رفض مجلس النواب أحقية موظفي وزارة المالية في الحصول على حق الضبطية القضائية في حال رصد أي مخالفات والاكتفاء بالإبلاغ عنها، وجاء الرفض خشية فتح الباب أمام كل الوزارات والقطاعات الأخرى بمنحهم ذات الحق، وهو ما قد يؤثر على سلبًا على مناخ الاستثمار، وتصل إلى مرحلة "التطفيش" على حد تعبير البعض.
وتفاوتت وجهات النظر في بحث ومناقشة هذا الملف بين المتابعين والمتخصصين، لقطاع يمثل 75% من إيرادات الموازنة العامة، وجاء الاتفاق العام على أن بالقانون إجراءات أخرى تسمح بالعقوبات حال وجود مخالفات من الممول، بعيدًا عن الضبطية القضائية، كما يرى البعض أن رفض الضبطية خشية عدم الدستورية لمثل هذا البند، فضلا على أن هذا النص يخل بمبدأ المساواة ووضع تمييزًا لهؤلاء الموظفين عن غيرهم من الموظفين.
وخلال مناقشات البرلمان لقانون المالية العامة، فقد ووافق المجلس على حذف المادة 59 من مشروع قانون المالية العامة الموحد، والتي تختص بمنح موظفي وزارة المالية حق الضبطية القضائية في حال ضبط أي مخالفات.
في المقابل دافع الدكتور محمد معيط، وزير المالية عن المادة قائلًا: مفتشي وزارة المالية هم من يحمون المال العام، والحفاظ عليه من الاستيلاء، ويجب حمايتهم وإعطائهم الضبطية القضائية للقيام بعملهم.
وأضاف، أن المجلس سبق وأن أقر قانونًا يعطي بعض موظفي الوزارة الضبطية القضائية وهم أقل عملًا من مفتشي الوزارة الذين يقومون بحماية المال العام ويحافظون على المال العام، مطالبًا بأن يعطى لهم الضبطية القضائية.
ومن جانبه قال مينا جمال، خبير ضرائب وعضو جمعية الضرائب المصرية، حول أسباب الضبطية القضائية: وفقًا للقانون الإجراءات الضريبية الموحد، الحق لموظفي مصلحة الضرائب ممن لهم الصفة الضبطية القضائية دخول مقار عمل الممول دون إخطار مسبق.
وأشار جمال في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، بأن القانون يسمح لمأمور الضرائب بإعطائه صفة الضبطية القضائية للسيطرة على السوق غير الرسمي وفقًا للمادة (83) من القانون ونصت على "يحق لموظفي المصلحة ممن لهم صفة الضبطية القضائية دخول مقار عمل الممول أو المكلف خلال الساعات عمله دون إخطار مسبق، وعلى المأمور إثبات ما يتم أو اكتشفه له فى محضر محرر وفقًا لما يصدر به قرار من الوزير".
وأشار إلى أن الهدف هو تقليل الاقتصاد غير الرسمي وضبط الأسواق وتقليل الغش التجارى وزيادة جودة المنتجات الموجودة بالأسواق وزيادة الحصيلة الضريبية حيث تمثل الضرائب 75% من الموازنة العامة للدولة وبالتالى الضرائب إحدى المصادر المالية الهامة للدولة المصرية ولكن لابد من استخدام هذه السلطة بحرص وليس بعنف من أجل استقرار الأسواق وتنمية الاستثمار وليس من أجل تطفيش المستثمر.
وأوضح مينا جمال بأن قانون المالية رقم 211 لسنة 2020 ممتلئ بالعقوبات بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 206 لسنة 2020، عقوبات بشأن عدم تقديم الإقرار الضريبي خلال مدة لا تتجاوز 60 يومًا، ومن الممكن أن تصل العقوبة للحبس والغرامة في حالة تكرار الواقعة، بعيدا عن الضبطية القضائية.
ومن جهته قال النائب أشرف رشاد، زعيم الأغلبية البرلمانية بمجلس النواب: "كلام وزير المالية يقدر ولكن هناك سؤالا إذا كانت الضبطية القضائية تمنح لموظف، فالأولى أن تمنح لموجهى التربية والتعليم في أمر يتعلق بتعليم أجيال وتمنح كذلك للمهندس الذي يشرف على موقع إنشائى قيمته مليارات وأرواح".
وأضاف: هناك نظام دولة ينظم العمل وإجراءات قانونية، فمنح الضبطية لأى موظف يجب أن يكون لها شكل قانونى عندما يكون هناك جريمة، ولكن عندما يكون الأمر مخالفة فالضبطية ليس لها محل من الوجود، ويستطيع الموظف أن يتخذ الإجراءات القانونية عقب اكتشاف المخالفة، وفقا لنصوص القانون.
وقال زعيم الأغلبية البرلمانية بمجلس النواب، إن موظف المالية في النهاية هو موظف في دولة ولا تمنح الضبطية المالي للموظف حيث يقوم بعمله وفق القانون، مضيفا أن المفتش في وزارة التعليم ليس له ضبطية قضائية والمهندس الذي يفتش على موقع أيضا ليس له ضبطية قضائية وبالتالي لا يمكن منح الضبطية القضائية لأي موظف يمارس دوره وفق القانون وهو نظام دولة يجب الالتزام به وعند ضبط أي مخالفات يتم الابلاغ عنها وفق نظام وإجراءات معمول بها وبالتالي منح الضبطية القضائية لا يكون لموظف الدولة الذي يقوم بدوره.
وقال المستشار علاء فؤاد، وزير شئون المجالس النيابية، الأمر كله كان مقترحا داخل لجنة الخطة والموازنة، على أن تكون الضبطية القضائية لمفتشي وزارة المالية بقرار من وزير العدل، إلا أنه في النهاية فقد رفض النواب طلب وزير المالية وتم التصويت على المادة وتم رفضها وتم حذف المادة، ليتم حسم الأمر، بما يحقق الصالح العام.
وقال النائب أحمد الشرقاوي، عضو مجلس النواب، إن الضبطية لا تعطي حصانة وهي في النهاية مسئولية والتزام بعمل ما ولا تعفي الضبطية القضائية من المحاسبة أو المسئولية.