يعد الغناء أحد الفنون التي عرفتها مصر منذ القدم، وقد أبدع الفراعنة في صناعة آلات الموسيقى كما ظهر منهم مغنون أبدعوا في غناء الكلمات.
وبالحديث عن أول مغنية ظهرت في العصر الحديث، فكانت ساكنة بك، التي جاءت للقاهرة وهي صغيرة السن وتعتبر أقدم المغنيات فى العصر الحديث بعد مجموعة من مغنيات العصر المملوكى.
كما لمع اسمها فى عصر محمد على، حيث كانت تغنى وتحيى ليالى السمر فى أكشاك الأزبكية، التى كان يغلب على الأداء فيها فرق الشارع أو جوقات الجيش والبوليس وأحيانا مسرح خيال الظل وبعض الموسيقيين ممن يؤدون الغناء الشعبى.
كانت ساكنة بك تتميز بأنها متعلمة ولبقة الحديث وعذبة اللسان سهلة المعشر أنيسة فى المجالس ذكية وسريعة الخاطر، هادئة جداً فى كلامها قوية فى الغناء، متدينة تحفظ القرآن وقارئة له بصوت عذب.
لذا فإنها أصبحت ممن يدعى إلى القصور لإحياء المناسبات وأضحت تحيى الليالي في قصور الأمراء، كما أنها غنت فى فرح أبناء إبراهيم باشا، كما ذاع صيتها فى عصر عباس الأول ثم سعيد باشا، حيث بزغ نجمها فى سماء الغناء.
يشار إلى أنها غنت باللغة العامية، فتعلق بها المصريون كتعلقهم فى منتصف القرن الماضى بأم كلثوم، كما أعجب بغنائها الأتراك أيضاً وذاع صيتها، وفاقت شهرتها الرجال من أمثال عبد الرحيم مسلوب وأحمد الشلشلمونى وقصطندى منسي.
ظلت المطربة ساكنة تتمتع بالشهرة والمجد الفني، حتى ظهرت المطربة ألمظ ذات الصوت الرخيم فتجاهلتها ساكنة فى بداية الأمر، ولكنها لم تستطع الوقوف ضد نجاحها ومنع إقبال الناس عليها، ولهذا رأت أنه من المصلحة أن تضمها إلى فرقتها فتكون فيها تابعة لها وتحت إشرافها.
وحرصت "ساكنة بك" على فتح مضيفتها للزائرين تقرأ لهم القرآن فى ليالي رمضان والمناسبات الدينية، كما عرف عنها الكرم على الناس إلى حد التبذير، كما كان يصرف لها جراية شهرية من البلاط.
وبشأن توقيت وفاتها، فقد اختلفت الآراء حول موعد وفاتها، ما بين أواخر عهد الخديو توفيق أو أوائل عهد الخديو عباس حلمى الثانى بين سنة 1892 وسنة 1898بعد مرض مفاجئ ألم بها، وماتت دون أن تترك ثروة من ورائها رغم شهرتها إذ كانت كثيرة السخاء على نفسها وأقاربها وأصدقائها.