الكتابة عن بدايات مشروع آمنتُ به وأسهمت فى خروجه للنور بمثابة اجترار لأحلام وطموحات، واستعادة لمشاهد البدايات وصعوباتها وتحدياتها، وأحيانا كشف حساب هل نجحنا فيما أردناه وبأي قدر وبينما نحن نحلم كان هناك من ينتظر فشل الفكرة وسقوط أصحابها، والمزايدة دون وجه حق لكل حق نطرحه ويلتف حوله الأغلب الأعم من قراء ومثقفين ومفكرين ونخبة، وجمهور قبل الجميع راهن علينا فلم يخب فينا ظنه هكذا أظن.
لم تكن البوابة بالنسبة لي مجرد محطة صحفية، أو مشروع مهني أسعى من خلاله لتأدية عمل أو تحقيق مصلحة شخصية أو مكاسب مادية لكنه كان مشروع حياة ينحاز للوطن دفاعا عن وجوده ضد فئة ضالة تختزله فى جماعة وتختصره فى فهم ضيق ومحدود بل ومنحرف ومشوّه عن جوهر الدين وأهدافه، والشريعة ومقاصدها، تماهى داخلي هنا فى البوابة ما هو مهنى وما هو وطنى، وتداخلت مشاعر الذود عن بلدى والانتصار لدينى الذى أحببته من والدى ذلك المتصوف الزاهد الذى علمنى كراهية التطرف، فكانت عقيدته التسامح والمحبة وكأنه يحيا بين أئمة التصوف الإمام الجنيد وابن عطاء الله وابن عربى.
كانت التجربة «معركة» خضناها بإيمان عميق بأن نصر الله قريب كما وعد، رأيناه نصب أعين مفتوحة تراقب وترصد، ورأوه بعيدا، وكأن أبصارهم عميت، لم نكن نحن أبناء هذا الوطن نملك شيئا وليس لدينا ركن شديد نأوي إليه فى بداية المواجهة التى اقتحمتها أقلامنا وعقولنا، ولن أنكر عندما تسلل الخوف إلى نفسى باقتراب لحظة الحساب والحسم والانتصار فى نهاية شهر يونيو ٢٠١٣ سألت الأخ الكبير والصديق المتقد حماسا الباحث عبدالرحيم على: هل حانت اللحظة فعلا ولن تكون هناك مفاجآت من أى نوع أو ضغوط دولية تكسر إرادة ملايين المصريين؟ وأدرك صديقى عبدالرحيم علي أننى لا أشك إطلاقا فى ثبات المصريين ولا رباطة جأش قواتنا المسلحة ووطنيتها وانحيازها للوطن والمواطن فقال يملؤه الهدوء: «خلصت خلاص». وفعلا جاء الخلاص بعد رباط، وجاء إعلان ٣ يوليو ليتوج انتصار ثورة ٣٠ يونيو وتبدأ مصر إعادة بناء المؤسسات التى أرادوها بلا هيبة وبلا قدرات، وبناء وطن كاد يهوى وشعب كادت تطيح به حروب أهلية مثلما يحدث حوله فى بلاد شقيقة، الآن ونحن نرى أحلامنا تتحقق فى جمهورية جديدة، تنحاز لبسطاء الوطن وتشد على يد المهمشين والمستضعفين، تحارب الفساد، وتصنع نخبة جديدة لتتحمل المسئولية بعد تأهيل وتدريب كلنا شهود عليه، سنظل فى البوابة مبشرين بالخير نترقبه أينما حل فى بقاع مصر، نؤمن بهذا البلد وقدراته، ونتصدى للدفاع عنه، ونؤمن بوطنية قيادته السياسية التى كافحت وحاربت وتجاوزت كل الصعاب وما أكثرها وأعادت للقاهرة بريقها وحضورها الإقليمى والدولى وما أثقلها مهمة، تحركات دؤوبة ومناورات دبلوماسية غيرت ملامح القوى فى منطقة تشهد تحولات كثيرة بأسرع مما نتصور، عاشت أحلامنا لتتجسد وعاش الوطن الذى حلمنا من أجله وما زلنا.