لم يكن أحد من عشاق كرة القدم يعلم أن الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا، سيلتحق بناد مغمور في جنوب إيطاليا اسمه نابولي، بعد مغادرته معقل الكتلان برشلونة، خاصة حينما حوَل المستطيل الأخضر إلى حلبة مصارعة بينه وبين لاعبي أتلتيك بلباو في عام 1984، أثناء لقاء جمع الفريقين في نهائي كأس ملك إسبانيا؛ نتيجة العرقلة التي تعرض لها من مدافع الأحمر والأبيض، أندوني جويكوتشيا، الذي سمي لاحقًا بـ«جزار مارادونا» أو «جزار بلباو»، ليشتعل شجار بين الاثنين وبين نجم البرسا وباقي لاعبي المنافس بتوجيه الركلات لهم ليطرحهم أرضًا، وذلك تحت أنظار الملك الإسباني الذي كان يحضر المباراة في المدرجات.
ولهذه الحادثة خلفية أخرى، إذ كان مارادونا وجويكو، قد التقيا في مباراة سابقة بالدوري الإسباني عام 1983، وتسبب الأخير في إصابة خطرة للنجم الأرجنتيني أبعدته عن الملاعب لفترة طويلة؛ بسبب تدخل وحشي من الخلف من قبل مدافع بلباو، ليصرخ الأخير من الألم على أرض الملعب بعد أن كُسر كاحله قبل أن يغادر الملعب على نقالة، وغاب بعدها أشهر طويلة ولم ينس الفتي الذهبي للأرجنتين هذه الواقعة حتى موعد وفاته.
وتسببت هذه المشاجرة فضلًا عن الاستفزازات العديدة التي تلقاها دييجو من جماهير بلباو التي وجهت له عبارات عنصرية، في رحيله عن برشلونة وانتقاله إلى نابولي في صفقة قياسية آنذاك، ورغم أن الحديث عن قدوم مارادونا إلى نابولي قد وصل إلى جميع الوسائل الإعلامية، إلا أن سكان مدينة الجنوب الإيطالي لم يُصدقوا ذلك إلا حينما رأوا نجم التانجو يخرج من أحد القوارب في خليج مدينة نابولي في عام 1984، وبهذا انضم فتى الأرجنتين الذهبي لنادٍ لم يكن أحد يتوقعه، بعد توقيعه العقد على متن قارب في الخليج الإيطالي رفقة الإداري سيتيرز بيلر ومالك الأشغال العامة في الفريق الأزرق فيرلينو، دون أن يقرأ حتى شروط العقد راهنًا بذلك سبع سنوات من مسيرته.
رد الجميل من النادي الإيطالي تجاه مارادونا
وجاء وقت رد الجميل من النادي الإيطالي تجاه مارادونا، سواء من تكريم أو تخليد لذكراه، الذي رحل عن عالمنا في 25 نوفمبر 2020، حيث يدين نابولي لأسطورته بلقبيه الوحيدين اللذين أحرزهما من بطولة الدوري الإيطالي عامي 1987 و1990، وقد أطلق اسم الأرجنتيني على ملعبه بعد وفاته.
ولم يقتصر التكريم على ذلك، بل خلدت إدارة النادي الأسطورة الأرجنتينية، بحجب القميص رقم 10 منذ رحيله في عام 1991، أي لم ولن يستطيع أي لاعب ارتداء هذا الرقم مع الفريق، وفي 2020 أعادت مدينة نابولي تسمية ملعب سان باولو الخاص بنادي الجنوب الإيطالي، باسم نجمه الأرجنتيني الراحل دييجو أرماندو مارادونا، كنوع من التكريم بعد أن أمضى سبع سنوات لا تنسى مع الفريق.
كما ارتدى لاعبو الأزوري قمصانًا عليها صورة مارادونا خلال الذكرى السنوية الأولى لرحيله، وتم بيع هذه القمصان بثلاثة ألوان مختلفة بواقع 1926 قميصًا من كل لون، وذلك في إشارة إلى العام الذي تأسس فيه نابولي عام 1926.
تمثال مارادونا
طريقة أخرى، كرم بها نابولي، أسطورته، هي عندما أزاح النادي الستار عن تمثال برونزي للنجم الأرجنتيني الراحل مارادونا أمام 60 ألف متفرج، في الملعب الذي بات يحمل اسم الأسطورة، وذلك بمناسبة مباراة الفريق أمام لاتسيو بالجولة الرابعة عشرة بالكالتشيو، في حفل حضره رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، السويسري جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الإيطالي للعبة جابرييلي جرافينا، وبطل العالم 2006 فابيو كانافارو الذي نشأ في أكاديمية نابولي.
وفي الوقت ذاته، نجح لاعبو نابولي في تكريم مارادونا بأفضل طريقة ممكنة، باعتلاء صدارة جدول ترتيب الدوري الإيطالي برصيد 36 نقطة بعد فوزهم في المباراة المذكورة أعلاه، برباعية نظيفة، وكان قد دخل اللاعبون الملعب قبل اللقاء على وقع أغنية «لايف إذ لايف» التي تذكر بأحد أجمل فيديوهات مارادونا عندما يتلاعب بالكرة أثناء الإحماء.
كما يسعى أوريليو دي لورينتيس، رئيس نادي نابولي، في الوقت الحالي لترتيب مباراة بين ناديه ومنتخب الأرجنتين، على ملعب دييجو أرماندو مارادونا، وقال في تصريحات أبرزتها صحيفة «كورييري ديللو سبورت» الإيطالية: «نعمل مع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو وسفير الأرجنتين لاستضافة مباراة بين نابولي ومنتخب الأرجنتين يوم 24 مايو 2022»، مضيفًا: «مباراة بين نابولي والأرجنتين ستلعب هنا في نابولي، سنسميها (كأس مارادونا الأول)».