في مثل هذا اليوم 29 نوفمبر عام 1947 صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 181 وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وكان مفاده ان يتم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود فيها حيث كان اليهود بطرق سرية ورسمية ومنظمة يهاجرون إلى فلسطين حتى أصبحوا كيانا ثابتا ونسبة التقسيم هي 55% للعرب وما يتبقى لليهود علي أن تبقى القدس منطقة دولية غير تابعة لأحد معين.
ووافقت إسرائيل على القرار وأعلنت قيام دولة إسرائيل أما العرب عامة رفضوه وأعدوا الجيوش لمنع تطبيق قرار 181 بالقوة، وبالفعل تحرك الجيش المصري وتحت ولايته قوات من دول عربية أخرى وتحرك الجيش الأردني أما الجيش السوري واللبناني فقد حارب قليلا ثم توقف عند حدود الهدنة.
وكانت بنيت خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، وتعود الفكرة الى ما قبل عشرة سنوات من صدور القرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحديدا فى السابع من شهر يوليو من العام 1937 وبعد مرور 19 عاما على وقوع الانتداب البريطانى على فلسطين، حينها شكلت الحكومة البريطانية فى شهر أغسطس من العام 1936 لجنة تحقيق بريطانية برئاسة اللورد روبرت بيل سميت اللجنة لاحقا باسمه "لجنة بيل"، بغرض دراسة الأسباب الأساسية لانتفاضة الشعب الفلسطينى فى أبريل من العام 1936، وقد ضمت اللجنة ستة أعضاء، وبعد مرور ستة أشهر من عملها فى فلسطين توصلت إلى نتيجة مفادها، أن تتخذ الحكومة البريطانية الخطوات اللازمة لإنهاء الانتداب وتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية وأخرى يهودية مع بقاء القدس وبيت لحم والناصرة تحت الانتداب البريطاني.
وكانت تلك المرة الأولى التى ترد فيها فكرة التقسيم، وأضافت اللجنة فى تقريرها "ما دام العرب يعتبرون اليهود غزاة دخلاء، وما دام اليهود يرمون إلى التوسع على حساب العرب فالحل الوحيد هو الفصل بين الشعبين، فتؤلف دولة يهودية فى الأراضى التى يكوِن اليهود أكثرية سكانها ودولة عربية فى المناطق الاخرى"، وقد سارع العرب إلى عقد مؤتمر عام فى دمشق بناء على دعوة "لجنة الدفاع عن فلسطين" سمى بـ "المؤتمر الفلسطينى العربى فى بلودان" فى الثامن والتاسع من سبتمبر1937، وقد كان أول مؤتمر عربى يناقش القضية الفلسطينية، وفيه أعرب المشاركون عن رفضهم الكامل لفكرة التقسيم واعتبار أن "فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، ورفض الانتداب ووعد بلفور والهجرة اليهودية والتقسيم وانتقال الأراضى ومقاومة إنشاء دولة يهودية".
وبعد الحرب العالمية الثانية وقيام الأمم المتحدة بدلا من عصبة الأمم، قامت الهيئة بتشكيل لجنة UNSCOP المتألفة من دول متعددة باستثناء الدول دائمة العضوية، وقامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلتين، وتدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية، وتمثل المشروع الثانى فى تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية، ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامى لتأسيس دولتين مستقلتين بإطار اقتصادى موحد.
وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الداعى للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسرى قرار التقسيم فى نفس اليوم الذى تنسحب فيه قوات الانتداب البريطانى من فلسطين، وأعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحرى (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصري)، ولم تكن صحراء النقب فى ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدنى، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التكتلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتلات داخل حدود الدولة اليهودية.
وفى نوفمبر 1947 بلغ عدد الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة 57 دولة فقط، وشارك فى تصويت 56 دولة، أى جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هى مملكة سيام (تايلاند حالياً)، ووافقت الدول العظمى فى ذلك الحين "الاتحاد السوفييتي، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا" على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التى دارت سلطة الانتداب والتى فضلت الامتناع ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك اليونان، والهند وكوبا.
وفى مساء 29 نوفمبر جرى التصويت فكان ثلاثة وثلاثون صوتا إلى جانب التقسيم، وثلاثة عشر صوتا ضده وامتنعت عشر دول عن التصويت، وغابت دولة واحدة.