصلبة، الذي يعد التخلص الآمن الأفضل من خلال الاستثمار في هذه المخلفات.
وأضاف علام خلال حديثه لـ"البوابة" أنه يجب أن نعمل على خلق وتعميم مبدأ "المخلفات ثروة يجب الاستفادة منها"، لأنها بالفعل تعد ثروة كبيرة إذا احسن استخدامها من خلال عمليات إعادة التدوير وإدخالها مرة أخرى إلى خطوط الإنتاج في المصانع المختلفة.
وتابع: "حتى المواد التي لن نستطيع الاستفادة منها سنتمكن من التخلص الآمن منها وتجنيب البيئة العديد من المخاطر التي تتعلق بانتشار هذه المخلفات الأمر الذي يشوه المظهر الحضاري".