في مثل هذا اليوم 30 نوفمبر عام 2018 رحل الرئيس الحادي والأربعون للولايات المتحدة جورج بوش الأب، ووقت وفاته حلت حالة من الحزن على رحيله في أمريكا وعدد من دول العالم حيث كان يحظى بشعبية كبيرة، فكان رئيسا للولايات المتحدة لمدة أربع سنوات فقط، وشكل تاريخ بلاده لعقود، كما عاش وساهم في صنع تحولات وأحداث شكلت بعضها نواة "النظم العالمي الجديد" الذي أعلنه مع نهاية الحرب الباردة.
وبالنسبة للدول العربي فكان جورج بوش الأب من رؤساء أمريكا المؤثرين مع قادة الدول العربية خاصة دوره في تحرير الكويت حيث قاد الحملة العسكرية لتحرير الكويت وإخراج القوات العراقية منها، لكنه رأى أن التدخل في الشرق الأوسط ينذر بفوضى قادمة.
ولدوره في "حرب الخليج" التي قادتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991، أشاد أمير الكويت الشخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بمواقفه التاريخية المشرفة والشجاعة تجاه دولة الكويت ورفضها للاحتلال العراقي لدولة الكويت منذ الساعات الأولى، مضيفا في رسالة تعزية بعثها إلى الرئس الاميركي دونالد ترامب، أن هذه المواقف ستظل ماثلة في ذاكرة الكويتيين جمعا ولن تنسى.
وولد جورج هربرت ووكر بوش في ماساشوسيتسعام 1924، وبدأ مسيرته المهنية في 1962 كعضو بقيادة الحزب الجمهوري في هاريس كاونتي بتكساس، وحظي بدعم من الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، في انتخابات 1966 فأصبح عضوا بالكونغرس عن هوستون وتكساس، وتم تعيينه سفيرا أمريكيا بالأمم المتحدة عام 1971.
وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي تم تعيينه كأول مندوب دبلوماسي لبلاده في الصين، قبل أن يتولى عام 1976 رئاسة جهاز الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي أيه)، وفي عام 1980 بدأ أول مساعيه لدخول البيت الأبيض لكنه خسر سباق الترشح عن الحزب الجمهوري أمام رونالد ريغان، الذي اختاره نائبا له فيما بعد، وكان ريغان يحتاجه خصوصا في التعامل مع الاتحاد السوفيتي، وبقي جورج بوش الأب ثماني سنوات نائبا لريغان، قبل أن يصبح الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة، ولم ينتخب جورج بوش الأب لولاية رئاسية ثانية، فقد هزم في انتخابات 1992 أمام خصمه الديموقراطي بيل كلينتون.
ورغم خسارته أمام كلينتون تطورت العلاقة بينهما إلى صداقة، وبعد خروجه من عالم السياسة استمتع بوش بحياته، كما ظل يلفت الانتباه عندما كان يقفز بالمظلة حتى وهو في سن التسعين، غير أن ظهوره الإعلامي أصبح نادرا منذ تعرضه لوعكة صحية في عامي 2014 و2015، كما كان يجلس مؤخرا في كرسي متحرك بعد تعرضه لكسور في عظام العامود الفقري قبل عامين ونصف من وفاته.
ويعتبر جورج بوش الأب شخصية ناجحة وذكية على مستوى السياسة الخارجية، بينما كانت نقطة ضعفه هي السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، إضافة إلى زيادة الضرائب أرتبطت خسارة بوش في انتخابات الرئاسة عام 1992 بالركود الاقتصادي الذي رفع معدلات البطالة في الولايات المتحدة إلى 7.5 بالمئة وتركه عرضة لاتهامات بأن سياسات الجمهوريين فشلت، وتحدث منتقدون عن افتقار بوش لرؤية واضحة لما يريد تحقيقه فيما يتعلق بالقضايا الداخلية.