العذراء مريم.. حياة وأماكن ودروس من الناصرة حتى أفسس
أول لقاء فى الحشا بين المسيح والمعمدان وبيت لحم المواطنة والمزود
25 موقعا مصريا من سيناء وحتى أسيوط
العذراء مريم البتول قصة حياة مثقلة من تحمل مشكلة حملها من الروح أمام الناس إلى المها من عار صلب ابنها، قصة حياتها كانت مليئة بآلالام والتنقلات والأماكن.. حيث انتقلت من الناصرة لبيت لحم إلى مصر ثم القدس وقانا الجليل وإلى افسس أخيرا.
المكان الأول: الناصرة..أول لقاء فى الحشا بين المسيح والمعمدان
تعتبر زيارة العذراء إلى أليصابات فى الناصرة.. من المحطات المهمة فى أحداث الميلاد، وقد خصصت لها الكنيسة أسبوعًا خاصًا من أسابيع زمن الميلاد السبعة، وكذلك تقيم تذكارًا لذلك فى 2 يوليو من كل عام. ينفرد إنجيل لوقا بذكر الحادثة، يتابع إنجيل لوقا: قامت مريم وذهبت إلى الجبال قاصدة مدينة من مدن يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات، ولما سمعت أليصابات سلام مريم قفز الجنين فى بطنها. [لوقا 40/1] اكتسبت الآيات السابقة أهمية خاصة فى المسيحية وفى كتابات آباء الكنيسة فهى تشير إلى إكرام خاص للعذراء وتشير أيضًا اللقاء الأول بين يسوع ويوحنا المعمدان وكلاهما فى الحشا. وأقامت مريم عند أليصابات نحو ثلاث أشهر ثم رجعت إلى بيتها.[لوقا 55/1].
المكان الثاني: بيت لحم.. المواطنة والمزود
يقدم إنجيل لوقا الإطار العام لميلاد يسوع فقد أصدر أغسطس قيصر مرسومًا بإحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية،[لوقا 1/2] ولهذه المناسبة: ذهب الجميع ليتسجلوا كل واحدٍ إلى بلدته، وصعد يوسف أيضًا من مدينة الناصرة بمنطقة الجليل إلى مدينة داود المدعوة بيت لحم بمنطقة اليهودية، لأنه كان من بيت داود وعشيرته، ليتسجل هناك مع مريم المخطوبة له وهى حبلى.[لوقا 3/2] ويذكر إنجيل لوقا كيف ولدت يسوع ولفته بقماط وأنامته فى مذود،[لوقا 7/2]
الماجوس والذهب والبخور والمر
الحدث الآخر اللاحق للميلاد والذى تظهر فى العذراء هو زيارة المجوس الثلاثة، يعتقد المسيحيون أن زيارة المجوس قد تمت وقد تجاوز عمر يسوع العام أو العامين، وليس مباشرًا بعد الميلاد، (انظر إنجيل متى 16/2 ) وتقديم هداياهم، الذهب والبخور والمر هى من الأشياء التى اشتهرت بها بلاد العرب، ودخلوا البيت فوجدوا الصبى مع أمه مريم، فجثوا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبًا وبخورًا ومرًا ( متى 11.2)
المكان الثالث: الهيكل بالقدس والختان
يبدو بحسب الأناجيل أن إقامة مريم ويوسف قد طالت فى بيت لحم، فختن الصبى وسمى يسوع فى يومه الثامن،[لوقا 21/2] وبعد أربعين يومًا صعدا به إلى أورشليم ليقدماه فى الهيكل وفق الشريعة اليهودية، وترتبط التقدمة بأم المولود عمومًا، إذ تتم التقدمة بعد أربعين يومًا لأنها مدة تطهير المرأة التى وضعت مولودًا ذكرًا حسب الشريعة اليهودية، أما لو وضعت المرأة أنثى تطول مدة التطهير ثمانين يومًا، وخلال التقدمة كانت فى الهيكل سمعان البار، والنبية حنّة بنت فنوئيل،[لوقا 36/2] الذين أخذا حسب إنجيل لوقا بالتهليل والتسبيح لأنها أبصرا يسوع، [لوقا 26/2] وقدّم سمعان البار نبؤة: ثم باركهما وقال لمريم أم الطفل: ها إن هذا الطفل قد جعل سقوط كثيرين وقيام كثيرين فى إسرائيل، وحتى أنت سيخترق سيف الحزن نفسك لكى تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة.[لوقا 35/2]
المكان الرابع: مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الحنوب
بعيد رحيل المجوس أوحى ليوسف عن طريق ملاك فى الحلم: قم واهرب بالصبى وأمه إلى مصر وابق فيها إلى أن آمرك بالرجوع فإن هيرودس سيبحث عن الصبى ليقتله. فقام يوسف فى تلك الليلة وهرب بالصبى وأمه منطلقًا إلى مصر.[متى 13/2] يشرح إنجيل متى بشكل مفصل عن الأسباب التى دفعت هيرودس الكبير لقتل يسوع ويذكر أنه أمر بأن يقتل جميع أطفال بيت لحم وجوارها من ابن سنتين فما دون لمحاولة القضاء عليه، [متى 16/2]، رغم أن الحادثة حدثت فى طفولته المبكرة إلا أنها أثرت علية جليا فى محبتة للأطفال وكيف كان يقول لتلاميذة عندما كانوا يحاولون منع الأطفال من الذهاب إليه (دعوا الأطفال يأ تون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات لوقا 18: 16)
أماكن مصرية: 25 موقعا مصريا من سيناء وحتى أسيوط
التقليد القبطى يذكر أن مدة الإقامة فى مصر دامت ستة أشهر وأن العائلة قد استقرت فى أسيوط، ويضيف التقليد القبطى خمسة وعشرين موقعًا أغلبها تحوّل إلى كنائس وأديرة شهدت فعاليات العائلة على طريق الذهاب إلى مصر ومن ثم العودة إلى فلسطين
حيرة الأم العذراء بعد الاختفاء فى صباه بالهيكل
ما يذكر فى إنجيل لوقا من ضياع يسوع فى الهيكل خلال احتفالات عيد الفصح وله من العمر اثنى عشر عامًا،[لوقا 44/2] وبعد أن بحثت مريم ويوسف النجار عليه وجدته بعد ثلاث أيام فى الهيكل: جالسًا وسط المعلمين يستمع إليهم ويطرح عليهم الأسئلة. فقالت له مريم: يا بنى لماذا عملت هكذا؟ فقد كنا أبوك وأنا نبحث عنك متضايقين.[لوقا 48/2]
يتناقص ذكر العذراء فى الأنجيل خلال حياة يسوع العلنية، فالأناجيل الأربعة تركز على شخص يسوع وأعماله وتعاليمه دون سائر الشخصيات على اختلاف أهميتها؛ سوى ذلك فإن العذراء لم تكن من الذين تبعوا يسوع فى جولاته وتبشيره فلا يذكرها إنجيل لوقا 8/ 1-3 فى إطار ذكره للنساء اللواتى تبعنّ يسوع، ويتضح ذلك بشكل جلى فى إنجيل متى 13/ 55-56 حيث يذكر أنها قد ظلت مقيمة فى الناصرة،
المكان الخامس:عرس قانا الجليل
ويروى إنجيل يوحنا أن المسيح كان يزورها بين الفنية والأخرى ويقيم عندها عددًا من الأيام، غير أن الحدث الأبرز الذى تظهر به فى حياة يسوع العلنية هو فى عرس قانا الجليل: فلما نفذت الخمر، قالت أم يسوع له: لم يبق عندهم خمر! فأجابها: ما شأنك بى يا امرأة؟ ساعتى لم تأت بعد؛ فقالت أمه للخدم: افعلوا كل ما يأمركم به. [يوحنا 2/2] حسب إنجيل يوحنا فإن يسوع استجابة لطلب أمه فقد أمر أن تملأ الأجران الستة المعدة للتطهير عند اليهود ماءً ثم أمر أن يقدم منها إلى كبير المدعوين، وإذ الماء قد تحول إلى خمر، فاستدعى كبير المدعوين العريس وقال له: الناس جميعًا يقدمون الخمر الجيدة أولًا، وبعد أن يسكر الضيوف يقدمون لهم ما كان دونها جودة، أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة حتى الآن. [يوحنا 10/2] ويصف إنجيل يوحنا هذه المعجزة التى تمت بناءً على طلب مريم: بالآية الأولى التى أجراها يسوع فى قانا الجليل. [يوحنا 11/2]
المكان السادس: الصليب والجلجثة
الحدث الثانى الذى تظهر فيه العذراء حسب الأناجيل هو عند صليب يسوع، وقد انفرد إنجيل يوحنا بذكرها، وعمومًا فإن المسيحية تذكر أربع نساء هنّ: مريم العذراء وسالومة ومريم المجدلية ومريم امرأة قلوبا بأنهنّ النساء اللواتى وفقنّ عند صليب يسوع: فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذى كان يسوع يحبه واقفًا بالقرب منها، قال لأمه: أيتها المرأة هذا هو ابنك، ثم قال للتلميذ: هذه أمك؛ ومنذ ذلك الحين أخذها التلميذ إلى بيته. ( يوحنا 26/19) يذكر أن العذراء عاشت فى الناصرة بعد العودة إلى مصر.
المكان السابع: أفسس
تذكر مريم فى سفر أعمال الرسل 1/ 12-14 مع الحاضرين فى أورشليم من التلاميذ الاثنى عشر بعيد صعود يسوع إلى السماء وفق الكتاب المقدس وهى الوحيدة التى ذكرت باسمها؛ ويذكر السفر: أنهم كانوا جميعًا يداومون على الصلاة بقلب واحد. [أعمال 14/1] كذلك فقد كانت مريم حاضرة عند اختيار خلف يهوذا الإسخريوطي،وعند حلول الروح القدس، ويعتبر هذا الحدث هامًا إذ إنه وفق المعتقدات المسيحية فهو يمثل ميلاد الكنيسة، وبداية عصر الرسل.
التقليد الكنسى يذكر أن مريم قد انضمت فعلًا إلى بيت يوحنا بن زبدى كما كان يسوع أوصى وهو على الصليب، ويذكر أيضًا أنها سكنت فى بيته فى أورشليم أحد عشر عامًا، ثم انتقلت وإياه إلى أفسس فى آسيا الصغرى، حيث قضت هناك سائر سنواتها، ولا يزال بيت العذراء فى أفسس المكان التقليدى الذى عاشت فيه مريم عند انتقالها من فلسطين.
العودة إلى القدس والصعود
عادت مريم إلى أورشليم فى سنيها الأخيرة، ومن غير المعروف كيف توفيت أو طريقة وفاتها، هناك بضعة ميامير (قصائد شعبية) تذكر أنها مرضت ومن ثم توفيت، وتجمع الطوائف المسيحية التى تبجل العذراء أنها قد انتقلت من جبل الزيتون بحضور من تبقى حيًا من التلاميذ الاثنى عشر إلى السماء مباشرة؛ يأتى هذا الاعتقاد استنادًا إلى عدد من نبؤات العهد القديم، وتختلف الطوائف بتفاصيل الاعتقاد به؛ وبحسب التقليد المسيحى أيضًا فإن الانتقال قد تمّ بعد 13 إلى 15 عامًا من قيامة يسوع وبالتالى يكون قد تمّ بنحو عام 43، ويسع القول أنها كانت بحدود الستين من عمرها آنذاك.