تحل اليوم الأحد، ذكري ميلاد شاعر يساري وصحفي ساخر، لُقّب بـ "شاعر المرج" وهو الشاعر فؤاد جرداق ، الذي ولد في مثل هذا اليوم عام1912م، مؤسس جريدة الخازوق المحرضة علي مقاومة الاحتلال الفرنسي، ويعد رائداً من رواد الصحافة اللبنانية والسورية.
عاش جرداق حياة متنوعة من العمل والكفاح والسجن،في رأي "شفيق البقاعي" شعره كان نسيجًا من ذاته وفكره، وانعكاسًا لمرآة الواقع وعذابات الناس، كان ضمير زمنه، شاعرًا من طينة الأحرار، عايش تاريخ الجنوب والمحن التي مرت عليه، من ميزة الجرداق أيضا ليس إخلاصه لكل ما يصبو إليه من تحقيق الأماني الكبار لشعبه كان مرجل غضب عند إلقاء شعره، فيخيَل للسامع أن جحفلًا يمشي خلف صوته الجهير الأجش، كأن وقعه رعد يهدر، وبرق يزمجر من شرار قوافيه النارية الرنانة.
وصف جرداق في معجم البابطين انه تحرك شعره المناسبات فيأتي شعره صادق التعبير عنها وبخاصة في قصيدته "لولا الامومة"، "علم الارز" التي كانت نص روحاني مذهل يتجاوز حدود القصيدة الطبيعيةمنها:
كم مرّة سَتُقبّل يا ثغري جرحي وتداوي بِمِلحِكَ تلك الجراح
إلى متى ستبقى أناملي تعزف
على أوتار الألام أناشيد الأفراح
ومتى سيشكوني قلمي إلى الأوراق: نبضي يَسلَمُ لو نَبضِها استراح.
تَئِنُّ أوطاني وتَغزوني شجون بلدي وسُكّاني، تعتَصرُ قلبي هتافات للإصلاح
ليتكم ترمون الحِمل يا قادةً سُيّاح على أرض لم تعرفوا طهرها فما عَرَفَتكُم
لبنان، لبنان لك البقاء ولهم الزّوال استرجع شعبنا من أنيابهم المتشدّقة وأرحمنا من أعاصير القلوب والأحقاد
نتلوك صلاة نعبر معك أزمنة جرداء
لبنان
تَعِبتُ من عَزفِ الفَرَح من غَزلِ الأمَل من نَسجِ السّلام في القلوب
تَعِبتُ يا بلدي من الحُب
بات كحربة تواجه أحقاداً وأحقاد
كبيرهم يأكل الصغير وحاميهم حراميهم وراعيهم مشتت للقطيع
يا ألله
إرحمني من أعاصير الحروف تجتاحني، إرحمني من غضب يتآكلني، إرحمني من ظلم
فاعله مستتر والمفعول به جرحه تقتات منه الشّمس
إرحمني يا ألله، وإن لم تشأ
فاغضدني
وانصرني فالحق لا يُلَمّحُ به بل يُعلن باسمه
لا تجعلني أسكت على ظالمٍ
ولا على من يسرق أرضي وعرضي
ومصير فلذاتي
شعبك يا لبنان
مُحاصَرٌ بخيوط الهزيمة وهدر دم الشّهداء
شعبنا يا بلدي
تتآكله السّياط جلدَة تلوَ الجلدة والجلاّد لا يرتاح
وشعبك
يلثُمُ ثراكَ رجاءً كي لا تضيع انتصاراته من أجل البقاء
يا كهنة الأديار اقرعوا أجراس القلوب
وأيا آذان نادي لا إله إلاّ الله في السماء وعلى الأرض لبنان من بعده.
كانت جراة جرداق بلا حدود، كما وقف جرداق مع قضايا العمال وسجن في زمن الانتداب الفرنسي حين كتب قصيدته الشهيرة "وطن سراحين ذئاب تسوسه" وانتشرت تلك القصيدة في لبنان والعالم العربي، كما أصدر جرداق "المريخ" في بيروت بالتعاون مع فؤاد الشمالي، ومجلة "العجايب" في سجيع الاسمر.
رحل عن عالمنا الشاعر اللبناني "فؤاد جرداق" في 2سبتمبر 1965م، عن عمر يناهر 53 عام، ودفن في مسقط رأسه.