نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرا لها خلال الأسبوع الجاري، تحدثت فيه عن مأساة أطفال زيمبابوى الذى يعيشيون قرب منجم هوانج الذى يستخرج منه الفحم، وأثره على العائلات التى تحيا بالقرب منه.
وسردت الصحيفة البريطانية قصة الفتاة أليشا التى تبلغ من العمر ثمانى سنوات، وماتت بعد إصابتها بحروق شديدة بالقرب من منجم فحم فى هوانج. وأضافت «كانت أليشا موزفايت تلعب وذهبت وراء الأدغال لدخول المرحاض، الذى يستخدمه نحو ٥٠٠ شخص، ولكن بينما كانت الطفلة البالغة من العمر ثمانى سنوات جاثمة على الأرض، تحولت الأرض تحتها، وسحبتها فى إحدى الحرائق الموجودة تحت الأرض التى اشتعلت فى جميع أنحاء منزلها فى هوانج فى شمال غرب زيمبابوي» .
وقالت «الجارديان» إن إحدى عمات إليشا سحبتها إلى بر الأمان، لكن ساقيها كانتا محترقتين بشدة، لدرجة أنه كان لا بد من بترهما، وبعد مرور أكثر من شهر على الحادث توفيت الطفلة متأثرة بجراحها، ويقول آندى موزفيت، والد أليشا: «إنه أمر مؤلم ما حل بنا».
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع وجود مرحاض عام واحد لأكثر من ٥٠٠ شخص يعيشون فى المستوطنة رقم ٣، وهى منطقة سكنية لموظفى شركة Hwange Colliery، وكان الفحم يحترق تحت الأرض هنا منذ سنوات، مما أدى إلى إصابة الناس وغالبا الأطفال.
وتابعت الصحيفة أنه من الصعب اكتشاف حرائق طبقات الفحم، والتى تحدث عندما تشتعل طبقة من الفحم، بل ويصعب إخمادها، فهناك الآلاف منها تحترق حول العالم فى بلدان تعدين الفحم، ويُقدر أنها تتسبب فى دخول ٤٠ طنًا من الزئبق إلى الغلاف الجوى كل عام وتمثل ٣٪ من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون السنوية فى العالم.
وأوضحت صحيفة الجارديان البريطانية أنه قبل وفاة أليشا، ضحى عمال شركة Hwange Colliery بالقليل الذى كان لديهم للمساعدة فى فواتيرها الطبية، وذهبت والدتها من باب إلى باب لتطلب أى مبلغ، وكافحت من أجل الحصول على نقود لفواتيرها الطبية.
وأضافت: «المجتمع بأكمله فى حالة صدمة بعد وفاة أليشا، وطالب السكان بضرورة أن يأتى الرئيس الزيمبابوى إلى المكان ليرى الخطر الذى يواجهه الأطفال، فمن المؤسف للغاية أن الأمر لا يتطلب سوى سياج لتجنب هذه الحوادث».
وسردت الجاريان قصة أخرى، حيث قالت إنه على بعد نحو ٥٠٠ متر من منزل عائلة إليشا موزفايت، يعتبر سيباندا البالغ من العمر ١٦ عاما، محظوظًا لأنه على قيد الحياة بعد أن ابتلعته النيران تحت الأرض تقريبًا، حينما كان يلعب مع أصدقائه عندما صعد إلى كومة من الفحم، كانت تحترق بالفعل تحت الأرض، وكان يبحث عن مانجو وقد احترق فى ساقيه».
وأردفت: «لقد نجا بعد تمسكه بشجرة، قبل أن تبتلعه النار، ولكن الحرارة لا تزال تزعجه، وتوقف عن الذهاب إلى المدرسة بسبب ذلك، فلا يستطيع حتى ارتداء حذائه المدرسي».
وأكدت الصحيفة البريطانية أن الشركة لم تقدم أى مساعدة على الإطلاق لعائلة سيباندا وأعربت والدته، فيوتشر مويمبي، تعرب عن أسفها لعدم رعاية السلطات، قائلة «عندما احترق ابني، كنت حاملًا، وكنت أمشى لساعات لمجرد رؤيته فى المستشفى، ولقد عانيت لأنه قضى شهرًا فى المستشفى، ولم يكن لدينا نقود، لذلك اضطر للعودة إلى المنزل».
وأشارت «الجارديان» إلى أن الآباء دعوا السلطات فى زيمبابوى إلى إقامة سياج حول المناطق الكثيفة القريبة من المدرسة، قائلين إن الحرائق تحت الأرض مشتعلة منذ سنوات، وأضافوا «هذا المكان ليس فقط بالقرب من مناطق لعب الأطفال، ولكن هناك أيضًا مدرسة محاطة بالإخطار، ويجب عليهم فقط إغلاق هذا المكان، فهذه ليست ظاهرة حديثة».
وتقول إحدى الأمهات لـ»الجارديان» إن ابنها أصيب أوبيدنت البالغ من العمر ٢٠ عاما، أصيب بإعاقة حينما كان عمره ١٣ عاما، بعد أن أصابته حرائق تحت الأرض، مضيفة «ابنى أصيب بحروق فى ساقيه ولكن اليسرى كانت أكثر إيلاما، وحصل على بعض المساعدة، لكنها لم تكن كافية، ومكث فى المستشفى لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم تقدم شركة Hwange Colliery لنا أى مساعدة فى الرعاية الطبية».
ويقول تقرير صادر عن مركز إدارة الموارد الطبيعية «CNRG» إن حرائق طبقات الفحم تدمر الحياة فى هوانج، وبعض الضحايا الذين أصبحوا بالغين أصيبوا بجروح وهم صغار ودُمر مستقبلهم بسبب الإصابات الدائمة، والفترات الطويلة التى قضوها فى المستشفيات والألم الشديد الذى لا ينتهى والذى أصبح تجربة دائمة فى حياتهم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدم كفاية العلاج الذى تلقوه.
وقالت المتحدثة باسم شركة هوانج كوليرى بيوتى موتومبى إن الشركة ليست مسئولة عن تعويض المتجاوزين، فالناس يتعدون على ممتلكاتهم فى تلك المناطق التى عليها علامات واضحة، مضيفة: «لدينا آلاف الهكتارات من الامتيازات وأغلقنا المناطق الخطرة، لكن الناس يسرقون السياج»، متسائلة «هل تعلم أن الفحم له حرائق عفوية وسنحتاج إلى إغلاق كل متر مربع؟».
وأضافت أن الشركة اشترت طائرة بدون طيار لتحديد مواقع الحرائق وأن حملات التوعية جارية بالفعل فى المجتمع، لكنها لن تعوض المصابين ومع ذلك، تقول الشركة إنها ساعدت عائلة موزفيت فى دفع الفواتير الطبية بعد وفاة أليشا.