هل ستظل معضلة التعليم أبدية في مصر؟ سؤال يلح علينا كأولياء أمور نعاني حاليا مما يسمى تطوير مناهج المرحلة الابتدائية، وحيث أن ابنتي في الصف الرابع الابتدائي، قلت لن أحكم على التجربة قبل دراسة مناهج الترم الأول من العام، أولا: المناهج أطول من مدة الفصل الدراسي الأول وتحتاج جهدا كبيرا من المعلمين لتوصيل المعلومات للطلاب، إذ أن بعض المصطلحات والمعلومات تحتاج جهدا لتوضيحها لطلاب تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 11 عاما!!!
ثم وجدنا اختبارا مجمعا لشهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، مع ضغط إنهاء المناهج قبل نصف العام، وإذا بنا نجد توترا يلف الطلاب والمعلمين معا ناقشناه في اجتماع أولياء الأمور، الميزة الإيجابية ربما التي حصدناها هي تعاطف المعلمين وحرصهم بكل ما استطاعوا على نفسية الطلاب والطالبات الذين يعانون ضغطا نفسيا رهيبا لا أعلم من المستفيد منه!!.
ثانيا: تبددت فرحتنا بمادة المهارات المهنية التي ظننت أنها قد تعيد أمجاد التعليم في زمن مضى حيث كانت المدارس تعلم الطلاب أساسيات الزراعة والصناعة والنجارة وكانت المدارس أيا كان مستواها والطبقة التي تختص بتعليمها، تعلم الطلاب البستنة وصناعة الآثاث وإصلاحه، وكانت هناك معامل علوم تضاهي كليات العلوم في أرقى جامعات العالم.. كما كنت أتمنى أن يتم تدريس مادة "نظم المعلومات" بشكل عملي أن يتعرف الطلاب على خصائص أجهزة الحسابات الآلية ونعدهم ونؤهلهم لدراسة البرمجيات فيما بعد.. لكن وجدت أن المنهج مصمما للحفظ وتفريغ المعلومات في الامتحان!!
كنت أتمنى من السيد وزير التعليم د. طارق شوقي أن أرى حرصا على تعليم هذه المواد الضرورية للغاية واحتساب الدرجات على صناعة منتجات أو زراعة نباتات أو تصميم معدات كهربائية بدائية مثلا، أن يتضمن منهج العلوم تجارب معملية تعلمهم أهمية العلم في الحياة وتفتح أفاقهم دون أن نظل في دائرة الدراسة النظرية البحتة التي تحجر العقول. ناهيك عن المصطلحات العلمية المعقدة التي تتطلب أن يكون أولياء الأمور على قدر وافر من التعليم وعلى دراية بالمناهج العلمية والأدبية لمتابعة أبنائهم.
صحيح أن قناة "مدرستنا" التعليمية تقدم دعما جيدا للطلاب باللغتين العربية والانجليزية، لكن المناهج مكدسة ولا تترك للطالب وقتا لممارسة الرياضة ولا القراءة ولا أي نشاط جانبي سوى أنه كطفل يجب أن يصارع ويحارب حتى يجد وقتا لاستذكار دروسه بعد رحلة عودة صعبة من المدرسة بسبب الزحام اللامتناهي.
أتمنى أن نجد حلا لمعضلة التعليم الأبدية التي يبدو أنه لا حل لها!! ربما كانت الحجة الرئيسية أمام تطوير التعليم وجود الاحتلال في العالم العربي ورغبته في تدمير عقول أبناء الأمة وأبناء مصر كما حدث في زمن الاحتلال البريطاني والفرنسي في عدد من الدول العربية أيضا.
يجب أن أشيد برؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في النهوض بكافة القطاعات وتصريحاته الأخيرة في المنتدى العالمي للتعليم العالي التي احتضنتها مصر، بأن الفكر المتطرف كان سببا مباشرا في تعطيل خطط تطوير التعليم في الدول الإسلامية، والأرقام والإحصاءات التي استعرضها التي تدل على رغبته القوية في تعديل مقدرات التعليم في مصر، أتمنى أن نجد تعديلا في مناهج المرحلة الرابعة من التعليم الابتدائي قبل نهاية العام الحالي..لا أحد يحارب التطور ولا صحة لذلك!!.. وشكاوى أولياء الأمور ليست عندا أو محاربة إنما هي من واقع نعاني منه بكل أسف. كلنا نسعى ونكافح في ظل أصعب ظروف عالمية تمر بنا فرضتها جائحة كورونا من أجل تعليم أبناءنا بأفضل مستوى؛ لذا أتمنى من وزير التعليم أن يعيد النظر والتدقيق مرة أخرى في أمر المناهج التي يقال عنها أنها مطورة!!.