قال الكاردينال ميغيل أنغيل أيوسو، رئيس المجلس المجلس البابوي، "إنه لشرف كبير أن أمثل الفاتيكان لدى جامعة الأزهر، تلك الجامعة التي تعد أحد أهم المنابر الإسلامية والثقافية ليس في الشرق الأوسط فحسب؛ بل على مستوى العالم، وتأثيرها يتجاوز حدود القطب المصري، ليمتد أثره إلى كل المسلمين؛ بل وغير المسلمين حول العالم، وأن هذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها جامعة الأزهر ممثلين للكنيسة الكاثوليكية، بعد زيارة البابا فرنسيس لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف عام 2017.
وتابع الكاردينال ميغيل أنغيل أيوسو، رئيس اجتماعات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية خلال محاضرته بمقر جامعة الأزهر، إن التعرف على التراث الديني والثقافي والروحي للآخر؛ يهيئ الجو العام لقبوله، ويخلق البيئة المناسبة للتعايش والانفتاح الإيجابي، ولو أمعن المتشددون النظر في هذه الحقيقة لوجدوا أنه لا مانع من فتح قنوات الحوار بين أتباع الديانات وتعميق الحوار بينهم، وبين احتفاظ كل دين بهويته وشخصيته وأسسه العقدية الثابتة التي لا يمكن تناولها أو التفاوض بشأنها.
وأضاف رئيس المجلس البابوي للحوار بالفاتيكان، أن الانفتاح على الآخر يشكل الخطوة الأولى لكسر الأسوار الفاصلة بسبب الخوف والجهل، والتغلب على ظاهرة الاكسانوفوبيا والتي تعني الخوف من الآخر، وتوجيه أواصر الصداقة لخدمة الإنسانية وكل ما فيه خير البشرية جمعاء، فالحوار هو السبيل للخروج من معضلة الصراعات التي استغلها أصحاب النفوس الخبيثة لبث الفرقة بين أتباع الديانات المختلفة.
وأشار الكاردينال أيوسو إلى أن فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس فطنا إلى هذه الحقائق مبكرا، وكان لديهما الجرأة والشجاعة لخوض المعارك من أجل خير الإنسانية، وأن توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية؛ لم يكن بالأمر السهل، ولكن إصرارهما وإخلاصهما ساعد كثيرا في كسر الحواجز وتفتيت جبال الثلج التي تجمدت لسنوات بين بعض المسلمين والمسيحين، ومواصلة الحوار بين الأزهر والفاتيكان بعد قطيعة امتدت لما يقارب الست سنوات، مضيفا أننا قد بدأنا في جني ثمار هذه الوثيقة بما نراه اليوم من تقارب ليس على مستوى المؤسسات والمعاهد الرسمية فحسب، بل بين الأفراد من العوام والجماهير.
وبين الكاردينال ميجيل أيوسو أن أحد ثمار وثيقة الأخوة الإنسانية هي إيجاد أرض مشتركة يتلاقى فيها كل محبي الخبر من أتباع الديانات، والسير معا على خطى قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر، والوقوف على القيم والأخلاق التي تساعد في ترسيخ معاني الصداقة والأخوة بين أتباع الديانات، وترك الأمور التي تفرق وتبعث الكراهية بينهم، والتصدي لأصحاب الأجندات المغرضة ومروجي التعصب والكراهية وتجار الفتن، وغلق الأبواب في وجه كل الأفكار المتشددة والمتطرفة.
وتحدث رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان بالفاتيكان عن الجهود الكبيرة للجنة العليا للأخوة الإنسانية التي انبثقت عن وثيقة الأخوة الإنسانية، مشيرا إلى أن هذه اللجنة تضم نخبة من المسئولين من قادات دينية وثقافية من مختلف الخلفيات العرقية والاجتماعية والثقافية حول العالم، وأن أعضاء اللجنة يشكلون مجتمعا متباينا في الدين واللون واللغة والجنسيات، ولكنهم يمثلون في الوقت نفسه مجموعة من الأصدقاء الأوفياء لإنسانيتهم، يجمعهم همُّ العمل من أجل الإنسان وإنهاء معاناته، واستبدال الكراهية بالحب والتعصب بالحوار، وقد بذلت اللجنة جهودا كبيرة، وعقدت الشراكات مع المؤسسات الدولية من أجل تنفيذ عدد من المبادرات التي ترسخ لأسس التعارف والتآخي خاصة بين فئات الشباب والنشء لضمان علاقات سوية ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.