السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصريون عرفتهم فى باريس «١٨» رمزى يسى.. فك شفرة القلوب بآلة البيانو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لست أدرى متى شاهدت عزف البيانو على يد الفنان المصرى «رمزى يسى» لأول مرة!. لكن ذلك يعود إلى زمان بعيد فى باريس قبل نحو عشرين عامًا عندما رأيته يعزف «كونشرتو» رقم واحد للبيانو والأوركسترا لـ«تشايكوفسكى»، كأنه «رمزى» ما زال ينقر بأصابعه على قلوب المشاهدين المستمعين حتى إن قلوبنا أصبحت تلهث وراء أصابعه، ورأيت إحدى الحاضرات تضع يدها على قلبها كأنها تريد أن تمنعه من الخروج من صدرها من شدة انفعاله، ولا ندرى إذا ما كان هذا الانفعال من عزف «رمزى يسى» أو من عبقرية موسيقى «تشايكوفسكى» التى لا ترحمك ولا تترك لك أى برهة لالتقاط الأنفاس وربما من الاثنين معًا.

الغريب أن وجه العازف المصرى المعروف عالميا يبدو كأنه قد استقر على ابتسامة خفيفة يخفى وراءها الأمواج الهادرة التى تسببها أصابعه فى قلوب مشاهديه ومستمعيه، هكذا هو فى الحياة يلتقيك بابتسامة شديدة الدماثة يكسر بها الحواجز بين الفنان والبشر، ويفتح بها بابا للود، ويترك لك الفرصة للولوج لشخصيته الرقيقة المتواضعة إلى حد الخجل.

اهتمامات الفنان رمزى يسى تتنوع بين التاريخ والسياسة، فهو يلهث وراء المحاضرات القيمة التى تدور فى باريس فى أماكن مختلفة يفاجئك بحضوره وعندما أقمنا فى مركز سيمو فى باريس ندوة عن الأحداث السياسية فى الشرق الأوسط كان هذا الفنان الكبير حاضرا وسط الجمهور وأدهشنا ذلك كل الدهشة؛ لأن الموضوع كان جافا ثقيلا، ومع ذلك كان اهتمام الفنان به مدهشًا، وكأنه كان يريد أن يفتح لثقافته كل الأبواب وكان يريد أن يكون مرتبطًا بالعالم الواقعى وأن يكون على صلة بالأحداث وليس فقط العالم الموسيقى.

لم تتح لى الفرصة للتجول مع رمزى يسى فى شوارع باريس، وربما يكون هذا أفضل؛ حتى يكون التجول فى دهاليز البيانو وحنايا المعزوفات خاصة الروسية وحتى يكون التجول مع الموسيقى يأخذك بعيدًا عن الواقع السياسى الذى نعيشه فى مركز الدراسات فى باريس، كما يأتى هو لدينا حتى يعيش واقع العالم السياسى، إذًا هناك تبادل فى المنفعة حتى لو كنا لا نقصد ذلك تمامًا.

يعيش هذا الفنان الكبير فى باريس، فقد اختارها، وربما تكون هى التى اختارته، ومع ذلك فهو مشغول دومًا بأحوال الوطن البعيد وكم تكون سعادته بلا حدود عندما يناديه الوطن للعزف فى مسرح هنا أو أوبرا هناك. والحقيقة أن الرجل جاب مسارح الدنيا وبعضها من أشهر القاعات، ومع ذلك يكون للعزف فى الوطن وأمام أبنائه متعة ومذاق مختلف يعرفه كل من يعيش متلذذًا فى نار الغربة.

هكذا يفك رمزى يسى شفرة الحياة بل شفرة القلوب أينما وضعت أصابعه الذهبية على البيانو.

أعود فى بيتى إلى الكونشرتو رقم واحد لتشايكوفسكى حتى أرى فيه فى ثنايا الموسيقى الصعبة، التى تبث فى داخلك أسئلة الحياة الكبرى الحياة الكبرى كالحب والموت ابتسامة عازف البيانو المصرى الكبير رمزى يسى.

لم تتح لى الفرصة للتجول مع رمزى يسى فى شوارع باريس، وربما يكون هذا أفضل؛ حتى يكون التجول فى دهاليز البيانو وحنايا المعزوفات خاصة الروسية وحتى يكون التجول مع الموسيقى يأخذك بعيدًا عن الواقع السياسى الذى نعيشه فى مركز الدراسات فى باريس