أطلقت مشيرة عامر، الباحثة فى قضايا المرأة مبادرة «صوت بهية» للتوعية بحقوق المرأة ومناهضة العنف ضد المرأة انطلاقا من الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة فى إطار حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، والتى تقام خلال الفترة من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر من كل عام والمتعارف عليها دوليًا ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، والتى تستهدف مناهضة كل أشكال العنف الأسرى والمجتمعى ضد المرأة، حيث تهدف المبادرة للتوعية بحقوق المرأة ومعاناتها فى محاكم الأسرة وتسليط الضوء على قضايا المرأة المعنفة ومناقشة الحلول لهذه الظاهرة المجتمعية من خلال خبراء ومختصين من أجل التوعية والوقاية من العنف ضد المرأة من خلال تنفيذ برامج وأنشطة للتعريف بقضايا العنف ضد المرأة ونشر الوعى الصحى إلى جانب تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيًا وتطوير مهاراتها وقدراتها وتشجيع الاستراتيجية الوطنية التى تعزز المساواة بين الرجل والمرأة وخلق جو أسرى صحى للأطفال والأسرة من أجل تعزيز الثقافة المجتمعية الرافضة لكل أشكال العنف ضد المرأة وحمايتها من خلال التوعية بمخاطر الزواج المبكر والآثار السلبية للزواج غير الرسمى على الأسرة والمجتمع ومناهضة كل أشكال العنف الأسرى والمجتمعى ضد المرأة لتفعيل مشاركتها فى خطط التنمية المستدامة.
عالمة اجتماع: العنف الأسرى الأكثر خطرًا على المرأة
تؤكد د. سحر سامى العورى، دكتوراه فى علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنيا، أن العوامل الاجتماعية والديموجرافية تلعب دورًا هامًا فى ظاهرة العنف ضد المرأة، وتُعدّ المعايير الاجتماعية السلبية من أقوى العوامل التى تؤدى إلى عدم المساواة بين الرجل والمرأة، وللعنف ضد المرأة تاريخ طويل جدًا، على الرغم من تفاوت حوادث هذا العنف وشدته بمرور الوقت حتى اليوم، الذى غالبًا ما يُنظر إلى هذا العنف على أنه آلية لإخضاع المرأة، سواء فى المجتمع بشكل عام أو فى العلاقات الشخصية، وقد ينشأ هذا العنف من الشعور بالكراهية ضد النساء أو الطبيعة العنيفة لدى الجاني.
وتعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة غير إنسانية وغير مشروعة، فقد حظيت المرأة بالنصيب الأكبر من العنف سواء من الأب أو الأخ أو الزوج أو رئيس العمل، وأصبح هذا العنف يهدد أمن وسلامة واستقرار المرأة الاجتماعى والنفسى، فتبدأ رحلتها مع العنف منذ نعومة أظافرها حين يقابلها الأهل عند ولادتها بالحزن والتشاؤم وتسلب حريتها وحقوقها، فى حين يحظى الذكر بكل بالفرحة والتعامل الإيجابى باعتباره السند والعزوة وتحصد الأنثى كل ما هو قاس وسلبى فى الحياة.
ويعد العنف الأسرى من أهم أسباب معاناة المرأة، حيث تتعرض المرأة للعنف فى جميع مراحل عمرها منذ الطفولة بدءًا من زواج القاصرات وختان الإناث مرورا ببقية مراحل العمر، حيث الملاحقات الدائمة لها والتحرش الذى يعكس تجرؤ المجرم على المجتمع والاغتصاب والإيذاء الجسدى والنفسى ومؤخرًا المضايقات الإلكترونية التى ظهرت نتيجة استخدام البعض للتكنولوجيا فى غير مسارها الصحيح بخلاف الضرب والإهانة والعنف اللفظى والإهمال والتجاهل والحرمان من التعليم والزواج المبكر أو الإجبارى والحرمان من الميراث والاستيلاء على راتب الزوجة والتحرش الجنسى «اللفظى والبدنى والإلكترونى» وقسوة بعض الأمهات أو والدة الزوج.
محامية استئناف: يجب الإسراع فى تفعيل قوانين تجريم العنف الأسرى
قالت صباح هاشم أحمد، المحامية بالاستئناف العالى ومجلس الدولة وعضو مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة إن العنف ضد النساء هو ظاهرة عالمية تمتد لزمنٍ بعيد ويعد من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا وتدميرًا فى عالمنا اليوم ومثله كجرائم الكراهية، وقد يكون جسميا أو نفسيا، وواحدة من بين كل ثلاث نساء فى العالم يتعرضن للعنف الجسدى وأثبتت الأرقام ارتفاع معدلات العنف فى المجتمع بصفة عامة وضد النساء بصفة خاصة وأصبح العنف الأسرى فى الآونة الأخيرة ظاهرة فى المجتمع المصري، تؤثر فى بنية الأطفال النفسية، وتشوه حاضرهم، وتهدد مستقبلهم، فلا يمر يوم إلا وتجد الآلاف من قضايا الأسرة بالمحاكم والسبب فيها «الضرب» والعنف الزوجى كما عجت الصحف بأنباء قتل زوج زوجته لرفضها معاشرته، وقتل زوج زوجته لتأخرها فى إعداد وجبة العشاء، هذه الجرائم المتسارعة تفتح مجالًا للنقاش حول الوضع القانونى والتشريعى الواجب اتخاذه لحماية النساء من العنف، والذى كشف كوفيد- ١٩ عن حجم تصاعده، ما يحتّم ضرورة إيجاد آليات التوعية الواجبة للحد مع انتشار جرائم العنف الأسرى بالتوازى مع الضوابط القانونية.
وأضافت: «لا بد من إيجاد سبل لمعالجة هذه الظاهرة ومنها تمكين منظمات المجتمع المدنى ومنحها صلاحيات واسعة لمناهضة هذا العنف وعدم التساهل مع مرتكبى جرائم الشرف ولا بد من تعزيز أُطُر القوانين بهدف التصدى لجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات وتعزيز سبل تعريف السيدات بالمناطق الآمنة الخالية من أشكال العنف ضد المرأة أو التحرش وتوجيه أجهزة الإعلام لرفع وعى المجتمع تجاه هذه الجريمة بحق إنسانية المرأة وتشديد العقوبات على جرائم المتاجرة بجسد المرأة وعمليات الاختطاف والتهريب للمرأة، ومكافحة ظاهرة البغاء القسرى وتشجيع المرأة على إبلاغ المختصين عند تعرضها لأى شكل من أشكال العنف وعقد جلسات توعية للمرأة عن الخدمات المختلفة والمتوافرة بالمجتمع ومساعدتها للحصول على هذه الخدمات ولا بد من التدخل فى وقت الأزمات ووضع خطة الأمان وخطة الخروج الآمن من خلال الخط الآمن أو المقابلة، وتقديم الحلول والدعم والمساندة وتوفير أقصى حماية ممكنة للنساء ضحايا العنف الأسرى بكل أشكاله ووضع تدابير وقائية وخدمات عاجلة للنساء الناجيات من العنف الأسري.
محامية نقض: العنف ما زال طليقا ولابد من تشريعات رادعة
قالت زينب أبوطالب، محامية بالنقض وعضو مؤسسة محاميات مصريات لحقوق المرأة، إنه رغم التطورات الكُبرى التى شهدها واقع المرأة دوليًا، منذ عقود، إلاّ أنه ما زال العنف ضد المرأة وصمة سوداء فى جبين الإنسانية، فواقع الإنسانية يقول إنَ من بين كل ثلاث نسوة فى العالم تتعرض واحدة على الأقل فى حياتها للعنف وتتوالى الحقائق الكاشفة عن ارتفاع معدلات العنف ضد النساء والأطفال داخل الأسرة المصرية، وتتوالى مشروعات القوانين المعنية بتجريم ممارسات العنف لكن ذاته العنف ما زال طليقا.
وأضافت زينب أنه رغم جهود الدولة المبذولة من أجل تقليل حالات العنف الأسرى إلا أنها تقتصر، حتى الآن، على حملات التوعية، والاستشهاد بالقيم والأخلاق، وكل هذه الأمور لم تؤتِ ثمارها بسبب غياب الرادع، وهو عبارة عن تشريعات قانونية جديدة تطبق على الزوج الذى يمارس العنف ضد زوجته، وعلى الرغم من الإيجابيات والدعم التى حصلت عليها المرأة مؤخرا وخطط واستراتيجيات النهوض بأوضاع المرأة والمجهود التى تبذله مؤسسات المجتمع المدنى فى محاولة منها لمناهضة العنف الذى تتعرض له المرأة المصرية فى مختلف المستويات الاجتماعية المختلفة، إلا أن الواقع مختلف وما زال العنف طليقا وأعطى مثالًا شاهدته أثناء وجودى بالمحكمة تقابلت مع سيدة فى منتصف الثلاثينات متعلمة مثقفة من شكلها ومظهرها الخارجى إنها إنسانة محترمة وفوجئت بإصابتها فى وجهها إصابة بالغة بالعين مع وجود خياطة خمس غرز بالحاجب وقالت إن زوجها هو من أحدث إصابتها وطردها من منزل الزوجية بسبب إجباره لها أن على أن تعطية كل دخلها من عملها أو تظل فى الشارع بعيد عن اولادها ولكن لم يكن هذا هو الغريب والمثير للدهشة ولكن كان الأغرب هو رد فعل المستمعين من المواطنين الموجودين فى محيط هذه السيدة التى كانت تحكى بصوت مرتفع والكل يسمع لها وفوجئت بإجابات شعرت معها بمدى القهر الذى تعانيه المرأة فى مجتمعنا.
ومنهم من استنكر الإصابة وسألها بمنتهى الاستفزاز هل هو من أحدث إصابتك أم افتعلتها للإضرار به؟ وهنا تدخلت لمنعه من الضغط عليها وهناك الكثير والكثير من الحالات المشابهة ومئات من القصص المأساوية بمحاكم الأسرة».