استحوذت حادثة غرق ٢٧ مهاجرا فى بحر المانش، على اهتمام الصحف البريطانية، فى نهاية الأسبوع الماضي، وقالت صحيفة «إندبندنت» إن أكثر من ٣٠ مهاجرا لقوا حتفهم بشكل مأساوى وهم يحاولون الوصول إلى بر الأمان فى المملكة المتحدة، وكان لدى هؤلاء الناس آمال وأحلام وأصدقاء وعائلة، ولم يكن ينبغى أبدًا وضعهم فى وضع يكون فيه خيارهم الوحيد هو عبور امتداد مميت من الماء، وأن الرأى العام البريطانى يتفق على ضرورة إنهاء هذه المعابر الخطرة، فلا أحد يريد أن يرى أناسًا يموتون على بعد ١٥ ميلًا من السواحل، ولكن بدلًا من اتباع نهج واقعى وعاطفي، تعمل الحكومة على ضمان أن تصبح القناة أكثر خطورة وفتكًا بشكل متزايد.
وأوضحت «إندبندنت» أنه فى حين أن زيادة أعداد الأشخاص الذين يسعون للحصول على اللجوء ويمنحون له فى المملكة المتحدة، قد قلل من عدد مرات عبور القناة إلا أنه منذ انتشار وباء كورونا، تم إغلاق أو تقليص طرق تقديم طلب اللجوء خارج المملكة المتحدة، ولم تلتزم الحكومة بإعادة فتحها بدلًا من ذلك، اعتمد الوزراء بشكل متزايد على محاولة منع الناس من دخول المملكة المتحدة فى المقام الأول.
وتابعت الصحيفة البريطانية «نحن نعلم بالفعل أن أولئك الذين يحاولون الوصول إلى المملكة المتحدة من فرنسا لديهم سبب حقيقى للقيام بذلك، لماذا يخاطرون بحياتهم على معبر خطير ما لم يكونوا قد وصلوا إلى بر الأمان بعد؟ السلامة هى أكثر بكثير من الأرض التى نقف عليها - إنها تتعلق بالقدرة على البدء من جديد، إنها تتعلق بالمجتمع، والأسرة، والعمل، وعدم الشعور بالعزلة، السلامة ليست دولة إنه شعور فطرى بالانتماء والرفاهية، ومن المنطقى أن يرغب الأشخاص الذين لديهم أقارب وأصدقاء فى المملكة المتحدة، ويتحدثون الإنجليزية، ويأتون من دول لها علاقات تاريخية - وحتى استعمارية - مع المملكة المتحدة فى البحث عن ملاذ هنا».
ولفتت «إندبندنت» إلى أنه بدلًا من قبول أن هناك حاجة حقيقية لضمان وصول الناس إلى المملكة المتحدة، اتخذت الحكومة نهجًا معاكسًا، ولقد قوبلت طلبات التعاون مع السلطات الفرنسية بمواقف شجاعة، وقد قلبت الحكومة أنوفها إلى حد كبير فى التعاون الدولي، لصالح مقترحات قاسية مثل عمليات الإعادة غير القانونية فى البحر وحتى الأسوار العالية، ومع ارتفاع الإنفاق على الحدود، ارتفع سعر المهربين مقابل المعابر.
وقالت الصحيفة إن المقترحات الأخيرة من وزارة الداخلية البريطانية هزلية ومعقدة - بما فى ذلك استخدام آلات الأمواج لمنع القوارب من الوصول إلى شواطئ المملكة المتحدة، فهذه المقترحات ليست فقط غير قابلة للتطبيق، بل إنها مصممة لاستخدام طالبى اللجوء كلاعب كرة قدم سياسية، بقصد متابعة العناوين الرئيسية بدلًا من الوصول إلى جذور المشكلة، وعلينا أن نسأل أنفسنا سؤالًا حقيقيًا هنا - هل تحاول الحكومة البريطانية إيقاف مهربى البشر والرحلات الخطرة، أم أنها تحاول منع اللاجئين من القدوم إلى هذا البلد على الإطلاق؟
وتابعت «إذا كان النهج هو التأكد من أن المملكة المتحدة تتمسك بالتزامها بالحماية الدولية للاجئين، فإن الحكومة ستضمن أنها تعمل مع السلطات الفرنسية لتزويد الناس بطريقة آمنة للسفر، والطريقة الوحيدة لكسر «نموذج العمل» لتهريب الأشخاص والاتجار بهم هى ضمان تزويد الأشخاص اليائسين بطرق جديدة للبحث عن الأمان، وعدم الاعتماد على الأساليب التى يقدمها لهم الراغبون فى استغلالهم.
وأكد وزير الدولة البريطانى لشئون الهجرة كيفن فوستر أن المملكة المتحدة مصممة على مواجهة نموذج الأعمال «الشرير» لمهربى البشر، وذلك إثر غرق ٢٧ شخصا أثناء محاولتهم عبور القنال الإنجليزى (بحر المانش) من فرنسا.
وقال فوستر إنه يتعين على المملكة المتحدة وفرنسا وبقية دول أوروبا تنسيق الجهود لمواجهة المشكلة، وذلك فى أعقاب أكبر خسارة فى الأرواح تُسجل فى القنال.
وألقى القبض على خمسة أشخاص لصلتهم بالحادث. وقال مسئولون فرنسيون إنه من بين الغرقى ١٧ رجلا وسبع نساء - واحدة منهن كانت حاملًا - وثلاثة أطفال.
وقال وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانين سابقا إن القارب كان يحمل على متنه ٣٤ شخصا.