ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان: "دعاك الحب بالشعب" للشاعر بشار بن برد.
دَعاكَ الحُبُّ بِالشَعبِ
مِنَ الذَلفاءِ بِالقَلبِ
نَأَتهُ وَنَأى عَنها
وَأَبدَت قالَةَ العُجبِ
فَقَد وَقَّفَني الهَجرُ
مِنَ المَوتِ عَلى جَنبِ
وَقِدماً ذاكَ ما زالَ
مَحَلَّ اللَهوِ في القُربِ
رَهيناً بِالَّذي لاقَيتُ
بَينَ الرَغبِ وَالرَهبِ
فَرَهبي مِنكَ في شَعفي
وَمِن مَوتِ الهَوى رَغبي
لَقَد حارَبَني صَبري
وَما سالَمَني حُبّي
فَلا يَقرَبُني هَذا
وَلا هاذاكَ مِن حِزبي
وَما أَذنَبتُ مِن ذَنبٍ
سِوى حُبّي فَما ذَنبي
وَنَومُ العَينِ مَمنوعٌ
وَماءُ العَينِ في سَكبِ
أَلا لا لا أَرى مِثلي
وَمِثلَ الشَوقِ في قَلبي
أُدَنّيها مِن الجَدوى
وَتُدنيني مِنَ الكَربِ
وَقَد قُلتُ لَها سِرّاً
وَإِعلاناً لَدى صَحبي
أَما حَسبُكِ يا أَسماءُ
أَنّي مِنكِ في حَسبِ
كَفَتكِ الغايَةُ الدُنيا
مَعَ القُصوى الَّتي تُكبي
وَفي أَسهَلِ ما يَأتي
بِهِ كافٍ مِنَ الصَعبِ
فَلَمّا لَم أَنَل حَظّاً
بِما كَدَّرتِ مِن شِربي
شَكَوتُ القَلبَ وَالذَلفاءَ
مَع وَجدي إِلى رَبّي
فَأَصبَحتُ بِما حُلّيبُ
مِن مَشرَبِيَ العَذبِ
كَذي الطِبِّ تَعَنّاهُ
وَما بِالقَلبِ مِن طِبِّ
وَساهي النَفسِ مَحزوناً
يُزَجّي النَفسَ بِالغَلبِ
وَلَو يَسطيعُ إِذ شَطَّت
عَلى ما كانَ مِن عَتبِ
حَذاها وَجهَهُ نَعلاً
فَلَم تَمشِ عَلى التُربِ
أَعَبّادَةُ مِن حُبِّكِ
في الأَحشاءِ كَاللَهبِ
إِذا اِستَغفَيتُ أَضناني
ضَنا المَحمولِ في الخُشبِ
فَإِنَّ حُدِّثتِ يَوماً عَن
فَتىً ماتَ مِنَ الحُبِّ
فَقولي تَصدُقي ذاكُم
صَفِيٌّ مِن بَني كَعبِ
لَيالٍ مِنكِ أَهواها
هَوىً في الجِدِّ وَاللَعبِ
فَمِنها لَيلَةٌ بِالتاجِ
أَسهَت لِلهَوى لُبّي.