من عشرات السنين والخيار العسكري الأمريكي ضد إيران، مطروح بقوة، ولكن ما يلبث إلا أن يصبح كموجة الصقيع تذهب مع شمس اليوم التالي، فقد لوحت واشنطن وتل أبيب باللجوء إلى الخيار العسكري ضد طهران عند فشل المسار الدبلوماسي، لكن إيران حذرت إسرائيل من "أي خطأ في الحسابات أو مغامرة محتملة ضد إيران".
استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران في فيينا، يوم ٢٩ نوفمبر الماضي، حول الاتفاق النووي الإيراني بين إيران ومجموعة من القوى العالمية الكبرى، والتي قد بدأت في أبريل الماضي، قبل أن تتوقف في يونيو، بعد انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، غير أن المفاوضات توقفت مجددا الجمعة ٣ ديسمبر، وعادت الوفود إلى عواصمها لدراسة المقترحات الإيرانية وسط حديث عن استئنافها الخميس ٩ ديسمبر.
وبعد أسبوع من المفاوضات، اتهم الأمريكيون والأوروبيون على حد سواء الإيرانيين بالتراجع عن نقاط الاتفاق التي تم التوصل إليها من قبل.
وأعرب الأوروبيون عن "خيبة أملهم وقلقهم" إزاء المطالب الإيرانية، وقال دبلوماسيون كبار من فرنسا وألمانيا وبريطانيا إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين أبريل ويونيو، منددين بـ"الخطوة إلى الوراء". وحذرت واشنطن من أنها لن تسمح لطهران بعرقلة المفاوضات لفترة أطول بينما تواصل تطوير برنامجها النووي. وأبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن رغبة في العودة إلى الاتفاق بشرط أن تجدد طهران أيضًا التزاماتها، لكن المفاوضات تتعثر لاسيما بشأن طبيعة ومدى العقوبات التي سترفعها واشنطن وضمانات تطالب بها إيران.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسرائيلي يائير لبيد في واشنطن إن الولايات المتحدة تعتبر أن "الحل الدبلوماسي هو السبيل الأفضل" لمنع طهران من حيازة السلاح النووي، لكنّه أشار بحزم أكبر من السابق إلى قرب نفاد صبره في ظل التعليق المستمر منذ يونيو للمفاوضات الرامية إلى إنقاذ الاتفاق الدولي المبرم في العام ٢٠١٥ بين إيران والدول الكبرى.
خطة بديلة
هيمن الملف النووي الإيراني على الزيارة التي يجريها كل من وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني جانتس، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، ديفيد بارنيع، إلى العاصمة الأمريكية، واشنطن.
وتشمل الزيارة لقاءات مع وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، لويد أوستين وأنتوني بلينكن، وتتناول أحدث المعلومات الاستخبارية حول منشآت طهران وكذلك الخطة "ب" حال فشل مفاوضات فيينا.
وتأتي زيارتي جانتس وبارنيع، بعد سلسلة من الدعوات الإسرائيلية للإدارة الأمريكية بالانسحاب من المفاوضات مع إيران وفرض عقوبات أشد صرامة عليها والتلويح بالعمل العسكري ضدها.
وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن جانتس وبارنيع يأملان في إقناع الولايات المتحدة بتجنب العودة إلى اتفاق عام ٢٠١٥، ورفض اتفاق مؤقت جزئي، وعوضا عن ذلك يسعى الرجلان إلى أن تفرض واشنطن عقوبات أكثر صرامة وتلوح بخيار عسكري، فضلا عن دعم الجهود الإسرائيلية لإحباط طموحات طهران النووية.
وكانت وكالة "رويترز" نقلت في وقت سابق عن مسئول أمريكي وصفته بـ"البارز" ولم تكشف اسمه، قوله إن هناك مناقشات متوقعة تجمع قادة عسكريين أمريكيين وإسرائيليين بشأن إجراء مناورات عسكرية، تحضيرا لضرب المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل الحلول الدبلوماسية، واصفا ذلك بأنه "أسوأ سيناريو".
وقال المسئول: "نحن في هذا المأزق لأن برنامج إيران النووي يتقدم إلى نقطة يتجاوزها أي منطق".
وبحسب الوكالة، فقد أطلع قادة "البنتاجون" مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قبل أكثر من شهر على كل الخيارات العسكرية المطروحة، لضمان منع إيران من إنتاج أسلحة نووية.
وقالت "رويترز" إنه من المتوقع إجراء هذه المناقشات تحضيرا للحل الأخير، وهو ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال فشل المفاوضات، وفي حال طلبت القيادة السياسية في الدولتين ذلك. ورفض المسئول الأمريكي الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن التمارين المحتملة، لكنه قال: "نحن في مأزق لأن البرنامج النووي يتقدم بسرعة".
وفي ٢٥ أكتوبر الماضي، قدم قادة البنتاجون إحاطة لمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، حول مجموعة من الخيارات العسكرية المتاحة لضمان عدم تمكن إيران من إنتاج سلاح نووي.
وأعرب المسئولون الأمريكيون والأوروبيون، عن استيائهم بعد محادثات الأسبوع الماضي بشأن مطالب الحكومة الإيرانية، مما زاد الشكوك في الغرب من أن إيران تريد كسب الوقت لتحقيق تقدم في برنامجها النووي. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي إن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى ٢٠٪.
إيران تحذر من أي مغامرة محتملة
من جانبه، حذر سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي،إسرائيل من "أي خطأ في الحسابات أو مغامرة محتملة ضد إيران". جاء ذلك في رسالة وجهها تخت روانجي إلى الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي ردًا على التهديدات الإسرائيلية لإيران.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عنه القول في الرسالة:"خلال الأشهر الأخيرة ازداد عدد وشدة تهديدات الكيان الإسرائيلي الاستفزازية والمغامِرة باستمرار". وتابع بالقول إن التهديدات الإسرائيلية تثبت بلا شك أن إسرائيل هي المسئولة عن "الهجمات الإرهابية على برنامجنا النووي السلمي في الماضي".