ساعات قليلة تفصلنا عن العرس الثقافي والحضاري المصري، الذي يتابعه الملايين حول العالم بشغف كبير، ففي السابعة والنصف مساءا تنطلق احتفالات افتتاح طريق الكباش بالأقصر، والتي تعقد بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولفيف من الشخصيات الدبلوماسية الدولية رفيعة المستوى، والمسؤولين المصريين.
وتستهدف الدولة في المقام الأول من الاحتفال إعادة إحياء الحضارة المصرية العظيمة بشكل يليق بمصر ما يساهم في الترويج السياحي لمصر كمقصد هو الأفضل عالميا في السياحة الثقافية والأثرية.
من ناحيتها، قالت غادة شلبي، نائب وزير السياحة والآثار، إن فعالية افتتاح الكباش هي احتفال ترويجي بالمقام الأول يستهدف رسم صورة ذهنية متطورة وحديثة ونقل نبض مدينة الأقصر بواقعها الآمن للعالم من خلال فعالية ستكون مبهرة.
وأضافت شلبي، في تصريحات خاصة للبوابة نيوز، أن الفعالية تتماشى مع استراتيجية الوزارة للترويج الخارجي بالتعاقد مع التحالف الأجنبي الذي سينفذ حملتنا المقبلة بالخارج، والتي ترتكز على الأحداث والفعاليات، أي الأدوات المتحركة للتسويق وليس مجرد الصور، موضحة أن فعالية الافتتاح سوف يضيف نوعا من الحركة للمدينة بشكل لم يراه العالم من قبل، كأكبر متحف مفتوح وكذا أكبر مسرح مفتوح لعرض الحضارة المصرية العظيمة، وهو مالم يحدث في العالم.
ونوهت نائب الوزير، بأن الفعالية سوف يحضرها عدد كبير من القنوات ووكالات الأنباء العالمية، حيث تتجه الأنظار إلى مصر الآن لمتابعة الفعاليات المبهرة غدا، مشيرة إلى أن مصر كانت تقدم الحملات الترويجية للسياحة الثقافية بشكل نمطي دون ابتكار، متابعة: "ولكن الآن فنحن نجعل الآثار هي من تنطق وتروج لنفسها".
وأشارت: "نتلقى يوميا طلبات من منشآت فندقية وسياحية للحصول على شهادة السلامة الصحية، وراجعنا في الوزارة المنشآت التي حصلت بالفعل على الشهادة وكان من الضرورى تكثيف لجان الرقابة والمتابعة عليها للتدقيق في الالتزام بالاشتراطات الصحية والسلامة المهنية"، مشيرة إلى أنها اهتمت بلقاء ممثلي كافة الأجهزة الرقابية بالأقصر أمس، خلال زيارتها، لبحث التعاون في المتابعة الدورية للمنشآت الفندقية والسياحية، وتقديم أفضل خدمة سياحية ممكنة، وكان أصحاب الفنادق والمستثمرين الأكثر حرصا على تلك المتابعة والرقابة خاصة على الفلاتر وخزانات المياه وحفظ الطعام، وذلك شعورا بالمسئولية من جانبهم تجاه مصر.
وأكدت شلبي، أن السياحة مسألة عرض وطلب، لذا فهناك توازن بين الغرف الفندقية المتاحة والحركة المتوافدة على الأقصر، ولكن يمكن أن نحتاج لمزيد من الاستثمارات الفندقية مستقبلا، مشددة على أنه يجري غلق أي منشأة مخالفة للاشتراطات الصحية مهما تكلف الأمر فلا يوجد لدى الوزارة ما هو أهم من صحة وسلامة السائحين.
وحول ما تحتاجه المحافظة في المستقبل، ركزت شلبي على أهمية توافر استثمارات في الترفيه والحياة الليلية بالأقصر، والصعيد كافة، وكذا ربط أكبر بالسياحة الشاطئية سواء بالطيران أو بقطار سريع أو شبكة طرق، متوقعة زيادة عدد رحلات الشارتر المباشرة للأقصر عقب فعالية الكباش من عدة أسواق أهمها إسبانيا وأمريكا وجنوب أوروبا والشرق الأقصى –الذي لا يزال لديه حظر للسفر-، ثم الدول العربية التي ستبدأ النظر للأقصر بشكل مختلف عما سبق مع وجود منشآت سياحية متميزة، وسياحة نيلية كلاسيكية ساحرة.
وأشارت إلى مدارس العالم تدرس مادة الحضارة الفرعونية بداية من الصف الرابع الابتدائي بشكل يغلبه الغموض والتشويق، وبالتالي سوف تجتذب المحافظة مصوري الأفلام وبيوت الأزياء وعروض مسرحية عالمية نظرا لشغف الجميع بالأماكن الأثرية المصرية.
وتابعت، نائب الوزير، إن السياحة من القطاعات التي لقيت اهتمام كبير من القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، ثم كافة الوزارات التي تعاونت وتكاتفت مع القطاع السياحي في محنته، كما أن حضور الرئيس السيسي شخصيا للفعاليات السياحية والأثرية يبعث برسالة للعالم حول مدى اهتمام مصر بصناعة السياحة وتزيد من ثقة المؤسسات المالية والسياحة العالمية في المقصد السياحي المصري.
فيما قال أحمد عربي مدير معبد الأقصر، إن المسمى العلمي لطريق الكباش هو: "طريق الاحتفالات والمواكب الكبرى"، وهو الطريق البري للإله آمون، موضحا أن الأجسام ذات رأس الكبش "الخروف" المتواجدة به هي رمز للإله آمون.
وأضاف عربي في تصريحات خاصة للبوابة نيوز، أن المراكب المقدسة للثالوث "آمون وموت وخنسو" كانت تأتي من الكرنك لزيارة الملكة في معبد الأقصر، وذلك في شهر بابه القبطي، موضحا أن احتفالية الغد تعتبر إحياء لهذا المسار التاريخي في توقيته، وبدأ تطوير الطريق منذ الأسرة 18 في عهد الملك أمنحتب، ثم الملك نختنبو الأول في الأسرة 30 الذي أحدث أكبر تطوير بهذا الطريق، عندما وضع جسم أسد برأس إنسان ليرمز إليه.
وأشار إلى أن الخروف –الكبش-، كان يرمز للإله "خنو" وهو رمزا لبداية الخليقة، ومن ثم أطلق عليه طريق الكباش، وفي العصر الحديث نمت حوله صناعات النبيذ والأواني الفخارية والزهور، لافتا إلى أن الطريق أكتشف عام 1949 على يد الدكتور زكريا غنيم الذي أزال الردم أعلى الطريق وأخرج 4 كباش من الناحية الشرقية ومثلهما من الناحية الغربية، ثم توالى اكتشافات الحفائر أمام معبد الأقصر، وأخيرا تم اكتشاف 64 كبش على بعد 350 مترا من المعبد.
وأكد أن الاحتفالية سوف تزيد من الحركة السياحية حيث ستربط بين الماضي والحاضر، ونعيد صياغة احتفالات المصري القديم في الهواء الطلق وبنفس الأسلوب، ما يعد ظاهرة جديرة باحترام العالم، كما أنها اول احتفالية من عام 1949 عندما بدأ العمل به، وتوالت إنجازات الأثريين في الاكتشافات والتطوير بهذا الموقع على مر السنوات.
ولفت إلى أن الأقصر بدأت تستقبل سائحين من الهند والشرق الآسيوي، تدريجيا، وساهم في ذلك اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنويع المنتجات السياحية والأسواق التي نجلب منها الحركة.
وتابع بأنه تم عمل بنرات تحكي تاريخ الطريق والحفائر به، ومن عملوا على اكتشافه على مر السنوات، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية.
قال محمد عثمان رئيس لجنة تسويق الأقصر السياحية ان احتفالية افتتاح طريق الكباش سوف تعيد الحياة لشوارع الأقصر التي عانت توقف الحركة السياحية خلال فترة جائحة كورونا، مشيرا الى أنه تمت اضاءة البر الغربي باللون الذهبي كي يتماشى معبد الأقصر وطريق الكباش وكذا المنازل المطلة عليه.
وأكد عثمان في تصريحات خاصة ان الطلب السياحي على الأقصر زاد بنسبة ٣٥% بعدما حدث تغيير في البرامج السياحية التي طلبت مد فترة الإقامة لمتابعة الاحتفال، مضيفا أن العديد من بيوت الأزياء العالمية طلبت تنظيم عروض لها في محل احتفالية الكباش ما يؤكد ان الاحتفالية قد بدأت في تحقيق أهدافها من قبل ان تبدأ خاصة في الترويج للسياحة المصرية الثقافية بالخارج.
وتابع بان افتتاح طريق الكباش سوف تستمر تداعياته وآثاره الإيجابية لعشرة سنوات مقبلة وذلك طبقا لما نراه من اهتمام عالمي بمتابعة الحدث، خاصة وأنه سيجرى بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وهى رسالة بمدى اهتمام الدولة المصرية بالسياحة الثقافية وإعادة إحياء التراث والحضارة المصرية مثلما حدث بموكب المومياوات بالقاهرة والذي تلاه توافد أعداد غفيرة الى المتحف القومي بالحضارات.
ينطلق الحفل الأسطورى لافتتاح طريق الكباش في الساعة 7.30 مساء اليوم الخميس ، وسيكون هناك وحدات بث تليفزيونى HD لنقل الحفل للعالم، بالإضافة إلى وجود 15 كاميرا فى أرجاء المعبد وطريق الكباش.
الخميس، معبد الأقصر أمام الزيارة، وإلغاء عروض الصوت والضوء بمعبد الكرنك.
الجدير بالذكر أن وزارة السياحة والاثار قررت اغلاق معبدي الأقصر والكرنك أمام الزيارات اليوم وإلغاء عروض الصوت والضوء وذلك في إطار الاستعدادات والتجهيزات اللازمة لإقامة فعالية حفل طريق الكباش"، لإبراز المقومات السياحية والأثرية الفريدة لمحافظة الأقصر والترويج السياحي لها.