في سابقة تاريخية منذ انطلاق إكسبو قبل 170 سنة يجتمع مائتان وخمسون شخصية، من بينهم وزراء وممثلو الحكومات وشخصيات رفيعة المستوى، ومئات المفكرين والأكاديميين والباحثين والشباب؛ وقادة ديانات يمثلون كل الطوائف والديانات من مختلف دول العالم، في الملتقى الدولي الثامن لمنتدى تعزيز السلم الذي يعقد بعنوان «المواطنة الشاملة من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك، وذالك في إكسبو 2020 دبي، ويستمر إلى 7 من ديسمبر الجاري. وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: إن اجتماع جلسة الافتتاح لمناقشة موضوع المواطنة الشاملة، إنما هو تعبير مهم عن الثقة والأمل في مستقبل البشرية، والاهتمام بتعزيز قيم التعارف والحوار والتفاهم والهدف المشترك، إضافة إلى دعم قنوات التعاون والتعايش بين الجميع.
وأضاف الشيخ نهيان في كلمته الافتتاحية، أنه في ظل حضور العالم في إكسبو 2020 دبي، أصبحت الإمارات دولة المواطنة الشاملة؛ ودولة التسامح والأخوة الإنسانية؛ ودولة تتبنى السلام وسيلة وغاية، وتتخذ من التسامح والتعاون والوفاق منهجًا وطريقة، وتحرص كل الحرص على التعاون والتنسيق مع كافة الأمم والشعوب، وتعمل باستمرار على تمكين جميع الأفراد وجميع المجتمعات البشرية، للإسهام الكامل في جهود التنمية المستدامة في العالم، باعتبار أن ذلك كله هو جزء أساسي من الإرث الخالد الذي تركه مؤسس الدولة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو الذي كان يؤكد دائمًا قولًا وعملًا، أن الصفاء بين البشر والحوار والتواصل الإيجابي هو طريق أكيد لتحقيق الخير والرخاء في المجتمع والعالم.
وأكد الشيخ عبد الله ولد بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في كلمته على أن اهتمام المنتدى بالمواطنة ليس وليد اليوم بل تأصيلًا لمبدأ المواطنة الحاضنة للتنوع بالفهم الصحيح والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم.
ونوه الشيخ بن بيه، بانخراط المنتدى مع تحالف من المنظمات الدولية الكبرى بتنسيق من وكالة "ويلتون بارك" التابعة لوزارة الخارجية والكومونولث البريطانية، و"مؤسسة أديان" اللبنانية، في مسار من اللقاءات التفكيرية التي أتاحت الفرصة لنقاشات مفيدة وثريّة، أسهمت في تعميق الحفر في المفهوم، وتشخيص سبل وتحديات تحقيقه في العالم، على حد تعبيره.
وأضاف أن المواطنة في المفهوم التاريخي تقوم على العرق أو الدّين أو الذاكرة المشتركة أو على عنصر نقاء النسب، الذي يؤدي إلى تقسيم المواطنين إلى درجات كمـا كان عند الرومـان أو العرب في عصر الجاهلية، ورغم أن هذا التصوّر القديم للمواطنة هو الغالب على المجتمعات البشرية تاريخيا، ولكنّه لم يكن الوحيد، إذ شهدت بعض البيئات ذات الطبيعة التعددية، تطوّر صيغة مختلفة للمواطنة، تنحو منحى تعاقديا، لا يرتكز على الانتماء المشترك للعرق، ولا على الذاكرة التاريخية الموحدة، أو الدين الواحد، وإنما على عقد مواضعة واتفاق طوعي يؤطّر الوجود المشترك في شكل دستور وقوانين ونظم تحدّد واجبات وحقوق أفراد الجماعة.
وقال بن بيه: إن أهم مقوم من مقومات المواطنة هو مبدأ الواجبات المتبادلة والحقوق المتساوية، مما يقتضي الإيجابية في العلاقة، والبُعد عن الاختلاف، والشعور بالشراكة في المصالح، مشددًا على ان دولة المواطنة هي الحامية للكليات الخمس، كلي الدين، وكلي الحياة، وكلي الملكية وكلي العائلة وكلي الكرامة، من جهتي الوجود والعدم، والضامنة لها لجميع المواطنين، لا ميز بينهم بالطبقة أو العرق أو الدين.
وأوضح أنه في دولة المواطنة، حيث يصير الاختلاف ائتلافا والتنوع تعاونا وتشكل العلاقة مع الآخر فرصة لاستكشاف فضاءات الالتقاء وتوسيع قنوات التواصل، لا مجال لأي تشغيب على الآخرين بلمس رموزهم والتنقيص من معتقداتهم، بل يمارس الجميع شعائرهم، في جو من الحرية المهذّبة، التي بها يقع الانسجام ويتحقق الوئام الذي يقتضيه العيش المشترك وبها تكتمل كرامة الإنسان.
ويسعى منتدى تعزيز السلم الذي يرأسه الشيخ عبد الله بن بيه إلى نشر ثقافة التسامح ومواجهة الفكر المتطرف والتطرف العنيف، وإظهار الوجه المشرق المتسامح للدين الإسلامي الحنيف.