في مثل هذا اليوم الرابع من ديسمبر سنة1131، رحل الفيلسوف وعالم الفلك والرياضيات الفارسي" غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام" ويعتبر الخيام واحداً من الشعراء الفلاسفة الكبار الذين تركوا أصداء مدوية في ارجاء العالم بالفن والفكر والتامل، والذي عُرف بإسم" عمر الخيام "، ولد في سنة 1048م، ولد في مدينة نيسابور، خراسان، بإيران.
أمضى الخيام طفولته في مدينة نيسابور، وتم تقدير مواهبه من قبل أساتذته الأوائل الذين أرسلوه للدراسة عند أعظم معلم في منطقة خراسان، وهو الإمام" موفق نيسابوري" ، الذي كان يدرس أولاد النبلاء، وسافر الخيام بعد دراسة العلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك في مدينة نيسابور، إلى مدينة بخارى سنة 1068، حيث كان يتردد إلى مكتبة الفلك المرموقة، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة سمرقند، حيث كان يعمل "أبو طاهر" حاكم ورئيس القضاة في المدينة، كتب الخيام أعماله الجبرية الأكثر شهرة، وأطروحته التي كانت مكرسة لمعلمه القاضي أبو طاهر.
كان يدرس الخيام مع صديقين حميمين له ، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يواتيه الحظ الآخرين ، وهذا ما كان فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيراً للسلطان ألب أرسلان، ثم لابنه السلطان ملكشاه، خصص له مائتين وألف مثقال يتقاضاها من بيت المال كل عام من خزينة نيسابور، فضمن له العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة.
عاش الخيام معظم حياته في نيسابور وسمرقند، وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل:( بخارى وبلخ وأصفهان) رغبة منه في التزود من العلم وتبادل الأفكار مع العلماء وهكذا صار لعمر بن الخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور وأسرار الحياة، بعد أن توفرت له أسباب المعيشة، وكان صديقهم الثالث هو الشاعر "حسن الصباح" مؤسس طائفة الحشاشين، وهي طائفة إسماعيلية نزارية.
وضع الخياك تقويماً سنوياً بالغ الدقة، وقد تولي الرصد في مرصد أصفهان، كما وضع المعادلات التكعيبية، وحاول الخيام حلها كلها، وتخصص في"الرياضيات، والفلك، واللغة، والفقه، والتاريخ، وطلب منه السلطان ملكشاه مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم.
رغم شهرة الخيام بكونه شاعراً، فقد كان يعد من أشهر علماء الرياضيات في عصره، حيث حل معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية، لذلك يعد الخيام أول من إخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وصاحب الرباعيات المشهوره.
يعد الخيام أول من استخدم العربية "شئ" التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية"Xay"، وما لبست بالتدريج بالحرف الأول منها "X"، الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول.
ألف الخيام العديد وتعد من مؤلفاته باللغة العربية، من بينها :"شرح ما أشكل من مصادرات كتاب اقليدس، الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية، رسالة في الموسيقي".
وكتب الخيام رباعياته بالفارسية، وعرفت "برباعیات الخيام "، وتعد مقطوعة شعرية بالفارسية، وكان بإمكانه كتابتها بالعربية، ومما قاله فيها: «تناثرت أيام هذا العمر.. تناثر الأوراق حول الشجر.. فانعم من الدنيا بلذاتها.. من قبل أن تسقيك كفّ القدر»، إلى قوله: «يا عالم الأسرار علم اليقين.. يا كاشف الضرّ عن البائسين.. يا قابل الأعذار فإنا إلى.. ظلّك فاقبل توبة التائبين»،.
وتعد هذه الشهره التي حصلت عليها رباعيات الخيام لم تكن شائعة لدي أقرانه من الادباء ومن عاصره منهم، بل بدأت رباعياته بالانتشار بعد قرنين على الاقل من وفاته، وكانت الرباعيات أصبحت سبباً لشهرة الخيام وترسيخاً لمكانته الشعرية، واختلف في عدد الرباعيات التي نظمها حيث نسب اليه 2000رباعية، فإن الرباعيات تراوحت بين التمتع بماذا الحياة وطلب العفو من الله، تعد اول ترجمه لرباعیات الخيام كانت الانجليزية سنة 1859م،وترجمها من الفارسية للعربية "احمد رامي"، كما ترجمها الشاعر العراقي "احمد الصافي النجفي".
آثار الخيام الجدل برباعیاته الشهيرة، فالبعض يتهمه بالإلحاد والمجون والمغالاة في المتع الدنيوية والبعض الآخر يراها نوعاً من الزهد والتصول والتقرب إلى الله، يرى البعض الآخر أن هذه الرباعيات لا تخص الخيام في الأساس، حيث إن جميعها يدعو الي اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن الخيام عرف بأنه عالم جليل وذو اخلاق سامية.
يعتبر بعض المؤرخين عمر الخيام، نظرا إلى مقاربته الهندسية من أجل حلحلة معادلات جبرية، رائدا في اختراع الهندسة التحليلية، قبل" رينيه ديكارت" بحوالي خمس قرون.
برع الخيام في الفلك أيضاً، حيث يقول المؤرخ "جورج سارتن" إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري، وقد وضع الخيام تقويما سنوياً بالغ الدقة.
كان للخیام تاثیرا ممیزا في الموسیقى الغربیة، حیث قام الموسیقار البریطاني "غرینویل بن تك" بانتاج البومه الموسیقي بدایة القرن العشرین تحت عنوان "عمر الخیام" الموسیقار الارمني "الن هوهانس "اقتبس معزوفاته من رباعیات عمر الخیام والفرنسي "ادموند دولاك" هو الاخر شهرته مدینة لرباعیات عمر الخیام.
ونصبت العدید من التماثیل له في الكثیر من مدن العالم ومنها موسكو، ومدريد ونيويورك وفينا وبوخارست، واستاراخان الروسية وارمينيا والبوسنة.
يعد من أهم تلاميذه:ابو المعالي عبدالله بن محمد الميانجي وعلى بن محمد الحجازي الطبيب الذي كان مقيماً في "بيهق" بقرب نيسابور.
وتوفي الخيام في نيسابور في 3 ديسمبر، ودفن في مدينة نيشابور التي هي إحدى ضواحي مدينة مشهد المقدسة شرق ايران، ومرقده اليوم على هيئة متحف باسم خيام في وسط حديقة جميلة زاخرة بالأشجار الخضراء الباسقة بحيث يمكن اعتبارها واحدة من أجمل المناطق في مدينة نيشابور.
بروفايل
"عمر الخيام.. فيلسوف أوقعته أشعاره في فخ تهمة "الإلحاد"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق