شادية واحدة من أهم وأشهر المطربات والممثلات في تاريخ السينما المصرية، حيث قدمت العديد من الأدوار الناجحة والتي تعد علامة بارزة في تاريخ السينما حظيت، خلال مشوارها بجماهيرية واسعة وقدمت تنوع كبير بين الأدوار الكوميدية الدرامية والغنائية، كما لقبها النقاد بـ"دلوعة السينما"، ولدت في 8 فبراير عام 1931 واسمها الحقيقي فاطمة أحمد كمال شاكر وعرفت فنيًا باسم شادية.
واشتهرت بأدوارها الكوميدية والدرامية في الفترة الممتدة بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، وتعتبر إحدى الممثلات والمغنيات المبدعات في مصر والشرق الأوسط، واعتبرت رمزًا للعصر الذهبي للسينما المصرية، واعتبرها النقاد من أكثر الفنانات العربيات شهرة ونجاحًا في زمانها.
وكان أول ظهورٍ لها في فيلم "أزهار وأشواك"، وآخر أفلامها فكان "لا تسألني منْ أنا"، وبلغت شادية ذروة النجاح في الفترة الممتدة بين الخمسينيات والستينيات حيث مثلت فيما يزيد عن المئة فيلم وتألقت في أكثر من ثلاثين منها مع الممثل كمال الشناوي، وغنت برفقة عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش في مجموعةٍ من الأفلام مثل "معبودة الجماهير" عام 1967، كما ظهرت مع فاتن حمامة في "موعد مع الحياة" في 1954 وفي "المرأة المجهولة" عام 1959.
واقتصرت أعمالها المسرحية على مسرحية "ريا وسكينة" وبعد عودتها من العرض الأول للمسرحية قالت أنها فكرت مليًا بالاعتزال والتوبة، وفي الصباح التالي أخبرت المنتج أنها لم تعد تريد الظهور في الدور بعد ذلك اليوم إلا أنها وعدت في النهاية بإنهاء عملها، وبعد ذلك تقاعدت شادية وذهبت إلى مكة وهناك التقت بالشيخ المصري الشعراوي الذي أقنعها بارتداء الحجاب.
وتم تصنيف 6 من أفلامها بين أفضل مئة فيلم مصري في القرن العشرين، وأصبحت اول ممثلة تمنح الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون في مصر، وتم منحها لقب "معبودة الجماهير" بعد فيلمها الناجح الذي حمل ذات الاسم، ومن بين الألقاب البارزة التي أُطلقت عليها: "قيثارة الغناء العربي" و"القيثارة الذهبية".
وبلغت ثروتها الصافية 7 مليون دولار، وتزوجت في حياتها ثلاث مرات أولها كان زواجها من الممثل عماد حمدي عام 1953 على الرغم من رفض عائلتها لأنه يكبرها بعشرين عامًا، وواجه الزوجان ضائقة ماليةً كبيرة في أول فترة من زواجهما بسبب النفقة الشرعية التي طالبت بها طليقته الفنانة المعتزلة فتحية شريف، واستمر هذا الزواج ثلاث سنوات وانتهى بطلبها الطلاق بسبب صفعه إياها أمام أصدقائهما في إحدى الحفلات نتيجة غيرته الشديدة عليها.
وبعدها وقعت في حب فريد الأطرش ولكن نشبت بينهما بعض الخلافات مما أدى إلى افتراقهما، وبعدها تزوجت من المهندس عزيز فتحي الذي يصغرها بعدة سنوات، بعد تعارفهما بمدة قصيرة، ولم يستمر هذا الزواج سوى أقل من عام حيث اكتشفت أنه كان متزوجا قبلها ولم يخبرها بذلك وعندها بدأت المشاكل، إلا أنها حاولت الحفاظ على هذا الزواج وعملت على إدخال زوجها مجال التمثيل، إلا أنه لم يفلح في اختبار الأداء، مما جعله يضيق ذرعًا بعملها، عندها طلبت شادية الطلاق.
وتزوجت بعددها من الفنان صلاح ذوالفقار عام 1967 واستمر زواجهما عامين فقط ثم انفصلا عام 1969 بسبب حالتها النفسية السيئة بعد إصرارها على الإنجاب وتأكيد الأطباء خطورة ذلك على حياتها، إذ أنها حملت مرتين قبلًا في زواجيها السابقين ولم يكتمل الحمل، لكنها أصرت على قرارها، وفي الشهر الرابع مات الجنين فضاقت بها الحياة ودخلت في أزمة نفسية تسببت لها في العديد من المشاكل الزوجية.
وكانت تحتفظ في إحدى غرف منزلها بصور مراكب صيد زوجها الأول عماد حمدي، وكانت بطلة أول فيلم إنتاج مصري- ياباني حمل عنوان "على ضفاف النيل" عام 1961، وشاركها البطولة كل من محمود المليجي وكمال الشناوي وحسن يوسف.
وأولى قصص الحب التي وقعت بها عندما كانت تبلغ السابعة عشر من العمر عندما تقدم للزواج بها شاب ضابط يدعى أحمد، إلا أن القصة لم تكتمل بسبب استدعائه للمشاركة في حرب فلسطين عام 1948 واستشهاده يوم عرض أول فيلم لها بعد أن كانت قد رفضت جميع من تقدموا لخطبتها لأجله.
وبكت بعد أن رفضت الممثلة سناء سميح الجلوس بجوارها عند افتتاح فيلمها الأول "أزهار وأشواك" لأنها لم تكن ممثلة معروفة آنذاك.
وكان المسرح خاليًا من الجمهور عند عرض مسرحية "ريا وسكينة" لعدم تصديق الجمهور أن شادية تشارك في مسرحية إلى أن قام المنتج سمير خفاجي بنشر إعلان تلفزيوني حول المسرحية عندها امتلأ المسرح بالجمهور.
وكانت في خلال مشوارها قد اعتادت رفض المشاهد التي تضطرها لارتداء ملابس غير محتشمة، وفي عام 1962 توطدت علاقة شادية بنجيب محفوظ أشهر الروائيين الذين يكتبون للسينما وقتها، بعدما تعاقد المنتج جمال الليثي مع نجيب محفوظ تحويل رواية "اللص والكلاب" إلى فيلم سينمائي وكانت رؤية نجيب محفوظ أن أفضل من تلعب البطولة النسائية شادية وكمال الشناوي وعقد معهما لقاءات عديدة تحولت إلى صداقة وطيدة انتجت الفيلم الرائع واحد كلاسيكيات السينما العربية "اللص والكلاب" وهذه الصداقة بين الراوائي الكبير نجيب محفوظ وشادية أفرزت فيما بعد ثلاثة أفلام لأجمل روايات محفوظ وهي "زقاق المدق" 1963 إخراج حسن الإمام، و"الطريق" 1964 إخراج حسام الدين مصطفى، و"ميرامار" 1969 اخراج كمال الشيخ.
وهذه الصداقة كانت عائلية وثقافية الى حد بعيد فنجيب كان يهدي كل رواياته لشادية بتوقيعه والتى احتفظت بها في مكتبتها الى جوار مقالة كتبها عنها جاء فيها: "شادية من اكثر الممثلات فهما وتجسيدا للشخصيات التي مثلتها في رواياتي التي انتجت للسينما.. وفي رأيي لم تكن هناك ممثلة غيرها تصلح لاداء شخصية نور في فيلم "اللص والكلاب".
وحكت شادية أنه خلال مشوارها الفني بخاصة في بدايته بعد أن رفض والدها دخولها الفن كان يلازمها عند ذهابها أينما ذهبت لأداء الأدوار وبعدها كان والدها يوفد معها إلى الاستديو والدتها أو أحد أفراد الاسرة فى الأوقات التى يكون مشغولاً فيها ، كما خصص لها خادمة لا تفارقها أثناء التصوير وتجلس فى حجرتها حتى تنتهى شادية من عملها.
وقالت أن الخادمة ذات يوم دخلت البلاتوه وتصادف أن شادية كانت تؤدى وقتها البروفات على مشهد يصفعها فيه زميلها على وجهها، فصرخت الخادمة وهجمت على زميل شادية وهى تشتمه قائلة: "ضربة فى إيدك، بتضربها ليه هى بتشتغل عندك، راجل متختشيش، والنبى لاضرب تليفون لابوها واوريك".
وضحك الاستديو كلله على تصرف الخادمة واستأنفوا التصوير، وفجأة وجدت شادية والدها يقتحم الاستديو غاضبًا، والشر يتطاير من عينيه ، ليسألها: "مين اللى ضربك، هو التمثيل بالضرب"، ولم يهدأ والد شادية حتى أفهمته ما حدث، فضحك وضحك معه من فى الاستديو على تصرف الخادمة.
وبعد اعتزالها الفن كانت الفنانة شهيرة أقرب أصدقاءها حتى وفاتها، وفى أحد اللقاءات من النجمة شهيرة تم سؤالها عن الممثلين الذين أعجبت بهم شادية قالت إنها كانت تحب من الممثلات الفنانة حنان سليمان وتشيد بأدائها وتناولها لشخصياتها ومن الممثلين الفنان أحمد عز.
وفي 4 نوفمبر عام 2017 دخلت شادية المستشفى بعد إصابتها بسكتة دماغية في القاهرة، ووضعت تحت العناية المركزة، وقد صرح ابن أخيها خالد شاكر أنها تعافت من السكتة ويمكنها التعرف على أقاربها والأشخاص الذي حولها، غير أنه أضاف أن مرضها كان معقدًا بسبب إصابتها بالتهاب رئوي، واستقرت حالتها الصحية في 9 نوفمبر وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارتها في ذلك اليوم في مستشفى الجلاء، وصرح ابن أخيها أن أول الكلمات التي نطقت بها عند استقرار حالتها كانت "أريد العودة إلى الوطن"، إلا أنها كانت لا تزال تعاني من صعوبة في الكلام، حتى توفيت في 28 نوفمبر متأثرة بفشل في الجهاز التنفسي بسبب الالتهاب الرئوي.