الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

دراسة: ثورة "الفينتك" تقود البنوك الإسلامية للتحالف مع شركات التكنولوجيا المالية

البنوك الإسلامية
البنوك الإسلامية تتحالف مع شركات التكنولوجيا المالية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قالت دراسة حديثة صادرة عن "بيت المشورة" للاستشارات المالية، أن التطور المتسارع في قطاع التكنولوجيا المالية "الفينتك" (FinTech) يقود إلى ثورة في عالم الخدمات المالية وهو ما سيدفع البنوك الإسلامية إلى عقد شراكات وتحالفات مع شركات التكنولوجيا بوصفه النموذج الأنسب لضمان تطور ونمو القطاع المصرفي الإسلامي ويعود السبب في ذلك إلى أن المواجهة الفردية للسوق التنافسي أكبر من أن تواجهه المصارف وحدها، لذلك فإن التحالفات والشراكات تعطي معنى استراتيجيًا أكثر جدوى وفعّالية، وبتكلفة أقل، وتقلل من تعرض القطاع لمخاطر تكنولوجية نوعية، بالإضافة إلى مساعدة المصارف بالتركيز على أنشطتها التشغيلية وأعمالها الجوهرية الأساسية، والقيام بها بشكل أفضل.

وأفادت الدراسة التي أعدها 3 باحثين متخصصين في التمويل الإسلامي من جامعة مالايا الماليزية وهم : أحمد هشام النجار وأسموليادي لوبيس ومحمد ريزال موازير وتضمنها العدد الجديد من مجلة بيت المشورة العلمية المحكمة أن القطاع المصرفي الإسلامي يجد نفسه في الوقت الحالي مدفوعًا إلى الانغماس في سباقين تنافسيين هامين، هما السباق العالمي لإنشاء تواجد ملموس في العديد من الأسواق المالية المختلفة علاوة على السباق التكنولوجي للاستفادة من الثورة الصناعية الجديدة، من أجل بناء موارد قوية وإمكانات انتاجية وخدمية كفيلة بالمنافسة؛ للحصول على ميزة تنافسية تمكن القطاع المصرفي من المحافظة على حصته السوقية أو زيادتها مع الوقت.

وشددت الدراسة على أن الشراكات والتحالفات بين البنوك الاسلامية وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة ستعزز فرص توسيع قاعدة العملاء وزيادة الكفاءة وخفض التكاليف وتقديم مجموعة واسعة من المنتجات المصرفية والمالية الجديدة، كما أنها ستؤدي إلى تعزيز القدرات التنافسية للمصارف الإسلامية أمام نظيراتها التقليدية دون المساومة على هوامش الربح، حيث يمكن للبنوك الإسلامية أن تستفيد بشكل كبير من فتح واجهة برمجة التطبيقات (API) داخل نظامها الأساسي من خلال استراتيجية مفتوحة، كما يمكن لها أن تصبح مصدرًا للابتكارات والتمكين للتكنولوجيا المالية (استراتيجية مغلقة)، أو أن تأخذ بعض الخدمات المبتكرة التي كانت تقدمها الشركات الأخرى سابقًا من خلال استراتيجية شراكة.

وأضافت الدراسة، أن استراتيجية التعاون وليست المنافسة فقط أصبحت تعود بفائدة كبيرة على البنوك، فمن ناحية سيسمح ذلك للبنوك الإسلامية بمزيد من تنويع المحافظ الاستثمارية، وبالتالي تقليل المخاطر في حالات تقاسم الأرباح والخسائر مع شركات التكنولوجيا المالية، وهو ما سيؤدي إلى فتح الفرص أمام البنوك نحو مزيد من استجلاب انماط ونماذج تمويلية جديدة، ومن المتوقع أن يساهم ذلك أيضًا في فتح المزيد من البنوك والفروع الإسلامية حول العالم، من ناحية أخرى لابد للبنوك من الاستعداد لخوض المزيد من المنافسة الشديدة في مواجهة القطاع المصرفي التقليدي أو أي جهات مالية أخرى، لذلك تحتاج البنوك الإسلامية إلى تحسين جودة خدماتها وتطوير منتجات مناسبة، لتكون مستعدة من خلالها لحجز مكانة عالمية قوية.

ونوهت إلى انه لا يمكن للبنوك الإسلامية في الوقت الحالي أن تبقى بمعزل عن التحول الرقمي المتسارع، لذلك لابد من التوجه نحو نموذج من المشاركة، فحتى أكبر الشركات وأقواها ماليًا تلجأ إلى التحالفات والشراكات، باعتبارها ضرورة ملحة في بيئة تنافسية مرتفعة وبالتالي تتزايد ضرورة عقد تحالفات استراتيجية بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية الأخرى لتكوين مزايا خاصة بها تساعد على مجاراة التطورات والابتكارات المالية الحديثة، في بيئة تشتد بها المنافسة وتحتدم، وقد يكون التعاون مع منافسين خارجيين لأداء أجزاء من أنشطة التمويل ذا معنى استراتيجي أكثر جدوى وفعّالية. مما يساهم في أداء النشاط المصرفي بشكل أفضل وبتكلفة أقل، كما قد يقلل ذلك من تعرض المصرف لمخاطر تكنولوجيّة نوعية، بالإضافة إلى مساعدة المصرف بالتركيز على أعمالها الجوهرية الأساسية، والقيام بها بشكل أفضل.

وبينت الدراسة: أن الميزة التنافسية للبنوك هي الميزة التي تسمح للمصارف بالتعامل مع مختلف الأسواق المصرفية والتفاعل مع عناصر البيئة التي تحيط بها بصورة أفضل من منافسيها بمعنى آخر فإن الميزة التنافسية تعبر عن مدى قدرة البنك في القيام بأدائه، بطريقة يعجز منافسيه عن القيام بمثلها، حيث تضم القدرة التنافسية للبنوك مجموعة من المهارات والإمكانات والموارد والتكنولوجيا التي تستطيع من خلالها الإدارة توظيفها واستثمارها لتحقيق قيم ومنافع للعملاء أكثر مما يحققه لهم المنافسون الآخرون، ولإيجاد حالة من التميّز والاختلاف عن بقية المنافسين ومع ذلك، فقد أدت الخدمات المصرفية المتطورة إلى جانب التصاعد التكنولوجي لتغيير طريقة تقديم المنتجات والخدمات المصرفية وجعلها أكثر عولمة وشمولية.

ولفتت الدراسة إلى ان القطاع المصرفي الإسلامي بات أمام استراتيجيات ثلاث رئيسة للمنافسة في سوق التكنولوجيا الرقمية، وهي: الاستراتيجية القائمة على الشراكة والمصالح المشتركة مع شركات التكنولوجيا المالية، والاستراتيجية القائمة على النموذج المفتوح والانتقال نحو مشاركة واسعة وعلى كافة الأصعدة، والاستراتيجية القائمة على الابتكار المغلق وفيه يركز المصرف على ابتكار وتطوير موارده الخاصة ويمكن اعتبار الاستراتيجية القائمة على نموذج التعاون والشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية الميّزة التنافسية الأنسب حاليًا للقطاع المصرفي الإسلامي في مواجهة تداعيات التحول الرقمي.

وأوضحت، أن نشأة الخدمات المالية غير المصرفية تعود إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، وكانت هذه الخدمات تقدم بهدف تسهيل العمليات المالية من خلال منصاتها الخاصة، ثم تطورت هذه الأنشطة لتصل في عام 2010 إلى إطلاق شركات متخصصة في مجال الخدمات المالية الرقمية يطلق عليها شركات التكنولوجيا المالية الناشئة وقد أوجدت الصناعة المالية الإسلامية موطئ قدم في مجال شركات التكنولوجيا المالية الناشئة منذ انطلاقتها، وقد أولتها أهمية بالغة، حيث تشير البيانات المتاحة إلى إطلاق شركات تكنولوجيا مالية ناشئة في مختلف أنحاء العالم، ضمن سمات وضوابط شرعية تدعم الخصوصية التي تتميز بها المنتجات الإسلامية وفي المقابل تتفاوت العلاقة بين القطاع المصرفي وشركات التكنولوجيا المالية، ويمكن القول بأن بعضها يشكل تهديدًا مباشرًا على شكل منافسة، مثل شركات التكنولوجيا الكبرى، في حين تميل أخرى لتشكيل علاقات قائمة على التعاون والمشاركة المتبادلة مثل شركات التكنولوجيا المالية الناشئة.

وأوصت الدراسة بمد جسور التواصل العلمي والبحثي بين التخصصات الأكاديمية في مجال التمويل والاقتصاد الإسلامي وبين الجهات المختصة في المجال العملي، من المتخصصين في الصناعة المالية والقطاع المصرفي الإسلامي إلى جانب الجهات الناشئة والمبتكرة، لتكثيف الجهود نحو تهيئة وتنظيم قطاع مالي رقمي آمن ومتنوع، يضمن لكافة الأطراف مساحة من المشاركة مع ضرورة قيام القطاع المصرفي الإسلامي بالتركيز على تطوير بنيته التحتية وتهيئتها، والتركيز على الجوانب التكنولوجية وإدارة مخاطرها وتداعيات استخدامها، بالإضافة إلى تهيئة وتزويد الكوادر العاملة بالخبرات التكنولوجية وتسخيرها لخدمة الخصوصية الشرعية التي يحتلها بها القطاع المصرفي الإسلامي مشددة على أهمية السعي الجاد نحو إطلاق مبادرات تعاونية بين القطاع المصرفي وشركات التكنولوجيا المالية، يتم من خلالها تبادل الأعمال تحت إشراف ورقابة حكومية صارمة، تضمن نقلة نوعية آمنة لكافة الأطراف وتكون خطوة أولى مهمة في حماية المستهلكين من سوء الاستخدام فضلا عن ضرورة اتباع المصارف الإسلامية خطوات التخطيط الاستراتيجي القائم على تحليل البيئة الداخلية والخارجية، والتركيز على مكامن القوة والضعف، للوصول إلى إدارة استباقية يستطيع من خلالها المصرف تجاوز التحديات والمخاطر الناتجة عن المنافسة في مجال التكنولوجيا المالية.

وأشارت الدراسة إلى أن استراتيجية بناء شراكات وتحالفات مع شركات التكنولوجيا المالية تشمل مجموعة من النماذج، مثل: التعاون، والشراء، والمشاركة، والاستثمار، والاحتضان أو التسريع وتعتمد هذه الاستراتيجية على افتراض أن البنوك تفتقر إلى المواهب اللازمة لدعم الابتكار، لذلك تسعى لتبني علاقة مبنية على "المصلحة المتبادلة" مع جهات خارجية حيث ينمو سوق الخدمات المالية القابل للتوجيه من خلال التحالفات التكميلية بين مختلف اللاعبين. ويتمثل التحدي الكبير للاعبين الحاليين في قدرة ثقافتهم التنظيمية على تبني نهج تعاوني مع المبتكرين الجدد والشركات الناشئة ويعتبر نموذج مختبر الابتكار الذي يجمع عدة بنوك للتعاون وتقديم التوجيه للشركات الناشئة لدعم أعمالهم، مثالًا واضحًا لتطبيق نموذج الشراكة والتعاون المتبادل.

واستعرضت الدراسة نموذج الابتكار المفتوح الذي يتجاوز التعاون البسيط إلى الاعتماد على نموذج من التعاون الداخلي والخارجي وتبادل المعرفة والأفكار، ويُترجم هذا النموذج على أنه عملية المشاركة في حلول التكنولوجيا، ورأس المال المعرفي، والموارد، من مصادر خارجية في وقت مبكر من عملية الابتكار، وغالبًا ما يتضمن ذلك مشاركة المنظم (البنك)، الأصول والخبرة والملكية الفكرية، مع المبتكرين الخارجيين، للمساعدة في توليد أفكار جديدة وتغيير الثقافة التنظيمية وتحديد وجذب مهارات جديدة واكتشاف مجالات جديدة للنمو. ويستلزم هذا الخيار خطوتين رئيسيتين: الأولى هي: تبادل المعرفة والأفكار والخبرة الفنية بين أصحاب المصلحة في نفس النظام البيئي والثانية هي: تنفيذ الأفكار أو الدراية بالمشروع، ومن الأمثلة على ذلك تضمين واجهة برمجة التطبيقات المفتوحة (API) الخاصة بالبنوك، للأطراف الثالثة للوصول إلى جميع مجالات النظام المصرفي، وتفكيك الخدمات ذات الصلة، وبناء خدمات جديدة استنادًا إلى النظام الأساسي للبنك لتسهيل الابتكار.

وسلطت الدراسة الضوء على الابتكار المغلق ومن خلال هذه استراتيجية تتجه البنوك لاعتمادها على مواردها الخاصة في الابتكار، بإجرائها أبحاث وتطويرات خاصة بها، ومن الأمثلة على ذلك تطوير أدوات وصناديق استثمارية خاصة، لإنشاء وتسريع الشركات الناشئة التابعة لها، ومع ذلك فالاستثمار في المشاريع الناشئة يولد مخاطر أعلى بكثير من الاستثمار في الأعمال التجارية القائمة ومن الواضح أن التكنولوجيا المالية ستقلل من الحاجة إلى الوسطاء الماليين (الشركات المالية المتخصصة، البنوك وغير البنوك على حد سواء، التي تسهّل المعاملات بين طرفين أو أكثر)؛ كما ستدفع الوسطاء إلى تغيير هياكلهم الداخلية (ربما ستؤدي إلى عمليات اندماج وشراكات وعمليات استحواذ، وغيرها)؛ أو من خلال إفساح المجال لدخول وسطاء ماليين جدد واستبدالهم بالوسطاء القديمين وستؤدي هذه الاستراتيجيات إلى إحداث حد فاصل في حياة المصارف، الأمر الذي قد يفرض على القطاع المصرفي اتخاذ إجراءات وقائية واستباقية تتعلق باستراتيجية التعامل مع المرحلة المقبلة بأسلوب حساس ومدروس للغاية.