فى أغسطس الماضي 2021، تعرض وزير إماراتى لتهديدات بالقتل بعد أن سلط الضوء على خطورة الأيديولوجيات المتطرفة في العالم العربي في كتاب جديد يرصد صعود وسقوط تنظيم الإخوان في الإمارات. ووفقًا لصحيفة «The National»، قال الدكتور جمال السويدي، المدير العام السابق لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، إن هذا التنظيم لا يعكس صحيح الدين وقد أبعد هو والتنظيمات التي خرجت من عباءته بعض العرب عن الدين وتناول الكتاب أيضًا التأثير الذي مارسه تنظيم الإخوان منذ عقود، والإجراء الحاسم الذي اتخذته حكومة الإمارات لهزيمته. وفى سبتمبر الماضي 2021، قررت دولة الإمارات العربية المتحدة، إدراج 38 فردًا و15 كيانًا إرهابيًا، ضمن القائمة المعتمدة في الدولة، المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب. وقال بيان صدر عن رئاسة الوزراء، إن القرار الوزاري رقم 83 لسنة 2021، يأتي في إطار حرص دولة الإمارات على استهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له، وفق ما ذكرت وكالة «وام».
بدأ الصدام بين الإخوان والدولة الإماراتية عقب قرار الحكومة وقف مجلة «الإصلاح» الناطقة بإسم «الإخوان» عن الصدور مدة ستة أشهر منذ أكتوبر ١٩٨٨ حتى أبريل ١٩٨٩، وبعد عودتها للصدور مرة أخرى بقيت المجلة على خطتها ولكن بوتيرة أكثر هدوءًا، لكنها خلال الفترة ما بين ١٩٨٩ حتى ١٩٩٤ استمرت في الدخول في القضايا الشائكة التي تتعارض مع التوجه العام للدولة مثل المطالبة المستمرة بترشيد السياحة وضوابطها الأخلاقية، وخطر الأجانب على الثقافة والهوية الإماراتية، مع انتقاد لبرامج وسائل الإعلام المحلية والعودة، ما بين فينة وأخرى، إلى ملف التعليم وتعالت أصوات إخوانية تعترض على لجنة مراجعة المناهج.
فى عام ٢٠٠٣ بدأ فصل جديد من علاقة الإخوان بالحكومة الإماراتية، وبدأت بعقد لقاءات متكررة بين ثلاث قيادات من الجماعة وبين نائب ولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد فى العاصمة أبوظبى، أفضت بعد شهور إلى رفض قيادات الجماعة دعوة الحكومة لهم إلى الانخراط فى مسيرة التنمية وإمكانية العمل الدعوى، أسوة بنظرائهم من العاملين في مجال الدعوة والإرشاد الديني في الدولة، شريطة حل التنظيم.
ومنذ عام ٢٠٠٦ تصاعدت تهديدات الإخوان للدولة بعد إبعاد عشرات المعلمين التابعين لهم، وكانت ردة فعل «أبناء الإصلاح الإخوانية» غير تقليدية، تمثلت فى تجمعات احتجاجية ومشاركات فى القنوات الفضائية، ولقاءات صحفية ومقالات على الإنترنت تعترض على إبعاد المعلمين الإخوان عن التدريس في المدارس الحكومية.
وفى ١٦ مايو ٢٠١٠، عندما أذاعت قناة «الحوار» حلقة من برنامج «أبعاد خليجية» وكان موضوعها «دعوة الإصلاح فى الإمارات، ماذا تريد؟» واستضافت الحلقة اثنين من قيادات جماعة الإخوان فى الإمارات، وكانت هى المرة الأولى التى تقرر فيها الجماعة الظهور على الإعلام المرئى لشرح أفكارها، وتوضيح حقيقة انتمائها الفكرى والسياسى والعقدى.
وصل الصدام إلى أقصاه عقب إصدار ناشطين وأكاديميين إماراتيين ينتمى غالبيتهم لفكر الإخوان المسلمين، بالتزامن مع ثورات الربيع العربى، عريضة تعرف بعريضة الثالث من مارس ٢٠١١، طالبوا فيها بإجراء انتخابات لأعضاء المجلس الوطنى الاتحادى، وبتعديل دستور دولة الإمارات.
فى ١٥ يوليو، أعلنت السلطات الإماراتية أنها فككت مجموعة كانت تعد مخططات ضد أمن الدولة، وفى نهاية الشهر ذاته اتهم قائد شرطة دبى «ضاحى خلفان» جماعة الإخوان بالسعى إلى الإطاحة بالأنظمة الخليجية، مُلمِّحًا إلى انتساب أعضاء جمعية الإصلاح الإسلامية لفكر الإخوان، وربطت السلطات جمعية الإصلاح بالإخوان فى تشابه هيكلها التنظيمى مع الهيكل التنظيمى للجماعة فى الدول العربية، من خلال وجود منسق عام للجمعية كما فى باقى الدول العربية بالنسبة للإخوان، وأيضًا وجود مكتب تنفيذى، ومجلس شورى للجماعة، وإدارة القواعد للجان فرعية على مستوى كل إمارة فى الدولة.
ونتيجة لهذه التحركات جاء موقف السلطات الإماراتية حازمًا ومباشرًا، فتم سحب الجنسية من عدد من «الإماراتيين المجنسين» المنتمين لجماعة الإخوان في ديسمبر ٢٠١١، واتهمتهم السلطات بالتورط في «أعمال تهدد الأمن الوطني، والارتباط بمنظمات وشخصيات مدرجة في قوائم الإرهاب».
بعدها، أعلنت الإمارات توقيف ٦٠ عضوًا من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في الإمارات، ووجّهت لهم النيابة العامة في سبتمبر ٢٠١٢ تهمًا تتعلق بإنشاء وإدارة تنظيم سرّي، وجناح عسكري يمسّ الأمن ومبادئ قيام الدولة، والارتباط بجهات خارجية وتلقّي تعليمات وأموال، من أجل الاستيلاء على السلطة، وإقامة حكومة دينية في الإمارات.
واكتشفت قوات الأمن الإماراتية خلية أخرى في بداية ٢٠١٣، وأُلقي القبض عليها، وكانت تضم أكثر من عشرة أشخاص من كوادر الإخوان المسلمين المصريين ينشطون على الأرض.
في مايو ٢٠١٧، أكد أكاديميون وباحثون أن التنظيم السري لجماعة الإخوان الإرهابية اتخذ منذ بداياته من الدين غطاء له بينما يسعى في الحقيقة إلى الوصول إلى السلطة والحكم، موضحين أن التنظيم حرص على الإساءة للرموز الوطنية والمؤسسات الوطنية في المجتمع الذي يتواجدون فيه، والعمل على هدم الدولة لعدم إيمانه بالدولة الوطنية من الأساس.
كما كشفوا خلال مشاركتهم في الحلقة الأولى من السلسلة الوثائقية "دهاليز الظلام" التي بثتها قناة أبوظبي، أن التنظيم السري في الإمارات كان حريصًا على السيطرة على التعليم والإعلام في الدولة، واستطاع في فترة معينة أن يسيطر على غالبية المؤسسات التعليمية في الإمارات حتى أن وزير التعليم ورئيس جامعة الإمارات كانا من أعضاء التنظيم الإخواني.