في اليوم العالمي لمكافحته| مصر تواجه “الفساد” بالرقمنة والشمول المالي.. القومي لحقوق الإنسان: منع الفساد مسئولية مجتمعية تطلب مشاركة جميع قطاعات المجتمع.. والمركز المصري للشفافية: الدولة تقلل تعامل المواطنين مع الموظفين لسد ثغرات الفساد المالي
تطور كبير في منظومة مكافحة ومنع الفساد، في مصر، بعدما كان يصرخ أحد أركان نظام حسنى مبارك، قائلا: "الفساد للركب"، مرورا بفساد نظام جماعة الإخوان الإرهابية، فكل هذه الصرخات والمحاولات كانت حبرا على ورق، إلا أن من بعد العام 2014 تغيرت كل الأمور، حتى وصل الأمر إلى القبض على وزراء وهم في مناصبهم بتهم متعلقة بالفساد.
فدولة يونيو 2013، جاءت لبناء جمهورية جديدة قائمة على الشفافية والنزاهة.
ويحيي العالم في التاسع من ديسمبر من كل عام، اليوم العالمى لمكافحة الفساد، من أجل تسليط الضوء على حقوق الجميع، وإلزامهم بمسئولياتهم في مكافحة ومنع الفساد.
وضعت مصر استراتيجية موحدة لمكافحة الفساد، وفق دستور 2014، الذى تضمنت مادته 218 التزام الدولة بمكافحة الفساد وقيام الهيئات والأجهزة المعنية وبإرادة سياسية صادقة ودعم دائم لجهود مكافحة الفساد تم إطلاق الاستراتيجية الأولى 2014/ 2018 والتى تهدف مصر من خلالها إلى تحقيق التنمية المستدامة عبر إطلاق رؤية مصر 2030، عبر رفع معدلات النمو الاقتصادى، والقضاء على الفساد، من أجل زيادة تدفق الاستثمارات ونجاح منظومة الإصلاح الاقتصادي.
وأطلقت المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية 2019 / 2022، والتى عالجت التحديات في متابعة تنفيذ المرحلة الأولى، وكان أبرزها صعوبة قياس التقدم الذى يتم إحرازه في التنفيذ ومعرفة قياس ما تم إنجازه من الخطة مقارنة بمستهدفاتها حيث تم وضع نسب مئوية لكل هدف وإجراء بالاستراتيجية لتكون قابلة للقياس الكمى وبنسبة مئوية مقارنة بالمستهدف، حيث تمكنت حتى نهاية العام الثانى من المرحلة الثانية بالاستراتيجية من تنفيذ 60.95% من إجمالى الاستراتيجية.
وأظهر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية، تحسن ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، بنحو 12 مركزا، لتحتل الترتيب الـ 105 بين 180 دولة مقابل الترتيب الـ 117 في عام 2017.
حصلت مصر على 35 درجة هذا العام في تصنيف المؤشر التي يتم بناءً عليه ترتيب الدول، وذلك مقابل 32 درجة في تصنيف العام الماضي بتحسن 3 درجات.
كلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذي يقيس مستويات النزاهة سنويا في مختلف دول العالم، من صفر كلما دل ذلك على أن هذه الدولة أكثر فسادًا، وكلما اقتربت من 100 كلما عكس ذلك زيادة نزاهتها.
وقالت المنظمة في تقريرها، إن هيئة الرقابة الإدارية في مصر تشكل الجهة الأساسية المكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد، وتعمل على إرجاع بعض أملاك الدولة المسروقة، واعتماد استراتيجية الفساد لأربع سنوات، وتعمل حاليًا على مكافحة الفساد الإداري والمالي، فخلال العام الماضي استطاعت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط عشرات من قضايا الفساد لمسئولين وموظفين حكوميين.
وثمن المجلس القومي لحقوق الإنسان ماقامت به الدولة المصرية برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي بتبنيها عددا من الإجراءات والتدابير التنظيمية الفاعلة والتى تُسهم في منع ومكافحة الفساد، وتُعزز من قيم النزاهة والشفافية، بداية من الدستور، والذى نص على التزام الدولة بمكافحة الفساد، وقيام رئيس الجمهورية بإطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى في مجال مكافحة الفساد 2014 – 2018، كما أطلقتَ المرحلة الثانية 2019 - 2022، وذلك بهدف الوصول إلى "مجتمع يدرك مخاطر الفساد ويرفضه ويُعلى قيم النزاهة".
وأشاد المجلس القومى لحقوق الإنسان في بيان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، كذلك بتطوير التشريعات لدعم الجهات المعنية بمنع ومكافحة الفساد وتعديل قانون هيئة الرقابة الإدارية، وإصدار قانون الخدمة المدنية، والذى احتوى مواد تؤصل للنزاهة والعدالة والشفافية، بالإضافة إلى تعديل وإصدار العديد من القوانين الأخرى. وإنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد لتتولى مسئولية التدريب في هذا المجال.
وأشار إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التى انضمت إلى اتفاقية مكافحة الفساد إيمانًا منها أن الفساد لم يعد شأنًا محليًا بل هو ظاهرة عالمية يؤدى إلى عدم استقرار المجتمعات ويعرض التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان لمخاطر متعددة.
وأكد المجلس القومى لحقوق الإنسان، دعمه كل الجهود التي تقوم بها مؤسسات الدولة الرامية لاجتثاث الفساد من جذوره لتهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ برامج التنمية الشاملة في كل المجالات مما سينعكس أثرهُ على الارتقاء بالحياة المعيشية للمواطنين، وصون حقوق الإنسان.
وشدد المجلس على أن منع ومكافحة الفساد مسئولية مجتمعية تطلب مشاركة كل قطاعات المجتمع لما لذلك من فائدة تعود على جميع الفئات والقطاعات وأفراد المجتمع ويمنع انتهاكات حقوق الإنسان.
من جانبه، قال عاصم عبدالمعطى، مدير المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، إن الفساد المنتشر في كل دول العالم، هو أقدر من مكافحة الدول، لأنه يستطيع أن يتعامل تكتيكيا أو تقنيا بأسرع من إمكانيات الدول، وبالتالى الدول لابد أن تكون على قدر من المسئولية والعلم الذى يمكنها من مكافحة ومنع الفساد عبر التطور التقنى الذى يمكنها من الحد ومنع الفساد.
وأشار في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، إلى أن الدولة المصرية اتخذت عدة خطوات تقنية للحد من الفساد منها تطبيق الشمول المالى ورقمنة الخدمات، حتى تقلل من تعامل المواطنين مع موظفين، وبالتالى تسد ثغرات الفساد المالى، لافتا إلى أن هذا جاء بالتوازى مع تعديلات تشريعية في بعض القوانين القديمة التى كانت تؤدى إلى نجاة الفاسد من العقاب.
وأشار إلى أن الدولة تعمل على تقليل فترة التقاضى لمواجهة الفساد، وكذلك سن بعض القوانين الخاصة بالهيئات الرقابية، لحماية الشهود والمبلغين، وتسهيل إجراءات الإبلاغ عن الفساد، مع وضع عقوبات للبلاغات الكيدية.