أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت، أن خبراء الصحة في العالم يشعرون بقلق كبير حيال ظهور سلالة "أوميكرون" المُتحورة من فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" نظرًا لاحتمالية أن تكون أكثر قابلية للانتقال وأشد مقاومة للقاحات، وذلك لاحتوائها على سلسلة طفرات جينية غير مسبوقة.
وأوضحت الصحيفة (في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الالكتروني) أن المتحور الجديد، الذي انتشر لأول مرة في جنوب أفريقيا، يحمل عددًا كبيرًا من الطفرات في البروتين الشائك الخاص به، والذي يلعب دورا رئيسيًا في دخول الفيروس إلى خلايا جسم الإنسان، كما يحتوي على 50 طفرة بشكل عام، بما في ذلك أكثر من 30 طفرة على البروتين الشائك وحده والذي تستهدفه معظم لقاحات كورونا الحالية. الأمر الذي يمكن أن يجعله أكثر قابلية للانتقال من متغير دلتا السائد وأكثر عرضة للتهرب من الحماية المناعية التي تمنحها اللقاحات أو العدوى السابقة.
وأضافت الصحيفة أن العلماء حول العالم قلقون لسببين رئيسيين؛ أحدهما وبائي يتعلق بالسرعة التي انتشر بها المتحور في جنوب إفريقيا، لا سيما في مقاطعة جوتنج التي تضم مدينتي جوهانسبرج وبريتوريا، حيث تضاعفت الحالات اليومية في جنوب أفريقيا لأكثر من ثلاثة أضعاف منذ يوم الثلاثاء الماضي، مع تسجيل 2828 حالة يوم أمس الجمعة، وأشارت نتائج الاختبارات المبكرة إلى أن 90 في المائة من الحالات الجديدة المُسجلة يوم الأربعاء في جوتنج كانت ناجمة عن البديل الجديد.
تعليقا على ذلك، قال شارون بيكوك، أستاذ الصحة العامة وعلم الأحياء الدقيقة في جامعة كامبريدج،في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز: إن القيمة آر، التي تقيس معدل نمو الوباء، قدرت بـ 1.93 في جوتنج؛ حيث يتركز أوميكرون، وهذا بالمقارنة مع 1.47 لجنوب أفريقيا ككل.
أما السبب الآخر الذي يقف وراء قلق العلماء، فهو المظهر الجيني غير المعتاد للمتحور؛ حيث وصف جيفري باريت، مدير مبادرة "علم جينوم كوفيد-19" في معهد ويلكوم سانجر في بريطانيا، أوميكرون بأنه "متحور غير مسبوق" من طفرات أربعة متغيرات سابقة مثيرة للقلق: ألفا وبيتا وجاما ودلتا. وأضاف أن هناك تغيرات جينية أخرى لم نشهدها من قبل ولا تزال أهميتها غير معروفة حتى الآن.
ويعتقد العلماء أن التغييرات الشاملة في أوميكرون وفي البديل آلفا الذي تفشى في الخريف الماضي في إنجلترا هي نتيجة عدوى طويلة الأمد في شخص مجهول الهوية يتعرض نظامه المناعي للخطر من خلال المرض أو العلاج الطبي الخاطئ.
وقال سلومير كوبيك، خبير أبحاث الجينوم في مركز Sophia Genetics للتكنولوجيا الحيوية ومقرها جنيف، إن العديد من طفرات أوميكرون جاءت "من العدم تمامًا" ولم يتم ملاحظتها من قبل في سلالات أخرى. لذلك، فإن العلماء "لديهم رؤية قليلة جدًا تكاد تكون معدومة حتى الآن حول ما تفعله هذه الطفرات الجديدة لكيفية عمل الفيروس"، كما أوضح، مضيفًا أنه بمجرد أن يبدأ في الانتشار على نطاق واسع، ستصبح "لياقته الحقيقية" واضحة.
في الوقت نفسه، قال كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي: "بينما يدق المتحور الجديد ناقوس الخطر، تستمر اللقاحات في الوقاية من الأمراض الخطيرة". وأضاف: "حتى يتم اختبار المتحور الجديد بدقة، لا نعلم ما إذا كان سيتغلب على الأجسام المضادة التي تحميكم من الفيروس أم لا". مع ذلك، أعلنت العديد من الشركات المنتجة للقاحات مضادة لفيروس كورونا عن خطط لمواجهة المتحور الجديد.
فقد بدأت شركة نوفافاكس للأدوية العمل على تطوير لقاحها كي يناسب متحور "أوميكرون". وقالت الشركة إنها تأمل في أن يكون اللقاح الجديد جاهزا للاختبار والتصنيع في غضون أسابيع.
كما أعربت شركات أخرى مطورة للقاحات مضادة لفيروس كورونا عن تفاؤلها المشوب بالحذر حيال قدرها على التصدي لأي تحديات محتملة تنتج عن المتحور الجديد.
وقالت شركة بيونتيك إنها تستطيع إنتاج وشحن نسخة محدثة من لقاحها المضادة للوباء خلال مئة يوم، حال اكتشاف أن النسخة الجديدة من الفيروس يمكنها التغلب على المناعة التي يحدثها لقاحها الحالي.
