أصبح العالم على صفيح ساخن وتلتهب القضايا والملفات العالمية، وتزداد حدة الجائحة الفيروسية لتلقى بظلالها وتداعياتها على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالجائحة أضرت باقتصاديات العالم وخاصة الدول النامية، ما أدى إلى نزوح الكثير من بلدانهم وعادت قوارب الموت تزيد، وزاد المهاجرون غير الشرعيين حتى أصبحوا غنيمة لتجار البشر، وكأن الجائحة اللعينة جاءت فرصة ذهبية لإنعاش سوق الاتجار بالبشر.
وأصبح الجميع مشغولين بملامح وشكل العالم ما بعد الجائحة وبالسياسات المالية التي ستتغير – حتمًا- بعد تلك الجائحة وبنوع الاستثمارات والبني التحتية الصحية.
ولكن وسط كل هذا، تقف الدولة المصرية صامدة وهادئة أمام تلك التحديات وكأنها محُصنة في مرمى النيران التي تشتد قساوتها اثر ظهور متحور جديد وكأن تلك الجائحة لا تنتهي، كالبحر الذي يهدأ تارة ويعصف تارة أخرى بموجات من الهلع.
ربمًا السر يكمن في أن الدولة المصرية باتت تمتلك جُعبة من أدوات التغلب على الأزمات والانتصار على التحديات، باتت تمتلك الرؤية المتوازنة الذكية الوطنية، رؤية تجمع بين كثير من المتناقضات في ظاهرها والمتكاملة في مضمونها، الميكنة والرقمنة بجانب الاهتمام بالحرف اليدوية، التطوير وإنشاء المدن الذكية، بجانب الإبقاء على الأماكن التاريخية وترميمها، إقامة المشروعات العملاقة بجانب الحرص على الصناعات الصغيرة.
ذلك ما بدا جليّا في جولة هذا الأسبوع من قبل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، "جولة الجمعة" التي أصبحت سُنة، نتوق إليها شوقًا، تحمل الكثير من الرسائل والمعاني.
فجاءت تلك الجولة في مصر القديمة وسور مجرى العيون، وحملت زيارته لصانعي الفخار معاني عدة، على رأسها أهمية تلك الصناعات اليدوية القيمة، التي تحمل شعار "صنع في مصر" وإقامة مدرسة لتعليم تلك الحرفة اليدوية، فالحرف اليدوية لا يمكن أن يُستهان بها، فالحرف الفنية تهذب النفس البشرية وتزيد من حجم الإنتاج، ولها أثر ايجابي على الاقتصاد الوطني، وبتلك الجولة يضعهم على الخريطة السياحية كما قال لهم أثناء تفقده، أمّا على الصعيد المعنوي، فزيارة الرئيس وذلك التلاحم الشعبي الذي يحدث في الأماكن البسيطة يبث الطمأنينة في كل الأحياء على مستوى الجمهورية، حتى التي لم يزرها الرئيس بعد، خاصة في ذلك الوقت المتأزم وكثرة المخاوف والتحديات، فالحفاظ على الروح المعنوية في هذا التوقيت هو واحد من الأدوات التي نستطيع أن نعبر بها تلك الأزمة.
عجيبة هي حكاية الدولة المصرية، فهي تشبه صناعة الفخار، من الطين يستطيع الصانع أن يصنع أجمل القطع الفنية بيده فقط، هكذا تُصنع مصر من جديد، في ظل ظروف شديدة الصعوبة يتم تطوير وإقامة المدن والأبراج من لا شيء ولكن بسواعد وأيادٍ وطنية.