الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصريون عرفتهم فى باريس «١٩».. كامل زهيرى.. آيس كريم فى باريس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عالم الصحافة مزدحم بالصحفيين الشطار العاديين أصحاب مواهب معقولة ونستطيع القول إن الصحافة بالنسبة لهم هى سبوبة. وهناك قلة من الصحفيين الموسوعيين النابغين كل فى كل فروع المعرفة والمنفتحين على ثقافات العالم ومن هؤلاء الصحفيين الموسوعيين الكاتب الراحل الكبير كامل زهيري.

كان كامل زهيرى نقيبا للصحفيين فى عصر جمال عبدالناصر وكان رئيسا للتحرير عدة مرات لصحف مختلفة أى أنه كأنه نجم من نجوم اليسار المصرى ومن نجوم الصحافة والكتابة تولد الستينيات والسبعينيات كما صدرت له عدة كتب أشهرها «النيل فى خطر» الذى أهدانى إياه فى باريس فى أول لقاء بيننا أثناء الإعداد لـ«عام مصر فرنسا آفاق مشتركة» الذى عرضت له من قبل فى مقالات سابقة وكان المقصود منه الاحتفال بمرور ٢٠٠ عام على الحملة الفرنسية على مصر، والذى تحول فيما بعد إلى الاحتفال بمرور قرنين من العلاقات المصرية الفرنسية.

وكان كامل زهيرى يترأس الجانب المصرى فى اللجنة المشتركة المكلفة بالإعداد لهذه الاحتفاليات وكان يرأس الجانب الفرنسى فيها السفير الراحل بيير هانت. وكانت صداقتى للرجلين قد أسهمت كثير فى حل المشكلات التى يمكن تصورها فى مثل هذا النوع من الأنشطة الثقافية المشتركة بين الدول. وكان لثقافة كامل زهيرى الموسوعية وعشقه للثقافة والفنون والآداب الفرنسية دور كبير فى إخراج هذه الأنشطة بشكل مشرف.

وكنا نسير معا فى حوارى الحى اللاتينى القديمة ونحكى كثيرًا فى تاريخ هذه العلاقات ومفرداتها وأسرارها وشكل هذا بداية صداقة كبيرة بينى وبين الرجل إلى حد أنه عندما كلف بإنشاء مكتبة القاهرة الكبرى بحى الزمالك كنت أنا وسيطه ومراسله لدى المسئولين الفرنسيين فى باريس ولنا مراسلات كثيرة فى هذا المشروع الكبير.

كان كامل زهيرى يعشق باريس ويعشق جو الحرية فيها إلى حد أنه كان يتعمد شراء الأيس كريم وتناوله سيرًا على الأقدام فى شوارع باريس لمجرد الشعور اللذيذ ليس بطعم الآيس كريم بل مطعم الحرية الباريسية.

وقد دفعنى الراحل الكبير دفعا إلى نشر ملحق رسالتى للدكتوراه بالسوربون وكانت ترجمه باللغة العربية لى لمخطوط الفيلسوف الألمانى لايبنيتز «المشروع المصرى- Consilium Aegyptiacum»

وكان أن اصطحبنى إلى مكتب الراحل الكبير الآخر مصطفى نبيل وكان رئيسا لتحرير سلسلة كتاب الهلال ووقعت عقد نشر هذا المخطوط السربونى فى السلسلة وصدرت بالفعل عام ١٩٩٤ بمقدمة ضافية لكامل زهيرى وكان ذلك أول إصدار لى باللغة العربية فى مصر.

كان كامل زهيرى يعشق القراءة باللغة الفرنسية ويتحدث بها بطلاقة وترك العمل عشق الفرنسية وأدبها فى أبنائه، وخاصة ابنه الصحفى النابه عمر كامل زهيري، وإذا كنت قد ذكرت أن الرجل كان بارعًا فى الجمع بين الصحافة والثقافة الشاملة وحب المعرفة، مثله مثل محمد حسنين هيكل ومحمد سلماوى، فذلك أن ذلك يعطى لهم بعدًا إنسانيًا وحضاريًا يترك أثرًا كبيرًا فى شعوبهم.

كان كامل زهيرى صديقًا عزيزًا لا يمكن أن تنساه بعد لقائك به ولا يمكن أن تنساه بعد قراءته.