ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت، أن الولايات المتحدة بحاجة لأن تصبح قوة ديمقراطية لا يُستهان بها، لا سيما بعدما أثار تعامل الرئيس جو بايدن مع ملفي روسيا والصين مخاوف وقلق من جانب بعض الحلفاء.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها لعدد اليوم بإعادة الأذهان إلى تعهد بايدن فور توليه منصبه بأن يثبت للعالم مدى نجاح الأنظمة الديمقراطية بشكل يفوق الأنظمة غير الديمقراطية، ولكن بعد ما يقرب من عام، اشتدت تحديات الديمقراطية. وحذرت واشنطن من أن الصين كانت على ما يبدو تتمرن على عمليات عسكرية ضد تايوان، وفي الأسبوع الماضي، أجرى بايدن مكالمة فيديو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد أن نشرت روسيا عشرات الآلاف من القوات بالقرب من حدود أوكرانيا. ومع ذلك، فإن طريقة تعامل بايدن مع منافسيه التاريخيين كانت سيئة التصور بشكل كبير وبدت أقل ثقة مما كان يأمل العديد من الحلفاء عندما تم انتخابه.
وأضافت: أن بايدن تعامل مع اجتماع بوتين بشكل جيد؛ فيما ساعد تبادل المعلومات الاستخبارية غير المعتاد مع أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي على حشد الدعم للتدابير الرادعة ضد الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، كما أن التهديد بفرض عقوبات، مثل منع تحويل الروبل إلى دولارات وتقييد تداول الديون السيادية الروسية في الأسواق الثانوية، ينبغي أن يجبر الكرملين على التهدئة، فيما أشار العديد من الحلفاء الغربيين إلى أن خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي تم بناؤه حديثًا تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا يمكن أن يتم حظره إذا غزت روسيا، على الرغم من أنه كان يجب إيقاف هذا المشروع الجيوسياسي الصريح قبل وقت طويل من الآن.
وتابعت الصحيفة أن بايدن كانت لديه بعض المبررات لخفض التصعيد من خلال عرض محادثات تتعلق بمخاوف موسكو بشأن توسع الناتو المحتمل في أوكرانيا، ولكن حتى الأن لم يتضح ما إذا كان بايدن جعل انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية شرطا مسبقا. كما أن العديد من المحللين أكدوا أنه من خلال دعوة روسيا للحوار مع أمريكا وأربعة حلفاء في الناتو، فإن ذلك لعب دورا في محاولات بوتين للعودة إلى مساومة القوى العظمى، وكان على بايدن طمأنة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتسعة من أعضاء الناتو من أوروبا الشرقية بأنه لم يقدم تنازلات للضغط الروسي وأن أوكرانيا ستكون "على طاولة المفاوضات" في أي محادثات تكون على جدول الأعمال.
إضافة إلى ذلك، أبرزت "فاينانشيال تايمز" أن التباين في نهج بايدن إزاء ملفي روسيا والصين لم يثر مخاوف الحلفاء فحسب، بل إنه أثار انتقادات من جانب المنافسين أيضا، حيث كتب المبعوثان الروسي والصيني إلى الولايات المتحدة مقالًا مشتركًا غير عادي يتهم فيه إدارة بايدن بإذكاء "المواجهة الأيديولوجية" على غرار الحرب الباردة.
وأخيرا، قالت الصحيفة البريطانية، في ختام افتتاحيتها، انه بالنسبة لأمريكا، فإن العزم والثقة بالنفس والوضوح بشأن خطوطها الحمراء والاستعداد للدفاع عنها كلها عوامل أساسية لتعزيز الديمقراطية، مشيرة إلى تقييمات مؤسسة "فريدوم هاوس" للديمقراطية، حول التراجع الأخيرة في الديمقراطيات العالمية، والتي حذرت فيها بضرورة أن تعيد الدول الكبرى "ترتيب منازلها"، المسألة التي أكدت الصحيفة بأنها تخص الجمهوريين أيضًا، لا سيما أن بايدن يفتقر إلى الأصوات اللازمة لسن تدابير لحماية الديمقراطية الأمريكية.