طوال تاريخها المُظلم، دأبت جماعة الإخوان الإرهابية على تكوين علاقات مع مسئولين وأجهزة استخبارات لدول غربية وأجنبية، استفادت منها بدرجة كبيرة، فبعض الدول احتضنتهم وقت الأزمات والهروب، وبعضها عمل على الضغط على الحكومات لتسهيل تمرير مشاركة أعضاء الجماعة في الحكومة أو المجالس النيابية، كما سعى آخرون لإمداد الجماعة بالأموال والمعلومات اللازمة.
على الجانب الآخر فإن هذه الدول التي ساعدت الإخوان كانت تريد مصلحتها في المقام الأول، لذا استمر دعم الجماعة من أطراف خارجية ودولية لحاجتهم في استخدام التنظيم الإرهابي في تنفيذ مخططات الفوضى والتدمير الذي يتم التدبير لها من سنوات طويلة باستخدام جماعات دينية متطرفة لا تؤمن بالأوطان.
قيادات إخوانية أمام القضاء في قضايا تخابر
وأحالت نيابة أمن الدولة العليا 81 متهمًا بقضية التخابر مع تركيا والمتورط بها قيادات إخوانية منها المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر والقائم بأعمال المرشد محمود عزت وغيرهم كثير من القيادات الهاربة خارج البلاد مثل إبراهيم منير ومحمود حسين.
ومنذ وصول الإخوان للحكم في مصر، بادرت تركيا بتقديم العديد من النصائح والتوجيهات لرجالها الذين باتوا في سدة الحكم، وبعد سقوطهم في ثورة الـ30 من يونيو أسرع عدد من أعضاء الجماعة بالهروب إلى تركيا، ومن هناك واصلوا الهجوم والتحريض ضد مؤسسات الدولة المصرية من خلال قنوات ومنصات إعلامية مدعومة من تركيا، لكنها مؤخرا أبلغتهم أنهم غير مرغوب فيهم على أراضيها كما حذرتهم من انتقاد مصر في ضوء التقارب الذي تسعى له تركيا مع القاهرة على شاكلة ما يحدث من تقارب مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وباتت تركيا هي الحليف الأول لفروع جماعة الإخوان في كل مكان، ولا سيما "إخوان تونس" الذين كانوا على اتصال علني وسري دائم مع أنقرة خاصة الذين شغلوا مناصب حساسة في الدولة التونسية، وحتى بعد تجميد البرلمان وفقدان إخوان النهضة لثقة الشارع التونسي بعدما خلقوا شللا عامًا في الحياة السياسية فتعطل البرلمان وتعرقلت خطوات الحكومة التابعة لهم.
ولما خافت هذه الدولة التي تلعب دور الحامي والداعم للجماعة الإرهابية، فإنها تسعى الآن من خلال وساطات لضمان بقاء "إخوان النهضة" في المشهد السياسي، كما تجري مفاوضات لتيسير خروج آمن لراشد الغنوشي، رئيس الحركة وكبار قيادات النهضة لخارج البلاد، وذلك بحسب تصريحات الكاتب التونسي والمحلل السياسي بلحسن اليحياوي.
وقال "اليحياوي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" إن الغنوشي يحاول في هذا الوقت البحث عن خروج آمن من خلال منفى اختياري بالنسبة له مقابل أن يتعهد ألا يتدخل في الشأن التونسي وألا يكون مركزا للمعارضة في الخارج، بينما لم ترد على طلباته رئاسة الجمهورية التونسية، كما أن الأيام القادمة سوف تكشف حقيقة هذه الأمور ونتيجة ما ستؤول إليه الأمور.
معتز مطر يلجأ لـ"إخوان لندن" ليستكمل تحريضه
وفي الوقت الذي أغلقت فيه تركيا برامج مجموعة من الإخوان الهاربين أمثال: محمد ناصر وحمزة زوبع ومعتز مطر، فإن الأخير استطاع مغادر تركيا والوصول إلى لندن.
ونقلا عن موقع "العربية.نت" فإن "مطر وصل إلى العاصمة البريطانية لندن، وسيمارس نشاطه من هناك، وأنه بمجرد وصوله نشر الفيديو الذي أعلن فيه عودته للعمل الإعلامي مجددا، وتبين أن مطر قام بتصوير الفيديو في مطار إسطنبول بتركيا وبثه على صفحته على تويتر فور وصوله لندن".
ويعود تاريخ تعامل الإخوان مع بريطانيا منذ مؤسس الجماعة حسن البنا الذي تلقى تبرعات من الإنجليز لبناء أول مسجد للإخوان في الإسماعيلية، كما تمت مقابلات بين أعضاء من الجماعة ومسئولين في السفارة البريطانية منذ أيام الاحتلال.
وحول علاقتهم بلندن يقول الكاتب التونسي باسل ترجمان في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": "إن جماعة الإخوان الإرهابية أُنشئت على يد البريطانيين، حيث تحميها لندن وتتخذ منها قاعدة لكل قيادتها التي تقف وراء كل المصائب والشرور التي يشهدها كثير من دول العالم".
ولفت "الترجمان" إلى أن بريطانيا معنية بالحفاظ على هذه الجماعة، لأنها خدمت على مر تاريخها كل مشروعات الفتنة والتقسيم والحروب الأهلية والفوضى في كل البلاد التي وجدت بها، ولا أحد ينسى جرائم الإخوان، وكيف ساهمت في تدمير العديد من الدول وخاصة بعد ما سميناه بـ"الخراب العربي".
واختتم حديثه قائلا: إن أعضاء الجماعة يقيمون فى بريطانيا ويقدمون خدمات للإنجليز منذ العام ١٩٢٨، ومؤخرا لم يتجرأ أحد فيهم ليفتح فمه بعدما اتجهت بريطانيا لتصنيف حركة حماس كـ«منظمة إرهابية» وهى أحد أذرعهم، لقد سكتوا وباعوا حماس من أجل رضاء بريطانيا عليهم.
مخاطبة أمريكا.. وطلب الدعم المباشر
وتعاونت الإدارة الأمريكية مع جماعة الإخوان واستخدمتها منذ عدائها مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر، فقد رأت بضرورة دعم الجماعة لاستخدامها في مواجهة أعدائها في المنطقة مثل الناصريين والسوفييت.
وفي اللحظة الراهنة فإن عدد من المنظمات المشبوهة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وجهت نداء عاجلا للقمة التي عقدها الرئيس الأمريكي جو بايدن "من أجل الديمقراطية" تطالبه بوقف الدعم العسكري للدول العربية، ومواصلة الضغط على الحكومات، إلى جانب عدم نصح الدول العربية بإدخال إصلاح تدريجى للسماح بالمعارضة، لأنه من الجلى أن الوقت قد حان للتغيير؛ بحسب بيان صادر عن الإخوانية الهاربة مها عزام.
وفي شهادة موثقة فإن أحد أفراد التنظيم الخاص بالجماعة الإرهابية، عبر عن اندهاشه من تحفيظ الجماعة لأتباعها أن أمريكا مارد وشيطان كبير بينما يلجأون إليها ويتعاملون معها بنفاق ورياء كبير لكسب دعمها ضد حكام بلادهم.
ففي كتابه "التاريخ السري لجماعة الإخوان" يسرد مشاركته في أحد المؤتمرات الإسلامية بأمريكا، قائلا: "رأيت الكثير من قيادات الإخوان الهاربة والتي تعيش في بلاد أخرى وجدت طريقها للتعامل مع المارد الأمريكي لمن يعيشون في كنفه، ووجدت أنهم يتعاملون بشخصيتين واحدة التشدد وبث الجمود في عقول الأفراد، وأخرى هينة لينة في التعامل مع السلطات الأمريكية، قد تصل حد المداهنة للسلطات الأمريكية بغية إعطائهم صورة حسنة عن الإخوان، كي يفوزوا بتأييد أمريكاني ضد حكام دولهم.. وكنت أعلم أن هذا نوع من الرياء.. وأنهم أساتذة في هذا النوع من النفاق".
يشار إلى أن نيابة أمن الدولة العليا كانت قد أحالت أعضاء بجماعة الإخوان الإرهابية للجنايات في قضية التخابر مع تركيا، وجاء في أمر الإحالة أن المتهمين اتفقوا على تمرير المكالمات الدولية من وإلى البلاد بعيدا عن البوابة الدولية المرخص لها، للتأثير سلبا على موارد البلاد الاقتصادية من العملات الأجنبية بما من شأنه الإضرار بمركزها الاقتصادي ولجمع معلومات من خلال التنصت على تلك المكالمات وتسجيلها، تُنقل إلى أجهزة أمن خارجية لاستخدامها في فرز العناصر واستقطابها وتجنيدها، وإلى الكيانات لاستخدامها في مخططاتها، وتوفير أموال من متحصلات ذلك التمرير لتمويل تلك المخططات بما من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.