فى محاولة لجمع التحالفات المشبوهة، ولحشد الدعم الدولى الخارجى، عقد التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، مؤتمرا بعنوان «الديمقراطية أولا»، بهدف التحريض على الدول العربية وإطلاق موجة من الشائعات الجديدة حول حقيقة الأوضاع الداخلية فى البلدان العربية التى لفظت التنظيم وجعلته محاصرا ويشعر بالضيق والطرد حتى فى الخارج.
دعا للمؤتمر ونسق له بوق جماعة الإخوان التونسى المنصف المرزوقى، والناشطة الإخوانية اليمنية توكل كرمان، تحت ما يُعرف بـ«المجلس العربى للدفاع عن الديمقراطية»، وحركة وهمية تحمل اسم «اتحاد القوى الوطنية» برئاسة الهارب أيمن نور، ومنظمة مشبوهة تحمل اسم «المجلس الثورى» وترأسه الإخوانية الهاربة مها عزام.
شارك فى المؤتمر، الذى عُقد فى الثالث من ديسمبر الجارى، عدد من الشخصيات الإخوانية الهاربة، ومنهم شخصيات مدانة بأحكام قضائية فى بلدانهم لتورطهم فى أعمال عنف وإرهاب، من: تونس ومصر واليمن والسودان وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا وبعض دول المشرق العربى والخليج.
وتولى المنصف المرزوقى وتوكل كرمان التنسيق لمؤتمر صحفى فى واشنطن ٧ ديسمبر الجارى، حيث قدما مخاطبة للرئيس الأمريكى جو بايدن وطالباه بدعم هذه الجماعات والتنظيمات المشبوهة تحت راية «الديمقراطية وحقوق الإنسان».
الجماعة تستعد لعودة مخطط الفوضى
وفضحت المشاركات والبيانات التى قُدِّمت خلال المؤتمر أصحابها، ففى أعقاب انتهاء المؤتمر أصدرت الإخوانية مها عزام بيانا صرحت فيه بأن التنظيم قدم خطابا للرئيس بايدن يطالبه بالدعم، وأنهم على استعداد للخروج مجددا مثلما حدث فى العام ٢٠١١ وما بعده.
وطلبت الجماعة الإرهابية، وفق بيان «عزام»، أن تمارس الدول الغربية الضغوط على الحكومات العربية، وأن توقف كافة أشكال الدعم وخاصة العسكرى، إلى جانب عدم نصح الدول العربية بإدخال إصلاح تدريجى للسماح بالمعارضة، لأنه من الجلى أن الوقت قد حان للتغيير.
وتشير مطالبات «عزام» إلى انتهاء مرحلة الاشتراك فى الحكم بصورة تدريجية، كما حدث فى الماضي، فلم يعد ذلك الأمر مرضيًا، بل باتت الجماعة تحلم بالنزول مرة أخرى لخلخلة الأنظمة العربية الحالية من أجل تحقيق سيطرتهم البديلة واستعادة خطتهم القديمة.
تنظيم إقصائى وعدو للحريات
من ضمن الكلمات المشاركة فى مؤتمر الإخوان، جاءت كلمة بارزة للإخوانى الأردنى ليث الشبيلات، الذى أكد خلالها أن أعضاء جماعة الإخوان يمارسون الإقصاء فيما بينهم، وأنهم لو تمكنوا من الحكم فى الأردن لهرب منهم لأنهم سوف يطاردونه ويطلبونه، موضحًا أنه عانى فى فترة سابقة أن أكبر تنظيم «يقصد الإخوان» باعه ولم يدعمه.
ووصف «الشبيلات» كلمات المشاركين فى المؤتمر بـ«الأصوات المستضعفة والمتخاذلة وضد الديمقراطية فى الأساس».
وفى إشارة للانقسامات التى تضرب حاليا تنظيم الإخوان، قال «الشبيلات» إننا أمام أكبر تنظيم لا يستطيع أن يجمع بين أطرافه فى مكان واحد، لأنهم لا يسمعون لبعض، ولا يمارسون الديمقراطية فيما بينهم، وأنهم يمارسون الفساد والطغيان، كما أنهم لا يحبون بعضهم البعض»
وعن تواجده خارج الأردن، قال الشبيلات: أنا مقيم فى إسطنبول، ولم أهرب من النظام الأردني، بل هربت من المعارضة الأردنية التى تمارس الاقصاء، والله لو تمكنت المعارضة فى الأردن من الحكم لهربت منها، فحن لا نتفق، وغير مناسبين للحديث عن إصلاح الأنظمة غير الديمقراطية، لأن فاقد الشىء لا يعطيه.
وعن ممارسات الفساد داخل التنظيم، قال: أعضاء الجماعة يمارسون الفساد فيما بينهم، حيث يشترون الأصوات بأن يدفع أحدهم عن العضو الرسوم حتى يحظى بصوته داخل الجماعة.
مظلومية جديدة.. وأكذوبة الديمقراطية
وبدوره علق الكاتب التونسى باسل ترجمان، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، على مؤتمر الإخوان قائلا: إن السؤال الذى يجب أن نطرحه فى البداية هو: ما علاقة جماعة الإخوان الإرهابية التى تدعو لإقامة خلافة إسلامية بالديمقراطية؟ وهل الديمقراطية عندهم آلية حكم تؤمن بتبادل السلطة واحترام حقوق الإنسان والحريات أم هى وسيلة من أجل الوصول للسلطة وفرض ديكتاتورية باسم الدين؟ هذه هى القضية التى دائما تبقى أساسية والتى يعجز الإخوان عن الرد عليها دائما، ويحاولون التهرب من الاعتراف بأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية لأنهم يعتبرونها مثل عود الكبريت تستخدم لمرة واحدة من أجل الوصول للحكم، وللقيام بما يسمونه عملية التمكين، ومن أجل قيام ما يسمونه بالخلافة الإسلامية.
وأضاف «ترجمان» فى تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن الجميع يعلم أن فهم هذه التنظيمات للدولة الإسلامية مخالف تمامًا لكل أشكال الديمقراطية، ومفهومهم لا يحترم الحريات ولا حقوق الإنسان ولا التداول السلمى للسلطة ولا الانتخابات ولا حقوق الأقليات ولا الأديان الأخرى، وبالتالى هى كذبة لتحقيق غايات سياسية يتضمنها برنامجهم الذى لم يغيروه قيد أنملة منذ أن وضعه وكتبه حسن البنا، المؤسس الأول للجماعة.
وتابع الكاتب التونسى، أن الإخوان ومن يدورون فى فلكهم يسعون لإرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكى بايدن بأنهم مستعدون مرة أخرى للعب نفس الأدوار القذرة التى لعبوها بعد العام ٢٠٠٣ بعدما تطوعوا من أجل تدمير العراق، ثم تطوعوا بعدها لتدمير سوريا، ثم ليبيا فيما سمى بمشروع «الخراب العربى»، فهم يريدون أن يقدموا أنفسهم بأنهم جاهزون لتنفيذ مخططات الخراب مرة أخرى، حيث دفعت كلفته عدة دول مثل مصر وتونس وسوريا والعراق، حيث كانت خسائر لا يمكن أن توصف، وكل ذلك فى خدمة مشاريع أسيادهم الذين استعملوهم بطريقة قذرة.
ولفت «ترجمان» إلى أن الجماعة الإرهابية تشعر أن بايدن أقصاهم من حساباته، هم يعلمون أن المرحلة القادمة سوف تخلو من وجودهم، لذا فهم يحاربون من أجل البقا، يقدمون الولاء والاستعداد والمبادرة من أجل خدمة أى مشاريع لتفتيت المنطقة وتقسيم الدول وإشعال الحرب الأهلية، ونحن نعرف أن هذا هو دور جماعة الإخوان ومن يدورون فى فلكهم من أمثال المنصف المرزوقى الذين فقدوا شرعيتهم فى العالم العربي، ويبحثون عن سند وعن شرعية جديدة.
وعن الأطراف الخارجية التى لفظت الجماعة مؤخرا، قال «ترجمان»: أسيادهم باعوهم وتخلوا عنهم بثمن بخس، شاهدنا كيف تخلت عنهم الدول الحاضنة والراعية، شاهدنا كيف تخلى عنهم الأتراك، واليوم هم يبحثون عن ملجأ، وعن من يحميهم، وهم يقدمون آيات الولاء له من أجل ضمان البقاء والحماية لهم.
وسخر «ترجمان» من رفع الجماعة الإرهابية لشعار الديمقراطية، موضحًا أنه «أمر منافى للحقيقة، لأن تاريخهم منذ مؤسس الجماعة وإلى الآن يستبطنون العنف والدم والقتل كوسيلة من أجل الحكم والسلطة. فهم لا يؤمنون بالحريات ولا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان، فقط يستعملون الشعار فى إطار سياسة المظلومية، فبعدما تلاعبوا بعواطف الدول الغربية أنهم تم الاعتداء عليهم وهم يصلون أو وهم يقولون «ربنا الله»، سرعان ما سقطت تلك المظلومية بعد أن رأى الكل إجرامهم فى الدول العربية، وكانت قضية خاسرة، لذا يدخلون الآن من باب مظلومية جديدة وهى «تحقيق الديمقراطية».
وحول إمكانية أن تستفيد الجماعة من دروس الماضي، وتدرك مدى الأخطاء الجسيمة والجرائم التى ارتكبوها فى حق الشعوب، أوضح «الترجمان» أن هذه الجماعات لا يمكن أن تستفيد من دروس، لأنها أُسست على فكر إقصائى دموى يريد الوصول للسلطة، والتغلغل فيها بغرض فرض مشاريع بالعنف والقوة على الآخرين. هذه الجماعات ومن يتوهمون أنهم ديمقراطيون ويسبحون فى فلكهم من أجل إعطائهم فرصة فى المشاركة فى الحكم يعلمون جيدا أنهم لن يتعلموا جيدا أو يفهموا أى درس، فهى جماعات لديها أجندات تريد تطبيقها بأى وسيلة سواء كان بالدم والخيانة والعمالة وبالتواطؤ مع أعداء شعوب العالم العربى.
واختتم حديثه قائلا: إن أعضاء الجماعة يقيمون فى بريطانيا ويقدمون خدمات للإنجليز منذ العام ١٩٢٨، ومؤخرا لم يتجرأ أحد فيهم ليفتح فمه بعدما اتجهت بريطانيا لتصنيف حركة حماس كـ«منظمة إرهابية» وهى أحد أذرعهم، لقد سكتوا وباعوا حماس من أجل رضاء بريطانيا عليهم.