صدر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب جديد بعنوان "عبث السياسية.. شهادات على أحداث واقعية" للدكتور مهدي دخل الله.
يقع الكتاب في 336 صفحة من القطع الكبير، ويجد القارئ في هذا المنجز بعضا من الأحداث التي كنت شاهدا عليها، هي شهادات صغيرة لكنها تشير إلى منطق اللامنطق، وعقل اللاعقل الذي يسيطر على عالمنا، ويجعله يسير إلى المجهول، فالعبث مفهوم مخفف لما يحدث أحياناً في السياسة، في كثير من الأحيان تتصف السياسة بالحماقة، وهي مفهوم أكثر سوءاً من العبث.
فإذا كان العبث يعني القيام بممارسات دون جدوى، لا فائدة منها، فالحماقة تعني القيام بممارسات فيها ضرر للآخر، وللنفس أيضاً. تلك هي التي قال عنها الشاعر المتنبي: لكل داء دواء يُستطبُّ به إلا الحماقةَ أعيت من يداويها في العبث والحماقة ابتعاد عن العقل والحكمة، فالعمل بلا جدوى هو عمل ضار أيضاً؛ لأن فيه مضيعة للوقت والجهد. هو عمل يتطفل باستمرار على أبواب الحماقة راجياً إياها أن تقبله في صفوفها، لا شك في أن كثيراً من العبث يكتنف سياسات الدول الكبرى المؤثرة في هذا العالم. الدليل هو أن "مسرح العبث" والحركة الأدبية الواسعة التي تحمل هذا الاسم قامت في أوروبا والغرب بالذات انعكاساً لسياسات عبثية تصل حد الحماقة في كثير من الأحيان.
وكان صمويل بيكيت رائدا لمسرح العبث الذي انتشر في أوروبا، وقد أسس يوجين أونيسكو مسرح اللامعقول، وهذه الحركة الأدبية نتاج العبث واللامعقول، بل نتاج الحماقة التي أصابت عملية "إدارة العالم" في هذا العصر.