حذر مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة من أن الفساد يؤثر بصورة كبيرة على النساء، مما يجعلها مستبعدة عن أدوار اتخاذ القرار، ويحد من فرصها في التقدم على الصعيدين التربوي والاقتصادي.
وعرض المكتب تقريرا دوليا أعده بتمويل من ألمانيا، في جلسة خاصة بعنوان (إرساء النوع الاجتماعي في عملية مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) ضمن أعمال اليوم الثالث للدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، برئاسة مصرية لمدة عامين، يتولها الوزير حسن عبد الشافي رئيس هيئة الرقابة الإدارية.
وأكد التقرير أن الفساد يضعف الثقة بالمؤسسات ويقوض أسس الديمقراطية والاقتصاد الفعال، منبهة إلى أن الفساد يقوض التقدم على صعيد المساواة بين الجنسين، ويشكل عائقا أمام التنمية ويحول مسار الموارد بعيدا عن جهود القضاء على الفقر، مما يؤثر على النساء والأطفال بشكل خطير.
واعتبر أن المرأة قد تكون أكثر تحفيزا من الرجال لمكافحة الفساد لأنه يعيق طموحاتهن المهنية واستقلاليتهن، مشيرا إلى أن النساء أكثر خشية من الرجال للإبلاغ عن حالات الفساد بسبب الخوف من الانتقام أو غير ذلك من المساوئ.
واستعرض التقرير أبرز نقاشات الدورة الاستثنائية للجمعية العامة حول مكافحة الفساد، حيث جرى بحث سبل إرساء المساواة بين الجنسين عمليا وتيسيرها خلال عمليات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لتعزيز المساواة بين الجنسين من خلال مكافحة الفساد والعكس.
ودق التقرير ناقوس الخطر من الوضع السيئ المترتب على الفساد حيث تتضاءل احتمالية حصول المرأة على مناصب سياسية أو أي من أدوار صنع القرار، محذرا من أن النساء أكثر عرضة لخطر استخدام أجسادهن كعملة للفساد، وذلك عندما يتم استخدام الخدمات الجنسية كشكل من أشكال إساءة استعمال السلطة أو التواطؤ أو المحسوبية، عندئذ يعتبر الفساد "جنسانيا"، لافتا إلى أن التعرض لهذا النوع من الفساد يعرض النساء لخطر حقيقي ويمكن أن يكون له آثار جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية مدمرة طويلة الأجل على النساء والفتيات.
وشدد التقرير على أن التعليم أداة حاسمة للنهوض بالمساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة، وكلاهما أساسي لمعالجة الأبعاد الجنسانية للفساد، معتبرة أن "فتح الأبواب المهنية أمام النساء له تأثير حاسم على أنماط الفساد والشفافية والمساءلة العامة".
ونبه التقرير إلى أن جائحة كوفيد 19 قوضت، المكاسب التي تحققت في مجال تمكين المرأة من خلال عكس عجلة التقدم المحرز، وتعميق أوجه عدم المساواة القائمة بين الجنسين، لاسيما وأن الوباء تسبب في حالة طوارئ عالمية ممتدة عرضت العاملين في القطاع الصحي لمخاطر أكبر بشكل عام، موضحا أن ذلك كان له تأثير غير متناسب على مقدمي الرعاية من النساء، كون العديد منهن يعملن في الخطوط الأمامية للاستجابة لجائحة كوفيد-19 أو كمقدمات رعاية للأسرة.
وأبرز التقرير أشكال الفساد في ضوء جائحة كورونا، حيث قوض الفساد إنفاق حزم الإغاثة والمساعدات الخاصة، وهو ما ظهر في الاحتيال وعدم تسديد رواتب العاملين في مجال الرعاية الصحية الحرجة، ما قلص فعالية خدمات الرعاية الصحية وأثر بشدة على النساء، لذلك تعتبر أنظمة الإبلاغ عن المخالفات والحماية التي تراعي الفوارق بين الجنسين أساسية في مكافحة الفساد، مؤكدا أنه لا يمكن معالجة الانتهاكات إلا عندما تشعر المرأة بالأمان، للإبلاغ عن الحوادث دون خوف من الانتقام أو فقدان الحماية أو السرية.
واستند التقرير إلى مناقشات جرت خلال اجتماع فريق من الخبراء في بانكوك في عام 2018، وضم الاجتماع 26 مشاركا من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وسلطات مكافحة الفساد وأخصائيين وطنيين ممارسين في مجال العدالة الجنائية، فضلا عن المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية من أجل مناقشة الأبعاد الجنسانية للفساد وتحديد الممارسات الجيدة.