منذ الوهلة الأولى من دخولي كلية الإعلام عزمت النية أن اتخصص بقسم الصحافة والنشر، لإحساسي الشديد بمدى قوة الكلمة وتأثيرها في المجتمع، وكيف تحقق «الكلمة» الهدف الإعلامي الذي من أجله تأسست الصحف والإذاعات اللاسلكية والقنوات التليفزيونية؟ فليست الكلمة مجرد أصوات نطلقها أو أحرف نكتبها، بل الكلمة معنى ندركه وأثر نتركه، الكملة مسئولية نتحملها وأمانة نؤديها، وسلاح نضرب به على كل فاسد ومقصر في عمله وزيرا كان أو غفيرا، موظفًا كان أو معلمًا أو حتى طبيبًا لأن كل منهم عليه دور كبير في نهضة وارتقاء الوطن وإعداد الجيل الذي يحمل الراية.. لذا فلتعلوا الكلمة على كل المسميات، فكم كان للكملة من دور في الحرب والسلم، والنزاع والوفاق، والقرب والبعد، والحل والعقد، والبناء والهدم، والوعي والتخلف.
وللكلمة دور مهم أيضا في تقدير وتعظيم ونشر كل عمل جيد يقوم به أي مواطن حاكم كان أو محكوما، رجلاً كان أو امرأة، طفلاً كان أو عجوز، لا فرق بين أحد على أحد، الجميع سواسية أمام الكلمة والحقيقة، فهذا هو الدور المنوط به الإعلام الذي يحمل مسئولية الكلمة.
وبين القرآن الكريم فضل «الكلمة» في قول الله عز وجل في سورة إبراهيم «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء.. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ..وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ».
وقول النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ».
والكلمة ليست فقط من عناصر الكلم نكون بها جملة لنعبر بها عن حدث معين أو معنى يراد إيصاله، بل تمتلك الكلمة قوة الطاقة التي تسري في الفضاء، فتؤثر في الكيفية التي تنتقل بها الطاقة من خلال الفضاء العام، فعندما نتكلم بصوت مرتفع، تتحول الكلمات إلى ذبذبات وترددات تستخدم لتوجيه الطاقة، لذ عندما نطلق كلماتنا فنحن نصب أفكارنا وتردداتنا في الحقل الطاقي للأرض، وعندما ندرك القوة الحقيقية للكلمات سنعرف مدى تأثيرها في طاقة الإِنسان وعلى توجيه تلك الطاقة سواء كانت مادية أو نفسية، فالكلمة في ذاتها طاقة فاعلة وقوة مؤثرة في المتكلم والمتلقى مستمعا وقارئا وفي الوجود كله.
ربما أدركت حقيقة «الكلمة» فلم أتردد أن أعمل صحفيًا حتى قبل تخرجي فصعدت سلالم كثيرة، وتدربت وعملت بغرف أخبار ووسائل إعلام مصرية وعربية، حتى نزلت في المحطة الأخيرة والتحقت بجريدة وموقع "البوابة نيوز" التي حقًا شعرت بمدى تقديرها للكلمة وأمانة ومصداقية الخبر، والذي قد يضطرها أحياناً تأجيلها نشر خبر عاجل أو سبق صحفي حتى تتأكد علم اليقين بصدق الخبر وحقيقته، وقد يؤدي ذلك لخسارتها الكثير من القراء بعد نشر الجرائد والمواقع المنافسة للخبر، لكن في النهاية هي جريدة احترمت "الكلمة" و"الجمهور" ولم تلهث وراء "الترند والقراءات الوهمية" والتزمت بالدور الحقيقي لوسائل الإعلام وهو المهنية والموضوعية والمصداقية ونشر الوعي.
لذا وفي يوم عيد ميلاد مؤسسة البوابة نيوز “البيت الكبير” اتوجه بخالص الشكر والتقدير لجميع العاملين في المؤسسة من رئيس التحرير إلى الصحفيين والعاملين فيها، مع تمنياتي للجميع بدوام السعادة والاستقرار والتقدم والرقي.