تعيش جماعة الإخوان حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية والتخبط السياسى منذ زمن، وزاد التخبط والاضطراب ما يعرف هذه الأيام بحرب البيانات والبيانات المضادة، وسط صراع مع مؤسساتها الداخلية بعد انقسام جبهة إبراهيم منير «لندن» عن جبهة محمود حسين ´إسطنبول «وبداية تصدع الجماعة من الناحية الداخلية بشكل كبير».
وصول الصراع بين الجبهتين إلى تعيين متحدث رسمى وقائم بالأعمال لكل جبهة على حدة، وهو ما سوف يؤدى إلى التفتت والإفلاس التنظيمى بين كل جبهة تعمل كل جبهة على إيجاد مسوغ مؤسسى لها تستطيع أن تركن عليه ويكون له بعد قيادى وحركى كبير عبر تاريخ الجماعة من الناحية التاريخية.
طرح الإخوان أخيرا ما يسمى بجبهة علماء الإخوان والتى لا يعرف لها تاريخ أو اتصال سند بالجماعة اللهم جبهة خرجت من لندن تابعة لإبراهيم منير كرد فعل للخلاف الموجود والانقسام الحاد بين جبهتى منير لندن وحبهة حسين إسطنبول لتحاول البت فى العراك الجارى بين المكتبين والذى تحول لحالة منتهى من الصدام الفعلى فبات كل فريق يستعد بأسلحته لينال من الفريق الآخر والإطاحة به ويقول أنا الذى أملك الشرعية شرعية الجماعة التاريخية ولأول مرة ففى الجماعة يحدث هذا الشرخ، بتت الجماعة لا تبحث عن شرعية مرسى بقدر ما تبحث عن شرعية مكاتبه التاريخية فى خضم الخلافات الداخلية بينهم.
وتم طرح انتخاب مجلس شورى جديد فى مؤتمر «أوفيا للثوابت والأصول» من قبل جبهة محمود حسين وفى الغالب تم اتخاذ قرار إعفاء إبراهيم منير كقائم بالأعمال من منصبه فى آخر المؤتمر وتعيين مصطفى طلبة أحد قيادات مجلس شورى تركيا فى منصبه وتعميم القرار على المكاتب الإدارية فى الداخل والخارج قبل الإعلان عنه اسم الجمعة ١٧ ديسمبر على مواقع الجماعة الرسمية.
لكن ما هى دلائل اختيار قائم جديد بالأعمال على كيان الجماعة الداخلى وكيانها الخارجى فى المرحلة القادمة؟ وهو ما يمكن تلخيصه فى الآتي:
أولا: مزيد من الانقسام الداخلى وخاصة بعد فشل كل محاولات رأب الصدع ولم الشمل داخل الجماعة، فعزل إبراهيم منير عن منصبة كنائب للمرشد وكقائم بالأعمال فى المرة الأولى ومحاولة الانقلاب عليه لم تنجح ولم تستطع أى جبهة حسم المعركة لصالحها أو حتى تفسير بنود اللائحة بشان اختيار أعضاء مجلس الشورى أو التصرف فى حالة غيابهم أو كيفية التصرف فى مسألة الدعم والاكتتاب الداخلي.
ثانيا: ما زالت قوة الجبهتين قائمة، ولم تضعف إحداهما الأخرى، وخاصة فى التحكم فى بعض المناطق الجغرافية وبعض العناصر التنظيمية العاملة، وكذلك مقدرات الجماعة الموزعة بين الجبهتين ما زالت تعمل وهو ما يجعل من المستحيل أن تدمر جبهة الأخرى فى الوقت الحالى أو تنفرد بالقرارات داخل مفاصل الجماعة.
ثالثا: لا يعنى قرارات الشورى الجديد عزل المرشد العام الغائب فى السجون د محمد بديع، فاللائحة تنص حتى يعود المرشد، ولكن ما يحدث يؤكد أن هناك انفصالا تاما بين مجموعات السجون المحكوم عليه والخارج بتركيا بشكل قطعي، وكذلك هناك صعوبة فى التواصل مع الخلايا النائمة فى الداخل أو ما يسمى المكتب العام فى مصر نظرا للظروف الأمنية.
رابعا: أصبح وجود محمود حسين صعبا لدى كافة القواعد الداخلية للجماعة ومن الممكن التخلص منه بطرق مختلفة، نظرا أنه المتسبب فى حالة الانقسام الأخيرة، وفى نفس الوقت سيكون أى قائم بالأعمال فى المرحلة القادمة من رجال الحرس القديم أو مجموعة القطبيين، لذلك وقع اختيار حسين على مصطفى طلبة فهمى لأنه من القيادات القطبية القديمة التى كانت مقربة من مجموعة ٦٥ وهو أحد الداعمين لمحمد قطب منذ قدومه إلى السعودية حتى وفاته، ويعد الرجل الغامض البديل لهندسة العلاقات الدولية فى حالة إذا تم التضييق على محمود حسين أو تنحى إبراهيم منير عن القيام بمهامه التنظيمية نتيجة اى ضغوط ممكنة. خامسا: نفوذ محمود حسين المادى ما زالت قائمة، فكثيرون يسيرون على نهجه طمعا فى مغنم أو مرتب تقاعد سياسي، وكلمة السر فى ذلك طلعت فهمى بارون المدارس الدولية الخاصة، وهذه نقطة ضعف إبراهيم منير قلا يملك من نفوذ مادى حاضر كما يملك محمود حسين.. خاصة فى غربة «تركيا» القاسية فالجميع يلهث وراء المال لحفظ ماء وجهه.
يستخدم كل فريق أدواته ويطرح فكرة المؤسسية الجديدة لكى يكتسب شرعية وجوده، فى الوقت الذى تجرى فيه الجماعة تجديد علاقتها الخارجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتفادى الحظر فى المرحلة القادمة..
حالة الموازاة والمماثلة فى عقل الإخوان تجعلهم دائما فى حيرة من أمرهم أين سيكون القرار القادم ومن يسيطر على القرار، وأين شرعية وجودهم، الجماعة يديرها الآن أكثر من قسم وأكثر من مكتب والكل يبحث عن شرعية لقراراته وأرضية ليتعايش مها وسط تهديد حقيقى لهم ولوجودهم.