ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم /الخميس/ أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قدم يوم أمس عرضًا، وصفه محللون بأنه تنازلا دبلوماسيًا، لروسيا من خلال الدعوة إلى عقد اجتماعات بين حلفاء الناتو وأمريكا وروسيا لمناقشة مخاوف الأخيرة من الاتفاقية الأمنية عبر الأطلسي، وهو ما أثار دهشة حلفاء واشنطن؛ وكذلك مخاوفهم من أن هذه الدعوة قد تُشجع موسكو على المضى قدما في خطط محتملة لغزو أوكرانيا.
وقالت الصحيفة (في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي) إن بايدن، أعرب بعد يوم واحد من حديثة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين افتراضيا، عن أمله في الإعلان عن محادثات رفيعة المستوى "لمناقشة جدية مخاوف روسيا المتعلقة بحلف شمال الأطلسي"، وأضاف بايدن أن المحادثات ستستكشف "ما إذا كان بإمكاننا العمل على أي تسوية أم لا فيما يتعلق بخفض التصعيد على طول الجبهة الشرقية".
كذلك، أعرب بايدن عن أمله في ألا يقتصر المشاركون على واشنطن وموسكو فحسب، بل أن يشمل أيضًا "أربعة على الأقل من حلفائنا الرئيسيين في الناتو"، على الرغم من أنه رفض تسمية الدول المحددة. فيما تريد موسكو أن يلتزم الناتو بوقف أي توسع شرقي والامتناع عن نشر القوات والمعدات التي يمكن استخدامها لمهاجمة روسيا من الدول المجاورة، حسب مزاعمها.
مع ذلك، أكدت الصحيفة البريطانية أن حديث بايدن عن رغبته في إيجاد "تسوية" محتملة مع موسكو في أوروبا الشرقية أثارت دهشة العديد من أعضاء الناتو الشرقيين وحلفاء الولايات المتحدة، الذين يخشون من أن يستخدم بوتين التهديد باستخدام القوة العسكرية للفوز بتنازلات بشأن الوجود الأمني الأمريكي في أوروبا، لاسيما بعدما كرر بوتين يوم أمس مخاوفه من انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وقال إن من شأن ذلك أن "يتسبب بلا شك في نشر الوحدات العسكرية والقواعد والأسلحة التي تهددنا". وأضاف:" نحن نعمل على افتراض أن مخاوفنا ستسمع على الأقل هذه المرة".
وتابعت الصحيفة تقول: انه على الرغم من أن بوتين طالب بشكل دوري بإجراء محادثات مماثلة لأكثر من عقد من الزمان، إلا أن "الخطوط الحمراء" لموسكو برزت إلى الواجهة في الشهر الماضي بعد أن حذرت الولايات المتحدة الحلفاء من أن روسيا تحشد ما يصل إلى 175 ألف جندي على حدودها استعدادًا لغزو محتمل لأوكرانيا مطلع العام المقبل.
وردا على ذلك، قال بوتين إن الحديث عن غزو وشيك يعد أمرا "استفزازيا" لكنه لم يستبعد صراحة أي نشاط عسكري، قائلا إن لروسيا "الحق في ضمان أمنها على المديين المتوسط والطويل".
في الوقت نفسه، قال مسؤول كبير من دولة في شرق الناتو للفاينانشيال تايمز إنه "لا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف السماح للنقاش حول الضمانات في سياق الأمن الأوروبي". وأضاف: أن أي حديث عن تسوية مع موسكو "يجب قطعه على الفور من جذوره"، مشيرا إلى أن هذا الرأي تتقاسمه عشراء الدول من أعضاء الاتحاد الأوروبي.
وقال بوتين إن روسيا سترسل مسودة اتفاقية أمنية "في الأيام القليلة المقبلة" إلى الولايات المتحدة بعد الموافقة على إجراء مناقشات "جوهرية" مع بايدن، وأضاف أنه اتفق مع بايدن على "تشكيل هيكل يتم التعامل معه بطريقة مفصلة وشاملة".
وأخيرا، أوضحت الصحيفة البريطانية أنه "على الرغم من أن مسؤولًا كبيرًا في إدارة بايدن رفض في وقت سابق من الأسبوع الحديث عن الخطوط الحمراء باعتباره غير مفيد، إلا أن البيت الأبيض أبدى حرصًا على اتباع طريق دبلوماسي لثني بوتين عن غزو أوكرانيا. كما استبعد بايدن استخدام القوة من جانب واحد لمواجهة روسيا، وركز بدلًا من ذلك على توضيح ما قال إنه سيكون "عواقب وخيمة" إذا قام بوتين بتصعيد الصراع في أوكرانيا.