الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

«ماكرون» يضمد جراحه فى الخليج قبل انتخابات الرئاسة 2022.. صفقات بمليارات الدولارات مع الإمارات والسعودية بعد «صفعة أوكوس».. خبراء: ماكرون يغازل الناخب الفرنسى بالصفقات العسكرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

واجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عثرات كثيرة خلال الشهور الماضية، كان أبرزها الفشل في إدارة الأزمة اللبنانية بعد انفجار مرفأ بيروت، إلى جانب "صفعة أوكوس" التي تلقتها باريس بعد تدشين التحالف بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، وألغيت بسببه صفقة الغواصات بين ملبورن وباريس وخسرت الأخيرة ٩٠ مليار دولار جراء ذلك.

ويبدو أن ماكرون تأكد أن الاستفاقة من عثرته، تأتي بـ"دفعة أوكسجين" عربية، فاتجه في مستهل شهر ديسمبر الجاري إلى الخليج في إطار جولة قصيرة شملت الإمارات وقطر والسعودية، خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، في زيارة كانت مليئة بالملفات الشائكة والمتشابكة، غير أن علاقات باريس بملفات الشرق الأوسط لا تنفصل عن انشغال ماكرون بالحدث الأكبر بالنسبة له في أبريل من العام المقبل ٢٠٢٢ حيث تجرى الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وانصبت أولويات ماكرون خلال جولته، على بحث العلاقات الخليجية الإيرانية وتعثر مفاوضات فيينا، إلى جانب الملف اللبناني داخليا بالإضافة إلى أزمة الرياض وبيروت، والتي يبدو أنها على وشك الانفراج بعد استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي التي وجدت ترحيبا من الرئيس الفرنسي.

جورج قرداحي

الأزمة في لبنان وعلاقات بيروت والرياض

رغب ماكرون خلال جولته الخليجية في تحريك الأزمة اللبنانية من "المربع صفر" التي تقبع فيه منذ نحو ١٦ شهرا، إثر انفجار مرفأ بيروت في أغسطس ٢٠٢٠، ويتشابك الملف اللبناني بالطبع مع التدخلات الإيرانية في المنطقة، والتي تزعج دول الخليج، وكان ماكرون استبق جولته في الدول الثلاثة بمحادثات هاتفية مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، استغرقت ساعة ونصف الساعة، قيل إنها تناولت المباحثات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي في فيينا.

وفي هذا السياق، قال الباحث الجزائري في العلاقات الدولية توفيق قويدر، إن فرنسا تمسك بتلابيب الملف اللبناني الذي كان حاضرا في المباحثات بين ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة، إلا أن المعضلة الكبيرة التي يواجهها ماكرون لإيجاد حل في لبنان، هو حزب الله الذي يٌنظر إليه بعين الريبة كعنصر سلبي خاصة وأن باريس طالبته بترك السلاح والاشتغال بالسياسة.

الباحث الجزائري في العلاقات الدولية توفيق قويدر

وأوضح "قويدر" في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن الرؤية السعودية للحل في لبنان، تختلف عن الرؤية الفرنسية، حيث إن الرياض ترغب في تقليم أظافر حزب الله، ويكون ولاؤه للبنان فقط بعيدا عن إيران، ويمكن للمملكة ضخ مساعدات مالية، إلا أنها تخشى أن يستحوذ عليها حزب الله وبعض الأحزاب المنتمية والموالية لطهران. 

وأضاف الباحث الجزائري أن ماكرون يحاول إقناع الرياض بضخ مساعدات اقتصادية للبنان حتى لو بشكل مؤقت، لمنع الانهيار الكلي للاقتصاد، بالإضافة إلى إبعاد حزب الله عن السياسة اللبنانية ولو بصفة مؤقتة، خاصة وأن الرئيس الفرنسي يمكنه التواصل مع جميع الأطراف في بيروت. 

فيما وجه العميد اللبناني المتقاعد ناجي ملاعب، الخبير العسكري والاستراتيجي، انتقاداته صوب حكومة نجيب ميقاتي، متهما إياها بالفشل في إحداث أي تغيير إيجابي بشأن حياة اللبنانيين، وعلى النقيض من ذلك عطلت عمل القضاء والأمن، وقمعت الثورة التي اندلعت قبل عامين بكل الوسائل.

العميد اللبناني المتقاعد ناجي ملاعب

وأضاف العميد ناجي ملاعب في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن جهود الرئيس الفرنسي، في أعقاب كارثة انفجار مرفأ بيروت في أغسطس ٢٠٢٠، لم تفض إلى شيء، حيث عادت نفس الوجوه القديمة لتصدر المشهد من جديد على الساحة اللبنانية، مشيرا إلى أن ما حدث من إساءة للسعودية هي أزمة مستمرة حتى الآن ولن تنتهي باستقالة وزير الإعلام أو بزيارة ماكرون، ولكن الحل يكمن في يد الذي يختطفون لبنان وهم حزب الله والتيار الوطني الحر. 

وأوضح العقيد ناجي ملاعب، أنه وفقا لنتائج مباحثات فيينا التي شهدت تعنتا واضحا من إيران بشأن الاتفاق النووي، فإن مهمة مصر والدول العربية، لن تكون سهلة في لبنان، مختتما حديثه بأن العرب لا يحتاجون لزيارة ماكرون لتحريك الأمور بقدر الحاجة إلى تخفيف القبضة الإيرانية على السلطة في لبنان.

الانتخابات الرئاسية الفرنسية أبريل ٢٠٢٢

وتستعد فرنسا لإجراء انتخابات رئاسية في شهر أبريل من العام المقبل ٢٠٢٢، ويواجه ماكرون منافسة شرسة في ظل الأوضاع الاقتصادية، التي تعاني منها فرنسا، وكذلك أغلب دول العالم، بسبب الآثار السلبية لجائحة كورونا التي بدأت قبل نحو عامين، ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب، أن الرئيس ماكرون يرغب في أن يخاطب الداخل الفرنسي خلال زياراته الخارجية المختلفة، وهو ما ذهب إليه الباحث توفيق قويدر، حيث أكد أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية تشغل بال ماكرون بالفعل، ويمكن اعتبار زيارته للخليج مغازلة للناخب الفرنسي، وأنه يستحق البقاء في الإليزيه لولاية ثانية، ودعوة غير مباشرة للتصويت له، إلا أن المصالح الاقتصادية الفرنسية تتطلب تلك الزيارة بالنظر للوفد المرافق لماكرون، خاصة وأن علاقات الخليج بالعملاق الأوروبي، هي علاقات إستراتيجية مع الدول الثلاثة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

التعافي من "أوكوس" 

وأبرم الرئيس الفرنسي خلال هذه الجولة عددا من الاتفاقيات العسكرية، مع الإمارات بلغت نحو ١٧ مليار دولار تضمنت شراء الدولة الخليجية لـ٨٠ مقاتلة رافال، بالإضافة إلى بيع شركة إيرباص ١٢ مروحية عسكرية من طراز "كاراكال".

واتفقت باريس والرياض، على بناء منشأة تصنيع عالي الدقة في المملكة لإنتاج مكونات هياكل الطائرات، وأبرمت شركة "إيرباص" الأوروبية صفقة لبيع ٢٦ مروحية مدنية إلى شركة سعودية.

وقال توفيق قويدر الباحث السياسي الجزائري في العلاقات الدولية، إن قيمة صفقة الغواصات مع أستراليا التي ألغيت بسبب اتفاق "أوكوس" بين واشنطن ولندن وملبورن، أغسطس الماضي، أكبر بكثير من قيمة الصفقات العسكرية مع الإمارات والسعودية، إلا أن باريس تمكنت قبل ذلك من تدارك الخسارة بعد "أوكوس".

وأضاف الباحث الجزائري في العلاقات الدولية أن فرنسا تحاول تصدير إنتاجها العسكري خاصة مقاتلات "الرافال" بعد تزويدها بتكنولوجيا حديثة لتواكب متطلبات الجيش الإماراتي، في ظل التوتر الدائم في منطقة الشرق الأوسط.

الدكتور أكرم حسام خبير الأمن الإقليمي

وفي السياق نفسه، قال الدكتور أكرم حسام خبير الأمن الإقليمي، إن جولة ماكرون الخليجية تستهدف بشكل رئيسي، المباحثات مع السعودية، خاصة وأنها تمثل أهمية كبيرة للمصالح الفرنسية في المنطقة، وتسعى باريس لاستقطاب الرياض خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري، خاصة وأن المملكة أكبر مشتر للسلاح في العالم، لذا يبدو أن ماكرون يراهن خلال جولته الخليجية على تعويض خسائره بعد صفقة أوكوس.

وأضاف خبير الأمن الإقليمي في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن التعاون الاستراتيجي بين فرنسا والدول الخليجية، يأتي أيضا في إطار أن الخليج يلعب دورا مهما وشريكا في عدد الملفات الإقليمية التي على رأسها الأزمات في لبنان وليبيا واليمن وأفغانستان.