تعتبر مدينة "ديزني لاند" من أشهر الأماكن في العالم، وسميت على اسم المخرج الأمريكي "والت ديزني" وكان منتجا وكاتبا وممثلا صوتيا ورجل أعمال وهو رائد في مجال الرسوم المتحركة وهو مؤسس شركة والت ديزني وأيضا مخترع المنتزه الشهير "ديزني لاند"، يعد ديزني الشخصية المحورية لتاريخ سينما الرسوم المتحركة للأطفال، كما يعتبر ايقونة ثقافية في هذا المجال، وذلك بفضل مساهماته الهامة في صناعة الترفية، الذي يتزامن اليوم ذكرى رحيله عام 1966م.
ولد والت ديزني في الخامس من نفس الشهر عام 1901 بمدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية.
ذاع صيت ديزني بوصفه منتجاً سينمائيا مبكراً في مجال الرسوم، ومصمماً للحدائق والمنتزهات، وكان ديزني رجل استعراض شعبي بجانب فريق عمله.
ابتكر ديزني شخصيات كارتونية شهيرة، وخاصة "ميكي ماوس"، و"كاريكاتور لفار"، و"أوزوالد الأرنب المحظوظ"، "سيلي سيمفونياس".
وعرف ديزني بكونه راوي قصص بارع ونجم تلفزيوني كبير ومع فريقه اخترع عددًا من الشخصيات المتحركة الأكثر شهرة في العالم ونذكر من بين هذه الشخصيات ميكي ماوس ودونالد داك ويعد أكثر شخص في التاريخ يحصل على أكبر عدد من جوائز الأوسكار فقد فاز بـ22 جائزة أوسكار وترشح لـ37 جائزة أوسكار بالإضافة إلى حصوله على 3 جوائز أوسكار تكريمية فخرية.
ومن الجدير بالذكر أن تجارب ديزني الأولى مع الرسم وشغفه الكبير بالقطارات ترجع إلى تلك الفترة ، حيث كان هناك خط سكة حديد يدعى "آتشيسون" ، "توبيكا وسانتا في"، والذي كان يمر بالقرب من الحي،عند انطلاق صافرة القطار، كان يهرع كل من ديزني وروي لمشاهدته من أرض مرتفعة، وما أن يراهما عمهما "مايك مارتن" ، والذي يقود القطار، حتى يلوح لهما مع صافرة طويلة تليها اثنتين أقصر منهما كإشارةٍ لهما.
عمل ديزني رساماً كاريكاتورياً بجريدة معهده صوت القرية خلال سنوات دراسته، تميزت رسوماته الهزلية بالطابع الوطني السياسي، حيث تمركزت موضوعاته حول الحرب العالمية الأولى،في عام 1918، أراد ديزني أن يسير على خطى أخيه روي، والذي تم تجنيده في القوات البحرية، فترك المعهد ليلتحق بالجيش، ولكن لم يتم قبوله نظراً لحداثة سنه.
عقد ديزني العزم على امتهان مسيرته الفنية، ولذلك انتقل إلى مدينة كانساس عام 1919، تاركاً شيكاغو ومصنع اوزيل، وتخصص ديزني بإنشاء إعلانات للصحف والمجلات ودور السينما،وتعرف على رسام آخر، حيث ربطتهما صداقة وقررا البدء بإنشاء تجارتهما الخاصة، وفي عام 1920، أنشأ "ديزني وأيوركس"، لتجارة الأعمال الفنية ولكن للأسف لم يحصلا على الكثير من العملاء، فاضطرا في النهاية إلى تركها.، كان كلاهما قد تعاقد مع شركة كانساس سيتي لدعايا الافلام، حيث عملا بمجال الإعلانات المتعلقة بتقنيات الرسوم المتحركة البدائية لدور السينما المحلية، كان ديزني مولعاً بتحريك القصائص، وقضى أياماً عديدة بمكتبة كانساس العامة يتصفح كتب التشريح والميكانيكا وقرأ أيضاً كتاب إدوارد مويبريدج المتعلق بالرسوم المتحركة، استغل ديزني وقته بتلك الشركة في تجربة تقنيات الرسوم المتحركة والأفلام، حتى أنه استعار واحدة من كاميرات الشركة لتجربتها بالمنزل.
بعد قضاءه عامين بشركة الدعاية، ظن ديزني أنه اكتسب الخبرة الكافية لبدء تجارته الخاصة وأسس مع فريد هارمان "شركة لاف-أو-جرام" للأفلام، والمتخصصة في صناعة أفلام الرسوم المتحركة القصيرة المبنية على القصص الخيالية المشهورة والقصص القصيرة للأطفال مثل "سندريلا أو القط ذو الحذاء" ، وقام ديزني بدراسة خرافات "إيسوب" كنموذج وكانت الستة أعمال الأولى من" لاف-أو-جرام" عبارة عن حكايات، وقاما بفحص وفرز الرسوم الخاصة بهم في المسرح المحلي، الذي يملكه فرانك نيومان، والذي كان واحداً من عارضي المسرح الأكثر شعبية في مدينة كانساس سيتي.
أوراد ديزني ترك سينما الرسوم المتحركة ظناً منه أنه لا يستطيع مجابهة استوديوهات نيويورك، وعزم أن يصبح مخرج أفلام واقعية، فسعى للحصول على عمل في هذا المجال ولكن دون جدوى، وبعد محاولاته التي باءت بالفشل، قرر ديزني تجربة حظه مع الرسوم المتحركة مرة أخرى، وكان أول استوديو حظى به في مرآب عمه روبرت، وبعد شهرين في أكتوبر 1923،حضرت الممثلة فرجينيا ديفيس، بطلة فيلم "أليس في بلاد العجائب"، من كانساس إلى هوليوود مع عائلتها وبالمثل، فعل ذلك أيوركس وعائلته أيضاً، وكانت تلك بداية إستوديو الإخوة ديزن، الواقع في شارع هايبريون في منطقة البحيرة الفضية، حيث بقي حتى عام 1939، والذي كان يعد بمثابة بذرة لشركة" والت ديزني" مستقبلاً. وفي عام 1925، استأجر ديزني شابة تدعى "ليليان بوندز" من أجل تحبير وتلوين شريط الأفلام، وبعد فترة خطوبة قصيرة، تزوجا في 25 يوليو عام 1925.
أصبحت شخصيات الرسوم المتحركة محط الاهتمام لديزني وخاصة القط يوليوس والذي يذكر بالقط فيليكس.
من أهم اعمال ديزني في البداية "ميكي ماوس"
قرر ديزني ابتكار شخصية جديدة بعدما خسر حقوق ملكية أوزوالد، اختلف القول فيما إن كانت شخصية الفأر، والذي في الأساس مشابه لأوزوالد، بيد أن أذناه مستديرتان وليست ممدودتان، تعود إلى ديزني، والذي في الغالب منسوبة إليه، أم إلى أيوركس،وعلى كل حال، كلاهما شارك في ابتكار تلك الشخصية،كانت الأفلام الأولى تعود إلى أيوركس، وبرز اسمها بالصحف المشهورة،ذكرت بعض المصادر أن الفأر في البداية كان اسمه مورتيمر ولكن فيما بعد أطلقت عليه ليليان ديزني اسم ميكي ماوس،كان أول ظهور لميكي ماوس في الخامس عشر من مايو عام 1928 بفيلم صامت، كباقي أفلام ديزني في ذاك الوقت، يُدعى" بلين كريزي"، وبعد ذلك حقق ميكي ماوس نجاحاً عظيماً وصل إلى أن في عام 1935 كافئت عصبة الأمم ديزني بميدالية ذهبية وأعلنت ميكي ماوس رمزاً دولياً للنوايا الحسنة.
"سيلي سيمفونياس"
بجانب سلسلة أفلام ميكي ماوس، أطلق ديزني سلسلة أفلام موسيقية جديدة باسم سيلي سيمفونياس عام 1929م، سمي الجزء الأول برقصة الهيكل العظمي، وقام برسمه وتحريكه بالكامل أيوركس، وعلى الرغم من أن كلاهما حقق نجاحاً كبيراً، إلا أن استوديو ديزني لم يكن متأكداً بشأن مشاركة الأرباح مع إستوديو باورز، تعاقد ديزني مع عدة أشخاص للقيام بالعمل الذي كان باستطاعة أيوركس القيام به بنفسه،في عام 1932، أطلق ديزني أول فيلم ملون له باسم ورود وأشجار،ضمن سلسلة سيلي سيمفونياس، والذي نال جائزة الأوسكار كأفضل فيلم قصير للرسوم المتحركة عام 1932، في نفس العام، نال ديزني أيضاً جائزة الأوسكار الفخرية عن ابتكاره لشخصية ميكي ماوس.
شعر ديزني بعدم ثقة عميقة من قبل النقابات عام 1947، وخلال السنوات الأولى من الحرب الباردة، شهد ديزني أمام لجنة نشاطات الأمم المتحدة الأمريكية وأنكر أن هيربيت سوريل وديفيد هيلبرمان وويليام بوميرانس، الموظفين القدامى والنشطاء النقابيين محرضين شيوعيين،في عام 1949، حصل ديزني وأسرته على قصر وملكية كبيرة بمنطقة "هولمبي هيلز بلوس أنجلوس"، حيث استغلها في تحقيق حلمه بامتلاك سكة حديد خاصة به، بمساعدة الأصدقاء وارد وبيتي كيمبل،وضع ديزني الخطط وبدأ بإنشاء قطار مصغر أطلق عليه اسم " سكة حديد باثيفيك كارولوود"، وهو اسم الشارع القديم الذي كان يقطن به ديزني، قام روجر بروجي عامل بالاستوديو، بتصميم قاطرة البخار، وأُطلق عليها اسم ليلي بيل، تكريماً لزوجة ديزني.
المثير في والت ديزني أنه لم يستسلم مطلقًا فكلما فشل وضع خطة جديدة للتعافى مثلما حدث فيما بعد حينما قام أحد موظفي شركته بسرقة حقوق شخصية من تأليفه فلم يكف عن العمل حتى ابتكر ميكي ماوس الذي أنقذه من الإفلاس للمرة الثانية بعدما قام في المرة الأول بالنهوض من جديد عن طريق تحويل جراج عمه إلى استوديو وأسند مهمة الإدارة المالية إلى أخيه ثم أرسل فيلم أليس في بلاد العجائب إلى موزعين رفضوه وسخروا منه حتى وجد موزعة سعدت به جدًا وأرسلت له أموالا كثيرة ثم طلبت منه إرسال العديد من الأفلام لتكون بذلك بذرة شركة ديزني.
والت لم يكف عن العمل ولم يكتفِ بما حققه فأنشأ مدينة ديزني ليستغل نجاح أفلامه الكبير ويعلن عن إمكانية مقابلة أبطال أفلام الرسوم المتحركة وقضاء وقت معهم داخل تلك المدينة التي تتضمن عروض واقعية تحاكي ما يحدث في الأفلام، وكعادته حول الحلم إلى حقيقة.