عقدت صباح اليوم الأربعاء، أولى فعاليات اليوم الأول من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي فى دورته الـ 28، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، حيث بدأت بندوة تحت عنوان "تأثير جهة الإنتاج بما تمنح من مقدرات إنتاجية وأدوات عمل على التجريب فى المسرح"، وأدارها الدكتور محمد المديوني من تونس، وشارك فيها الدكتور خزعل الماجدى "العراق - أمستردام"، والدكتورة نجوى قندقجي من الأردن، والدكتورة ليلي بن عائشة من الجزائر.
في البداية تحدث الدكتور خزعل الماجدى الذي قدم ورقة بحثية بعنوان "الصراع والتوافق بين الثقافي والاقتصادى فى الانتاج المسرحي" قائلا: إن مراحل الإنتاج المسرحي أربع: الأولى مرحلة المدخلات التي تتضمن الموارد البشرية "أساسية وثانوية"، والأدوات، والمخرجات هى العمل المسرحي والتسويق وحساب المكسب والخسارة، وأخيرا المستفيدون سواء الجمهور أو النخبة أو المردود الثقافي والاقتصادى، وهناك فرق فى طبيعة الإنتاج فى المجتمعات المعاصرة فى الغرب والشرق ، فهناك فروق كبيرة فى الشرق نظرة محدودة ومقيدة لدور المسرح فدخل المسرح فى بلاد العرب مع المحتل الأجنبي ، وتمتد جذور المسرح فى الغرب إلى الإغريق ثم الرومان وشهد تاريخ طويل وتغيرات كثيرة.
وتابع الماجدي: إذا تحدثنا عن التضحية بالجانب الثقافي فى صالح الجانب الاقتصادى، فالعروض المسرحية من هذا النوع تهبط بالمستوى الثقافي وقد تدخل عليه ما ليس فيه وتكون لهذا الأمر تداعيات ينتج عنها تشوهات إجتماعية وتربوية وذوقية ، فتقدم المسرحية فى قالب إجتماعي لتكون قريبة من الناس ولكنها تصبح تزيف للواقع ، وفى أوروبا ارتبط المسرح التجارى بما يعرف بمسرح البوليفار ، سمي مسرح البوليفار مسرح المرآة لانه يعكس للجمهور صورته كما هى، أما فى العالم العربي وفى مصر علي الأخص ظهرت عروض البوليفار بصورة كوميدية ومثلها عمالقة مثل نجيب الريحاني وشويكار وفؤاد المهندس ، أما التضحية بالجانب الاقتصادى فى صالح الجانب الثقافى ، وهذا أهون بكثير فالتعويض عن المال يعوضها نسج الخيال والاعتماد علي الممثل وإمكانياته.
وقالت الدكتورة نجوى قنداقجى: جاء عنوان ورقتي البحثية "ملامح التجارب المسرحية السورية فى لبنان منذ 2011 وحتى 2018 والتحولات الإنتاجية الطارئة "، فقد ساهمت التجارب المسرحية السورية فى لبنان قى إظهار أعطاب هذا المسرح المقيد، حيث أنتقل الفنانون السوريون من وسط مسرحي منضبط فى حدود التعبير إلي وسط منفلت ومفتوح الحدود ونوعا تنوعت الموضوعات التي طرحها الفنانون السوريون فى أعمالهم ، ولكن بقيت الحرب حاضرة وإن قرر بعضهم الإبتعاد عنها، وإن توارت من الحكاية فقد ظهرت المفردات الأدائية والبصرية، وواجه المسرحيون آليات الإنتاج الحر لعدم إمتلاكهم المهارات اللازمة لتنفيذه وإتقانه، وأعتمدت تجاربهم علي المبادرات الذاتية والتعاون الإيجابي من قبل الفنانين اللبنانين والفضاءات الثقافية المستقلة، وضاعت هوية العروض الفنية بسبب فقدان الإستمرارية وعدم تحقق التراكم فكان العرض مناسبة مسرحية سورية ليس جزءا من المسرح اللبناني وليس جزءا من المسرح السورى أيضا ، ولم تستطع تجارب السوريين أن تترك أثرا فنيا أو أن تصنع إبهارا ، رغم الترحيب بهم من قبل الفضاء المسرحي اللبناني ولكنها بقيت رهن شروطه الخاصة .
وقالت الدكتورة ليلي بن عائشة من "الجزائر" التي يحمل عنوان بحثها اسم "جدلية التجريب فى المسرح الجزائرى المعاصر بين معوقات الإنتاج ومحفزاته" قائلة: إن المسرح الجزائري فى زمن الإرهاب فى الحرب من ١٩٩٠ : ٢٠٠٠ ، كانت تلك الفترة مهمة فى تأسيسه، وهناك أسماء عديدة أسست المسرح الجزائرى، مشيرة إلى أن المسرح هو الفن الذي كان يشكل وعي الكثيرون، فشكلت هذه المرحلة تطرف وإرهاب واغتيال بعض الفنانين والمسرحين وهناك العديد من الأسماء التي تم اغتيالهم علي يد الإرهابين، وحاول الفنانين الجزائرين أن يقاموا هذا الإرهاب عن طريق المسرح ومحاربة أي مظاهر من مظاهر السلبية وحاولوا أن يكونوا نبض الشارع والمواطن ، والتجول فى أصعب المناطق فى الجزائر وذلك لإعادة البسمة للمواطنين ، والإرهاب انعكس علي التركة المسرحية وكان هناك الكثير من المتطفلين الذين انضموا للمسرحيين وحاولوا أن يستفيدوا ولكنهم أفسدوا هذا الجانب والكثير من الفنانين ذكروا ذلك ، ولو ذكرنا تجارب المسرحية المعاصرة ، كانت الجزائر عاصمة الثقافة العربية عام ٢٠٠٧ واستبشرنا خيرا واتيح المجال لتقديم أعمال مسرحية مهمة، ولكن التجريب ومؤسسات الإنتاج فى فترة كورونا لا يمكن الحكم علي الأعمال فى تلك الفترة لأن الجمهور هو الفيصل، وهناك العديد الذين يحاولون أن يجدوا مساحة للدعم والانتاج المادى كى يستطيعون تقديم مسرح حقيقي.
يذكر أن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الـ28، تستمر حتى 19 ديسمبر الجاري، وتحمل اسم الدكتور الراحل فوزي فهمي.